بقلم : طارق الشناوي
أقرأ باستمتاع للعديد من الكاتبات أمثال أحلام مستغانمى (الجزائر)، نوال السعداوى وسناء البيسى (مصر)، غادة السمان (سوريا)، وأتابع بشغف أفلام نادين لبكى (لبنان)، وساندرا نشأت وهالة خليل وكاملة أبوذكرى (مصر)، هيفاء المنصور (السعودية)، ومفيدة تلاتلى وكوثر بن هنية (تونس)، وفى مجال الشعر الغنائى أرى كوثر مصطفى (علِّى صوتك بالغنا) لديها ومضات خاصة، وفى الكتابة الدرامية مريم ناعوم اسمها صار مرادفا للجودة، وغيرهن فى كل المجالات، لم أضبط نفسى متلبسا ولا مرة بالتحيز لهن كنساء، الإبداع هو (الترمومتر).
أغلب ما تصرح به المبدعات المتحققات، لا يحمل أى مشاعر تدخل تحت طائلة الإحساس بالقهر، الموهبة تفرض نفسها، المعاناة ليست نسائية بالضرورة، ولكن لأنها قررت احتراف مهنة، لا يزال قسط وافر من المجتمع يتحفظ على الاعتراف أساسا بها، تاريخيا مثلا، نكتشف، أن والد أم كلثوم الشيخ إبراهيم، شجعها فى مطلع القرن العشرين لاحتراف الغناء، وفى نفس الفترة الزمنية، كان شقيق عبد الوهاب الشيخ حسن، ينهال على جسد عبد الوهاب النحيل ضربا (بالفلكة)، وبالمناسبة (الفلكة) لمن لا يعرف، إحدى أدوات التعذيب العنيفة، ويقال إن منشأها يعود لقدماء المصريين.
كثيرا ما نقرأ عن ضرورة تمكين المرأة ومنحها (كوتة)، نسبة إجبارية، فى كل التنظيمات والتظاهرات، شاهدنا مثلا بعض المهرجانات مثل (برلين)، يتباهى منظموه أنهم يختارون نحو نصف أفلام المسابقة الرسمية بتوقيع نساء، الأوسكار وضع أيضا مؤخرا معايير تنحاز للأفلام التى تحمل بصمة النساء.
هل المرأة عالميا وليس فقط عربيا أو مصريا تتوارى أحيانا عن الصدارة؟.. فى الألفية الثالثة لاحظنا ذلك، فهى تحصل على الأجر الأقل من الرجل، بينما لو عدت للسينما المصرية منذ الأربعينيات وحتى الثمانينيات، تكتشف أن ليلى مراد وفاتن حمامة وسعاد حسنى كن الأعلى أجرا من النجوم الرجال، وهن أيضا اللاتى تتصدر أسماؤهن شباك التذاكر قبل النجوم، ناهيك عن خصوصية السينما المصرية، التى قامت على أكتاف نساء مصريات مثل عزيزة أمير وبهيجة حافظ وأمينة محمد، أو من أصول لبنانية مثل آسيا ومارى كوينى.
المبدع بالدرجة الأولى يتجاوز حدوده الجغرافية والبيئية والعرقية والدينية وأيضا الجنسية ليصل إلى العمق وهو الإنسان!!.
الإبداع يستمد وقوده من العقل، الذى لا يفرق بين رجل وامرأة، أتفهم فى المسابقات الرياضية أن يتم هذا الفصل العنصرى، ولكن لم يحدث أن تم رصد جائزة (أوسكار) لأفضل مخرجة أو كاتبة أو مونتيرة، الجائزة التى تحصل عليها المرأة تتحقق قيمتها لأنها اقتنصتها من الجميع نساء ورجالاً، نلاحظ مؤخرا أن هناك اتجاها لكى تُصبح جائزة تمثيل واحدة يقتنصها رجل أو امرأة!!.
المرأة حظيت بجوائز فى أكبرالمهرجانات، وفى أهم مسابقة مثل «الأوسكار»، وذلك قبل نحو اثنى عشر عاما مثلا عندما فازت المخرجة كاثرين بيجيلو عن فيلم (خزانة الآلام) أمام طليقها «جيمس كاميرون» الذى كان ينافسها بـ (أفاتار).
فى الفن والثقافة أرى أن النساء لسن بحاجة إلى استخدام سلاح (الكوتة)، فهن قادرات على فرض حضورهن بسلاح أكثر فتكًا اسمه الإبداع!!.