توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سفينة «نوح» لا تزال تُبحر

  مصر اليوم -

سفينة «نوح» لا تزال تُبحر

بقلم : طارق الشناوي

لم يكن محمد نوح مجرد مطرب وملحن حقق جماهيرية طاغية، بقدر ما كان زعيمًا يقود اتجاهًا، ويحرك دفة، ويوجه بوصلة.. من يستطيع التواجد بقوة فى زمن أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم وفريد والموجى وبليغ، ليتوحد مع مشاعرنا مرددا آمالنا وآلامنا؟!. حدث نوع من التماثل بين نوح وسيد درويش، أتصور أن مسرحية سيد درويش التى شهدت بدايته الفنية قبل نحو ستين عاما ظلت تسكنه.

سيد درويش لم يمكث فى هذه الدنيا سوى 32 عامًا، ورحل عام 1923، بعد أن أعلن البيان الأول لثورة موسيقية فى مجال التعبير، حيث أن كانت رهنا للتطريب، وهو ما أراد نوح منذ مطلع السبعينيات استكماله. بينهما قدر من التماثل الشكلى، ربما بسبب عشق نوح لدرويش تبدلت حتى ملامحه، وعاش قدرًا من التوحد اللاشعورى.

كان صوته يهدر بين الملايين فى الميادين بعد هزيمة 67 (مدد شدى حيلك يا بلد)، فأصبح أهم حالة غنائية.

أراد تشييد مشروعه الموسيقى متعدد الطوابق، درس فى أمريكا أكاديميًا، وغرق فى الفولكلور، كان قد سبقه بليغ حمدى بقليل، وسبقهما فى الحقيقة محمود الشريف، أخذت الحياة الغنائية كلا من الشريف وبليغ بعيدا، بينما نوح أخلص فى البحث والتنقيب.

ملامح المشروع لم تكتمل على أرض الواقع، الذى اكتمل ذروتين، وهما مسرحية (انقلاب) جمعت بين نيللى وإيمان البحر درويش وصلاح جاهين والمخرج والمنتج جلال الشرقاوى، الذى مزج بين الشاشة السينمائية وخشبة المسرح، فكانت بحق انقلابًا مسرحيًا.. وفى مرحلة موازية وضع الموسيقى التصويرية لفيلم يوسف شاهين (المهاجر)، واحدة من أهم ما شهدته السينما المصرية طوال تاريخها فى براعة استخدام الموسيقى تعبيريًا.

حقق الفيلم أداءً علنيًا غير مسبوق بعد عرضه تجاريًا خارج الحدود، قانون الملكية الفكرية يطبق فى العالم وتمنح الأفلام نسبة من إيراد الشباك لصاحب الموسيقى التصويرية، حالة استثنائية لم تتحقق من قبل، عاود «نوح» التجربة مع «يوسف شاهين» فى فيلم (إسكندرية كمان وكمان)، ظل (المهاجر) هو الذروة.

عاشت مصر أكثر من نهار مع نوح.. فرقة مسرحية، واستوديو مجهز على أحدث طراز، وحفلات هنا وهناك على أرض المحروسة، كلها تحت مظلة (النهار)، كان يتمتع بروح الفنان المغامر وليس رجل الاقتصاد، فخسر كل أمواله قبل أن يستكمل حلمه، وفى نهاية الأمر أنشأ فرقة عائلية تغنى وتعزف باسم (أبناء نوح)، ووجدها فى النهاية (عزب شو) مجرد (قفشة) لتقديم فقرة ساخرة على المسرح.

عاش «نوح» فى سنواته الأخيرة حالة من الانزواء، فلم نره إلا فى مسلسل (حنين) يؤدى دور أحد أصدقاء عمر الشريف، ولم يكن للمسلسل أى حضور لكل من شارك فيه، انضم لحزب الوفد أيام فؤاد سراج الدين، وأراد أن يقول عمليًا أإن الحياة تحتاج لتعدد الآراء، إلا أنه لم يستمر طويلا بعد رحيل فؤاد باشا.

يستحق تراث نوح الكثير من البحث والدراسات المتخصصة، لوضعه فى مكانته التى يستحقها فى تاريخنا، قبل ثمانى سنوات غادرنا الربان ولا تزال سفينة (نوح) تُبحر فى بحر الموسيقى المتلاطم محتفظة بكنوز الإبداع.. فمن يلقى إليها بطوق النجاة؟!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سفينة «نوح» لا تزال تُبحر سفينة «نوح» لا تزال تُبحر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon