بقلم : طارق الشناوي
كنت متعاطفًا مع الكابتن طيار الذي فقد وظيفته وعلى مدى الحياة أراها عقوبة مبالغًا فيها، وتذكرت مقولة أستاذ قبيلة الساخرين في الألفية الثالثة الراحل جلال عامر (أحيانا القاضى ليس ظالمًا، القانون هو الظالم)، ما أقدم عليه الطيار برغم تكراره مع العديد من الشخصيات العامة، يعد في عرف قانون الطيران جريمة متكاملة الأركان، تستحق أقصى أنواع العقاب، لأنه من الممكن أن يؤدى- ولو بنسبة لا تتجاوز واحدا في المليون- إلى كارثة.
تعاطفت مع الطيار الذي كان سينهى خدمته بعد سنوات قلائل، إلا أنه أنهاها مضطرًا وموصومًا بسحب رخصة الطيران نهائيًا، شعرت في البداية بفداحة الثمن الذي دفعه، ولكن ما حدث بعد ذلك من الطيار، أفقدنى أي تعاطف، فهو يريد الحصول على تعويض من رمضان يصل كما قال إلى 9 ملايين ونصف المليون جنيه، هذه هي الجريمة الأولى والثانية أنه يُنكر إقدامه على ذلك، بينما لا ينكر أنه ومحاميه دائما الاتصال برمضان وشقيقه محمود ومحاميه، فهل هما يبعثان إليه رنات (الموبايل) مثلا للاطمئنان على صحته؟!.
مأساة أخرى يعيشها الطيار، كلما حاول الخروج من حفرة يجد نفسه وقد انزلق إلى «دحديرة»، طلب من رمضان مساعدته للخروج من أزمته ووعده خيرا، ولكن مثل هذه القضايا التي نرى فيها الرأى العام مشاركًا في تتابعها، لا يمكن التعامل معها بأى قدر من التراخى، حتى لو كان من الممكن مثلا الاكتفاء بتوجيه اللوم أو الإيقاف لفترة محددة، خاصة وكما ذكر الطيار أنها السابقة الأولى له وسجله ناصع البياض، القانون يتعامل عادة بقدر من الرأفة والتسامح مع السابقة الأولى وينزل بالعقوبة للحدود الدنيا.
امتلأ (النت) بوقائع مماثلة لعدد من النجوم، ولكنها عدت وكأنها لم تكن، لأن لا أحد استوقفته الحكاية، الطيار يؤكد أنه لم يرتكب جريمة، ولكن النشر على مواقع التواصل الاجتماعى الذي أقدم عليه رمضان، بدون استئذانه هو الجريمة، وهو سؤال يستحق أن نتأمله، هل الجرائم من هذا النوع يجب أن يتوفر فيها شرط العلانية، السب والقذف مقترنة بالعلنية، ولكن جريمة مثل أن يسمح الطيار بأن يجلس بجواره في (الكابينة) زائر أو صديق حتى لو افتقدت شرط العلانية لا يعنى هذا أنها لم تعد جريمة.
كابتن الطائرة الخاصة يعود باللائمة على «رمضان» لأنه ورطه، وربما ما ذكره هو الحقيقة، ولكنه يتجاهل إقدامه على فعل محرم أساسًا، لم يعتذر عن الفعل بل حاول التبرير بأن الطائرة خاصة وكابينة الطيار ليس لها باب وأنه لا يستقل هذه الطائرة عادة سوى عدد محدود جدا من الـ(فى أي بى)، وهؤلاء مثلا هل على رأسهم ريشة؟.
نظرة متدنية للقانون يجب أن نعترف بكونها متفشية بين قطاع وافر من المجتمع، يمنحون لأنفسهم ريشة تتيح لهم الحق في الخروج على القانون.
جرائم الطيار الكبرى التي لم يحاكم بسببها، هي تلك التي جاءت بعد سماحه بجلوس رمضان بجواره وكأنه يقول له (طير إنت) فاكتشف أنه (طار هو) !!.