بقلم : طارق الشناوي
كان الرهان عليه لا يتجاوز (عود الكبريت)، أثبت أنه (ولاعة) تشتعل أكثر من مرة.
عرفه الناس مع نهاية القرن العشرين واستمر يشغلهم نحو ربع قرن، صحيح لم يواصل نفس القدر من النجاح، إلا أنه لم يتحول إلى فعل ماض، لا يمتلك صوتًا، ولا يتذكر له الناس سوى أغنيات قليلة بعد (أحمد حلمى إتجوز عايدة / كتب كتابهم الشيخ رمضان)، لم يردد له الشارع سوى (من أول يناير ح أبطل السجاير)، وقبلها كانت القنبلة (أكره إسرائيل وبحب عمرو موسى) لتضعه فى مكانة أخرى، ولأول مرة يتردد اسم رجل سياسى غير رئيس الجمهورية، حتى إن البعض فسر إبعاد موسى عن وزارة الخارجية بأنه أحد توابع إعلان حب الشارع له، ولهذا أهداه عمرو موسى كتابه الذى كان يروى فيه سيرة حياته.
شعبان لم يدرك الفارق بين الغناء والجريدة الناطقة، ربما كان هناك من يطلب منه مواكبة الأحداث، فكان يغنى فى كل المواقف السياسية والاجتماعية، التى تعيشها أسرة حسنى مبارك، مثلا ينجب جمال مبارك ابنته فريدة فيغنى لحفيدة الرئيس، أو يغنى لمبارك مؤكدا أنه يؤيده لولاية سادسة لو أراد، ويؤيد أيضا جمال رئيسا لو أراد مبارك (الأب).
حتى المقاول محمد على قدم عنه أغنية، أظنها الأخيرة المسجلة له، رددها جالسا، كان قد بدأ يعانى من مشكلة فى الحركة لازمته فى السنوات الأخيرة.
تلقائية شعبان مدت فى عمره الفنى، رغم أنه لم يحقق أى نجاح كمؤدٍ للأغانى الشعبية، صعدت أسماء بعده مثل عبد الباسط حمودة وسعد الصغير ومحمود الليثى، ثم أخيرا مطربو المهرجانات حمو بيكا وكسبرة وحنجرة وشطا وغيرهم، ورغم ذلك ظلت الفضائيات بين الحين والآخر تستضيفه، تضاءل تواجده الفنى السينمائى والمسرحى، فى عز ذروة حضوره الشعبى، كان يشارك فى بطولة مسرحيتين فى نفس الوقت، اعتبروه تميمة مضمونة للنجاح.
سيعيش له فيلم (مواطن ومخبر وحرامى) لعب هو دور الحرامى، هكذا وضع المخرج الكبير داوود عبد السيد عينه على شعبان فى بطولة مشتركة مع هند صبرى وخالد أبو النجا وصلاح عبد الله، بينما مثلا حاولوا استثماره بعدها فى بطولة مطلقة لفيلم (فلاح فى الكونجرس) ليحتل الشاشة كلها فلم يُسفر الأمر سوى عن الفشل الذريع، داوود أدرك أن القليل فقط أمام الكاميرا من شعبان سيتقبله الناس فضبط الجرعة (الشعبانية).
لم يعش فى سنواته الأخيرة مرحلة الأفول، تناقصت قطعا مساحات الشغف، إلا أنه ظل مطلوبا وله ثمن فى سوق الغناء، والدليل أنه شارك قبل شهر فى حفلات مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية، رغم أنه كان يجلس على كرسى.
شعبان لا يقرأ ولا يكتب ولم يحاول، لم يستشعر أنه بحاجة إلى أى إضافة أخرى، الصدفة هى التى خططت حياته، حتى التعبير الشائع (إيييييه)، والذى قدمه فى نهاية كل مقاطع أغانيه، جاء صدفة، لم يكن يحفظ سوى شطرة واحدة من الأغنية، وبعد أن ينتهى منها يقول للشاعر (إييييه) يقصد إيه كمان أقوله، فيلقنه المؤلف الملاكى إسلام خليل الكلمات ليرددها على نفس الرتم والنغمة، وأثناء المونتاج أبقوا على (إييييه)، حتى اسمه الفنى شعبان اختاره لأنه اتولد فى شهر شعبان، تم تحوير شعبان إلى شعبولا، والآن غادرنا شعبولا وسنفتقد أجمل (إيييييه)!!.