توقيت القاهرة المحلي 22:02:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الرجل الذي باع ظهره».. أوروبا مفتاح الجنة أم باب الجحيم!!

  مصر اليوم -

«الرجل الذي باع ظهره» أوروبا مفتاح الجنة أم باب الجحيم

بقلم : طارق الشناوي

تستطيع أن تصدر حكما قاطعا على أى مهرجان من خلال الأفلام المشاركة فى فعالياته وأيضا التنظيم، مهما نجحت ودفعت الكثير فى استقطاب الأفضل، سيطيح بكل تلك الإنجازات سوء التنظيم، بنسبة كبيرة هناك التزام بالتوقيت فى العروض والندوات، يتميز المهرجان أو الأيام أيضا كما يطلقون عليها بعامل ثالث أراه الأكثر أهمية وتأثيرا وهو الجمهور العاشق للفن، الشارع التونسى لا يخلو أبدا من تلك اللمحات، وأنا شاهد عليها خلال نحو 30 عاما كنت ألبى فيها دعوة المهرجان، منذ عام 92، عندما تلقيت أول دعوة لـ( قرطاج)، ألمح فى الشارع صوت أم كلثوم يعانق صوت فيروز ويأتى من بعيد لطفى بوشناق وصابر الربيعى،، تجد بعد قليل على الرصيف فرقة موسيقية تعزف وترقص وتغنى بكل لغات العالم، الدائرة تتسع لمن يريد الالتحاق بتلك المجموعة، الشارع الرئيسى فى تونس العاصمة (الحبيب بورقيبة) تجد فيه تلك الأجواء (الكوزموبوليتان) تتعدد الثقافات والأنماط، ترى حالة متشابكة من الأزياء تعبر عن سماحة المجتمع فى التعامل مع كل القناعات والأذواق، الحجاب والميكروجيب، لا أحد من حقه المصادرة، ولا توجد مثلا تلك النظرات التى تعبر عن وجهة نظر رافضة لما يرتديه الآخر، ناهيك عن أننى لم أقرأ أبدا فى أى شارع جانبى على الجدران شروط الحجاب الشرعى وغيرها من الكلمات التى تعلن أن صوتا واحدا هو فقط صاحب المرجعية ويملك بيده الحقيقة والصواب، ربما حاول البعض فى تونس قبل سنوات فرض هذا الرأى وتلك القناعة، إلا أن المجتمع قبل الدولة صادر تلك الأصوات المتطرفة.

ملمح أراه حيويا وهو حضور المرأة فى الشارع وفى المهرجان بمختلف أنماطه والأفلام أيضا المشاركة بالمهرجان ستلمح بدون تعمد أن المرأة لها نصيب معتبر وبلا تعسف، حرية المرأة ليست أبدا على حساب الرجل ولكنها تؤكد حريته، الرجل الحر هو فقط من لا يصادر حق نصف المجتمع فى الاختيار.

افتتح المهرجان رسميا بالفيلم التونسى (الرجل الذى باع ظهره) وهو الشريط السينمائى الذى افتتح به مهرجان (الجونة) قبل نحو شهر ونصف الشهر، الفيلم يمثل تونس فى مسابقة (أوسكار) أفضل فيلم أجنبى هذه الدورة، وفى تونس تتكون لجنة من عدد محدود جدا من السينمائيين لاختيار الأفضل الذى يحق له أن يمثل الوطن عالميا بينما فى مصر لاحظنا فى السنوات الأخيرة أكثر من مرة أن نقابة السينمائيين المسؤولة عن مخاطبة الأكاديمية الدولية لعلوم وفنون الأوسكار الأمريكية تخضع لأصحاب الصوت العالى، لأنه من المستحيل فى ظل هذا العدد الضخم والمبالغ فيه من الأعضاء السماح بتبادل الآراء والنقاش الهادئ.

(الرجل الذى باع ظهره) يتناول الإنسان المقهور وكيف يواجه العالم، صحيح أنه سورى الهوية، إلا أن السيناريو كان حريصا على أن تتسع الرؤية أكثر لتشمل كل المقهورين فى دنيا الله الواسعة، حلم الحصول على (فيزا) هو حلمه، ليس فقط الأسير ولكنه أيضا حلمه الوحيد فهى مفتاح الجنة وهو مستعد أن يدفع الثمن مهما بلغت فداحته، ليس لديه أى بديل آخر، إلا أنه يكتشف أنه يفقد إنسانيته، الفيلم لا يدين فقط من يبيع ولكنه يطلق كل نيران الغضب ضد من يشترى.

استوقفتنى (التيمة) التى احتوت المهرجان وتوقفت عندها كثيرا، هى الاستعادة بتنويعاتها، سنرى العديد من الأفلام التى حظيت بالجوائز طوال تاريخ المهرجان مثل (المخدوعون) توفيق صالح و(صمت القصور) مفيدة تلاتلى و(حكاية مدينة) محمد ملص و(ميكروفون) أحمد عبدالله و(العصفور) يوسف شاهين و(عرق البلح) رضوان الكاشف و(أبدا لم يكونوا أطفالا) محمود سليمان وغيرها.. المخرج رضا الباهى رئيس المهرجان، حرص على أن ينقل لنا حيرته وحيرتنا أيضا، عندما تحدث عن تلك الدورة التى أسندت له إدارتها، وكان يخطط لها بكل جدية، فهو معاصر لانطلاق المهرجان ويعلم جيدا أين مواطن القصور التى عليه تلافيها، وأين أيضا الكسور التى عليه جبرها، ولكن مع (كورونا) لا أحلام خارج النص، وطبقا لما قاله فى الافتتاح، خطط لكى يقدم للعالم كله كيف أن الثقافة والسينما تحديدا باعتبارها فنا جماهيريا ستظل نورا مشعا، العروض تستمر، رغم كل شىء، وأتوقف عند هذا الحدث، وكيف نستعيد الأفلام، نعم نرممها حتى نحافظ على التاريخ، ونعيد عرضها فى كل المناسبات ومختلف المنصات المتاحة وأيضا هناك ملمح آخر رأيته مثلما فعل المركز الوطنى السينمائى التونسى وعرض فى الافتتاح أفلام (المصباح المظلم) طارق الخلادى و(الوقت الذى يمر) سنية الشامخى و(على عتبات السيدة) فوزى الشيلى (ماندا) هيفل بن يوسف و(سوداء 2) الحبيب المنستيرى، وهى بمثابة رؤية معاصرة لأفلام قديمة فى الذاكرة.

فكرة استوقفتنى، ماذا لو أعادنا صياغتها برؤية عصرية مثلا من خلال المركز السينمائى المصرى لتقديم عدد من أفلامنا الكبرى والتى حفرت ملامحها فى وجداننا، كتجربة مغايرة برؤية أخرى ساخرة وهو ما يعرف عالميا بـ(البارودى)، أفلام مثل (شباب امرأة) و(باب الحديد) و(إحنا التلامذة) و(يوميات نائب فى الأرياف) و(العزيمة) وغيرها، من الممكن أن تقدم كأفلام قصيرة تحمل وجهة نظر تقف على الجانب الآخر تماما ـ نحيل الموقف التراجيدى إلى كوميديا ولا يتجاوز العمل الفنى بضع دقائق.

(التيمة) الواحدة من الممكن أن تصبح هى الخط العام وهو نوع تلجأ إليه السينما مثل (الويسترن اسباجيتى)، الذى قدمه الإيطاليون للسخرية من (الويسترن الأمريكى)، فكرة أقدمها للكاتب محمد الباسوسى، المسؤول الجديد عن المركز القومى المصرى، ليفكر جديا بكل أبعادها ومن خلالها يفتح الباب أمام مواهب جديدة.

وتتواصل عروض مهرجان قرطاج وغدا نُكمل!!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الرجل الذي باع ظهره» أوروبا مفتاح الجنة أم باب الجحيم «الرجل الذي باع ظهره» أوروبا مفتاح الجنة أم باب الجحيم



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:23 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة
  مصر اليوم - أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة

GMT 13:51 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة
  مصر اليوم - ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة

GMT 21:37 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تؤكد على أهمية تنمية العلاقات مع السعودية
  مصر اليوم - إيران تؤكد على أهمية تنمية العلاقات مع السعودية

GMT 17:01 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس
  مصر اليوم - أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 22:02 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إحالة عمرو دياب إلى المحاكمة في واقعة صفع شاب
  مصر اليوم - إحالة عمرو دياب إلى المحاكمة في واقعة صفع شاب

GMT 13:37 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مكون غذائي يساعد في تسريع تعافي العضلات بعد التمرين

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 06:54 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 05:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 09:00 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

جرح فلسطين المفتوح

GMT 12:11 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

5 طرق للقضاء على مشكلة الشعر المتقصف بلا رجعة

GMT 04:36 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جهود مكثفة لكشف غموض اختفاء فتاة في أسيوط
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon