بقلم : طارق الشناوي
من الحالات النادرة فى أغانينا مشاركة أكثر من ملحن فى الإبداع، أشهرها أغنيات (هو وهى)، التى جمعت بين كل من الكبيرين كمال الطويل وعمار الشريعى؟
أتيح لى أن أستمع إلى (بروفات) تعود لنحو 35 عاما مع الصديق العزيز الموسيقار زياد الطويل، التسجيلات تحاول الإجابة عن ولادة تلك الأغنيات، وأشهرها (الشيكولاتة) و(خالى البيه)، ووجدت خيطا لو أمسكنا به وحللناه لاقتربنا من الحقيقة، الخط النغمى فى تلحين الكلمات كمال الطويل، بينما (اللزم) الموسيقية والمقدمة والتوزيع والتنفيذ عمار الشريعى، لم يذكر أحد أبدا إجابة قاطعة، كل منهما منح الآخر فضل النجاح، بينما سعاد فى كل أحاديثها كانت تذكر فقط أن الأغانى تلحين الطويل، وحدثت بعدها جفوة- بل خصومة- بين سعاد وعمار، حاول عمار أكثر من مرة تنبيهها، الطويل أيضا طلب منها أكثر من مرة ألا تغفل اسم عمار، فلم تستجب، قرر عمار الانتقام، أسند الأغنيتين، للمطربة الشعبية فاطمة عيد، بدون علم ولا موافقة الطويل، مع الزمن لم يعد الناس يتذكرون سوى صوت سعاد حسنى، ولم يكرر الطويل الاشتراك فى التلحين مع أحد ولا عمار أيضا فعلها.
(جينات) الإبداع كيف تتجزأ؟ أشهر ثنائى عرفناه هما الأخوان (رحبانى) عاصى ومنصور، صحيح سبقهما تاريخيا ومن لبنان أيضا الأخوان (فليفل) محمد وأحمد، واضعا النشيد الوطنى السورى، ولكن ظل الرحبانية مع صوت فيروز، أهم وأشهر مثال فى التاريخ الموسيقى العربى على ثنائية الإبداع، عندما أثير فى حياتهما السؤال، كانت إجابة عاصى ومنصور واحدة وقاطعة، لا ندرى كيف حدثت الدفقة الإبداعية، من أمسك بتلك الومضة الموسيقية أو التقط تلك اللمحة الشاعرية، وإن كانت فيروز بعد رحيل زوجها عاصى عام 86، كانت قاصرة فى الغناء على موسيقى وكلمات ابنها زياد، وتناثرت أقاويل هنا وهناك، تؤكد أن نصيب عاصى أكبر، كان البعض يردد أن منصور حاسة الشاعر لديه أكثر وهجا، بينما عاصى هو النغمة، إلا أن التجربة العلمية أثبتت بعد رحيل عاصى، أن منصور ظل، وعلى مدى 23 عاما، مبدعا بمفرده للموسيقى.
الموسيقار محمد عبد الوهاب التقى كثيرا مع الأخوين وفيروز، ولحن ثلاث أغنيات (مُر بى) و(سكن الليل) و(سهار)، وتولى التوزيع الموسيقى الأخوان، كما كان من المنتظر أن يجمعهما لقاءً رابع فى (ضى القناديل) من تأليف وتوزيع الأخوين وتلحين عبد الوهاب، فيروز لم تتحمس، فكانت من نصيب عبد الحليم حافظ، اقتراب عبد الوهاب من (الأخوين) أتاح له الفرصة ليدلى بدلوه للدائرة القريبة، عبد الوهاب رأى أيضا أن عاصى به ومضة إبداعية أكبر فى الموسيقى، بينما الشعر، خاصة الفصيح، لمنصور، بالطبع لو أذيعت بروفات الرحبانية وفيروز لاقتربنا أكثر من الحقيقة.
وثيقة الطويل والشريعى قدمت لنا بداية الإجابة، الإذاعة المصرية عندما تقدم أغنيات (هو وهى)، يذكر مذيع الهواء أنها من تلحين كمال الطويل، بالاشتراك مع عمار الشريعى، ورحل الطويل عن عالمنا 2003، والشريعى عاش بعده نحو عشرة أعوام، ولم يعترض أن يأتى اسمه تاليا ومشاركا الطويل، وظل سر وسحر ولغز (شيكولاتة سعاد)، يبحث عن إجابة!!.