بقلم : طارق الشناوي
هل المطلوب من المواطن المصرى أن يرى الفوضى ويصمت، أن يتابع اختراق القانون عينى عينك ويظل ملتزمًا بالفُرجة، البعض اعتقد خطأ أن الدولة تخشى من فضح الفساد بحجة أن أعداء الوطن يقفون على الباب متربصين، وسوف يستغلون الواقعة للتشهير بنا.
مجلس تأديب كلية التجارة بجامعة دمنهور كان يعتقد أنه يرضى المسؤول بإصدار قرار فصل الطالب مصطفى شعلان. الجريمة أن وائل الإبراشى عندما سأله فى برنامجه (العاشرة مساء) عن إجراءات الاحتراز فى الجامعة ذكر أنها غير مطبقة وتكدس الطلبة فى المدرجات هو الصورة الثابتة، الطالب قال الحقيقة التى نعلمها جميعا ونقلها عنه تليفزيون الدولة الرسمى، ومقدم البرنامج يعلم بالضبط أين الضوء الأخضر لما هو مسموح، فما هو الجرم إذن؟، الدولة حريصة على إعلان الحقيقة ومعاقبة المذنب، ولكنهم بسبب رهانهم العشوائى على ما يعتقدون أنه رأى الدولة عاقبوا الطالب على كلمة حق لو قال غيرها لأصبح شيطانًا أخرس.
لا أقصر الرؤية على كلية أو حتى جامعة أو وزارة، هذا هو مع الأسف السائد، مذيعة أجرت معها جريدة قومية حوارًا أشادت فيه بالإذاعة والقيادات ولم تذكر أبدا أى سلبيات، رغم أن الإذاعة حافلة بالعديد منها، إلا أن خطأها الذى لم يغفره لها أحد أنها تحدثت بدون الحصول على إذن من رئيسها المباشر.
كتب الشاعر الكبير كامل الشناوى قبل ثورة 52 (أنت فى صمتك مرغم/ أنت فى حبك مكره)، وعندما قامت الثورة أحالها بصوت عبد الوهاب إلى (كنت فى صمتك مرغم/ كنت فى حبك مكره)، هل هذا هو ما يريدونه الصمت مرغم والحب مكره، هناك شىء خاطئ فى التفسير، ما هو مطلوب من المواطن أن يفعله؟ التستر على خطأ يحيله إلى خطيئة، هؤلاء الذين يزايدون على الصمت هم بالتحديد من يجب عقابهم، الإصلاح يبدأ أولا بالدهشة ثم الجهر بالرأى، ولكن عندما نعقد معاهدة صلح مع التسيب والفساد نصبح مشاركين فى الجريمة.
أهم ما حدث فى تلك الواقعة أنها صارت (تريند) لتؤكد أن القسط الأكبر من الشباب، يمتلك همًا وطنيًا. لقد سبق فى جامعة المنصورة قبل نحو عام أن تقدم طالب لخطبة طالبة اعتبروها واقعة تغتال الوقار الجامعى وتمت أيضا معاقبة الطالب بتهديده بالفصل، السلاح الباتر بالفصل ينبغى على وزارة التعليم العالى إلغاؤه أو فى الحد الأدنى تقنينه حتى لا يتحول إلى فزاعة ترهب الجميع، وسلاح عشوائى يطلقه المسؤول فى كل الاتجاهات، بحجة الحفاظ على قيم المجتمع.
أتصور أن هناك من سيتصدى لهذا العبث الذى فاق كل ما يمكن السكوت عليه، القضية مؤكد ليست الطالب مصطفى شعلان، ولكن قضية وطن نحافظ عليه جميعًا ونحميه بسياج من الصدق والصراحة، وعلينا جميعا أن (نرى ونسمع ونتكلم).