بقلم : طارق الشناوي
شاهدت هانى شاكر يغنى (بنت الجيران) مع وفاء الكيلانى على قناة (دى إم سى) فى برنامجها (السيرة)، أثنى على الأغنية وأكد أن نجاحها ليس له علاقة بكلمات (ح أشرب خمور وحشيش) التى تم استبدالها فى عدد من التسجيلات بـ(من غيرك مش ح أعرف أعيش)، فى نهاية اللقاء أضاف بعض السخرية من أداء حسن شاكوش، وهى من المرات النادرة فى الألفية الثالثة، التى يحقق فيها هانى شاكر درجة كثافة مشاهدة، تجاوزت المليون. هل تستبعد أن يغنى هانى شاكر مهرجانات؟ بالمناسبة سبق له الغناء من تلحين عمر كمال ملحن (بنت الجيران). أنا شخصيًّا أعتقد أن هانى سيفعلها.
(افرض مثلًا... مثلًا يعنى) أن شاكوش هو الذى سخر فى البرنامج من أداء هانى، هل يمر الأمر بتلك البساطة؟ أم أنهم سيعتبرونه يتجاوز فى حق رمز غنائى، ويطالبون بتطبيق أقصى العقوبات وشطبه من جداول النقابة؟ تلك هى المشكلة، خلل المعيار الزئبقى الذى يتحرك وفقًا للمصالح، سبق أن طلب هانى قبل أسابيع من كل القنوات الفضائية، عدم استضافتهم، بينما هو الآن يغنى لهم، ويشيد بـ(بنت الجيران)!.
لدينا هانى آخر، أقصد عازف الأورج والملحن الكبير هانى مهنا، وجد نفسه فى مأزق عندما غنى فى فرح ابنته هنادى على أحمد خالد صالح، كل من حمو بيكا وشاكوش وعمر كمال. دافع عن نفسه قائلًا إنه لم يوجه لهم الدعوة، ثم ثبت كذب ادعائه، فقال إن ابنته هى التى وجهت الدعوة، الطعنة كانت أكبر من الصمت فدافعوا عن أنفسهم واضطر مهنا للاعتذار.
أعد النظر للواقعتين، شاكر ومهنا، هما سعيدان بالأغنية، تلك هى الازدواجية التى نعيشها فى العديد من مظاهر الحياة، نعلن غير ما نبطن، تابعت تصريحات العديد من المطربين العرب عن مطربى المهرجانات، أغلبهم يتحسسون غضب النقابة المصرية التى تملك الكثير من الأوراق؛ ولهذا يتحفظون فى الرأى حتى لا يحسب عليهم شىء.
التعالى على المزاج الجماهيرى واحد من أكبر آفات المجتمعات، النقابة نفسها فى جزء من قراراتها ستلمح أن التخبط هو قانونها، تفتح الشباك أم تغلقه؟، يقولون سننشئ لهم شعبة ثم يؤكدون أبدًا ولا الهوا، ثم يقيمون امتحانًا ويقبلون عددًا منهم، يلقون دائمًا بورقة (حمو بيكا) الذى انفلتت منه الكلمات فى حق النقيب والمجلس، لا أحد من الممكن أن يغض الطرف على التجاوز، ليس هناك مبرر لأى تطاول، صحيح أن (حمو) فى كل أحاديثه يقدم اعتذاره وندمه للنقيب والنقابة، إلا أن الأمر برمته يظل خاضعًا لتقدير النقابة.
ويبقى التعالى على مزاج الناس، كتب لأحمد عدوية شعراء كبار مثل مأمون الشناوى وصلاح جاهين ولحن له أسماء بحجم كمال الطويل وبليغ حمدى وسيد مكاوى وهانى شنودة وغيرهم، وفى عز الهجوم الكاسح الذى كان يتلقاه بعد أن تحول فى الضمير الجمعى المصرى خلال السبعينيات والثمانينيات إلى معادل موضوعى للإسفاف، ستجد أنه يتلقى عن (السح الدح امبوه) تحديدًا إشادة من نجيب محفوظ، كان أديبنا الكبير صادقًا مع وجدانه، ليتهم ينصتون لعدالة الوجدان!!