بقلم : عمرو الشوبكي
مع الأسف ليس كل ما هو مدون حقيقيًا، بين الحين والآخر نكتشف حقائق مسكوتًا عنها، العديد من الوقائع التى كنا نعتبرها لا تحتمل أدنى شك قد نلحظ، بعد مرور السنوات، وغالبًا فى الوقت الضائع، بعد أن يغيب شهود الإثبات، أنها مرتع لكل أنواع الشك.
بعض من الأفلام التى تنتظر العرض حاليًا نتابع اتهامات بسرقة أفكارها، وبالطبع لا أحد يعتد بالاتهام طالما لم يؤيده حكم قضائى، الحياة الفنية تشير إلى حكايات مماثلة، أصحابها فضلوا الصمت، مثلاً بعد رحيل أديبنا الكبير نجيب محفوظ، لاحظنا وقتها أن لدينا فيلمًا شهيرًا (شباب امرأة) الذى شارك رسميًا فى مهرجان كان قبل 65 عامًا وأخرجه صلاح أبوسيف ولعبت بطولته تحية كاريوكا وشكرى سرحان، كنا نعتبر أن نجيب محفوظ شارك فى كتابة السيناريو، لأنه فى كل أحاديثه أشار إلى ذلك، ولم ندقق أن (التترات) لا يوجد عليها اسم محفوظ، سألت المخرج الراحل توفيق صالح وهو أصغر أصدقاء نجيب محفوظ فى مجموعة (الحرافيش)، قال لى إن السيناريو بالفعل شارك فى كتابته نجيب، ولكن لحساسية علاقته بكاتب القصة السينمائية أمين يوسف غراب، والذى كان أيضا كاتبا روائيا، وجد أنه من الأفضل ألا يكتب اسمه، وفى المذكرات التى وثقها الكاتب الصحفى عادل حمودة قبل عام لصلاح أبوسيف أكد أن محفوظ شارك فى السيناريو، بينما غراب تمكن بطريقة غير مشروعة من الحصول على ورقة من نقابة السينمائيين تؤكد أنه فقط كاتب السيناريو، هل نتعامل مع الوثيقة القانونية؟ فى هذه الحالة لا يمكن الإشارة لاسم نجيب محفوظ. المخرج محمد خان أشار إلى أن الكاتب محفوظ عبدالرحمن شارك فى كتابة فيلم (أيام السادات) المنسوب للكاتب أحمد بهجت، كما ترددت أيضا أسماء أخرى على السيناريو مثل على سالم الصديق الأقرب لأحمد زكى، بطل ومنتج الفيلم، عندما سألت محفوظ عبدالرحمن، كاتب فيلم (ناصر 56)، أنكر تمامًا أى علاقة له بفيلم (السادات) وأضاف أنه كتب مشهدًا واحدًا لم يصوره خان!!.
مثلا المخرج الكبير كمال الشيخ قال لى، فى تسجيل تليفزيونى أجريته معه، إن الفيلم الشهير (الصعود للهاوية) لعب بطولته محمود يسن ومديحة كامل تأليف صالح مرسى، إلا أن الشيخ أوضح أن الكاتب الحقيقى رأفت الميهى، لم يستطع الشيخ كتابة اسمه على (التترات) لحساسية تلك القضية المرتبطة بالمخابرات المصرية.
أحيانًا نكتشف تضارب مصادر التوثيق، مونولوج (عينى علينا يا أهل الفن) لإسماعيل يسن، كنت أعتقد أنه من تأليف أبوالسعود الإبيارى، وهو ما كان يعتقده أيضا ابنه الكاتب أحمد الإبيارى، بينما الإذاعة المصرية تنسبه للشاعر (ابن الليل) والتلحين لإسماعيل يسن، وفى جمعية المؤلفين والملحنين لن تجد أساسًا أى أوراق لهذا المونولوج، لا تأليف ولا تلحين، فهو (ساقط قيد).
مثلا قال لى الملحن محمد الموجى إن لديه بصمات على لحنين من غناء عبدالوهاب وهما (أحبك وانت فاكرنى)، و(حبيبى لعبته الهجر والجفا)، بينما الأداء العلنى يحصل عليه عبدالوهاب.
الباحث المدقق لا يتعامل إلا مع (التترات) أو الورق المعتمد، وما دون ذلك يظل أقرب إلى فضفضة (طق حنك) باللبنانى، أو (فش غل) بالمصرى، وهذا العمود من حقك أن تعتبره (طق فش).
tarekelshinnawi@yahoo.com