بقلم : طارق الشناوي
الفارق فى الحروف، والنطق ضئيل جدا، بينما الزمن يفصل بينهما نحو 20 عاما، وهو أيضا يعادل الفارق العمرى تقريبا بين محمد سعد بطل (الليمبى) وأمير المصرى بطل (ليمبو)، الأول صفة ارتبطت بصعود نجومية محمد سعد منذ فيلم (الناظر) عام 2000 والثانى حصل الخميس الماضى على جائزة (الهرم الذهبى).
لا أحب التعسف فى الجمع بين شخصيتين أو فيلمين، ولكن تذكرت كيف أننا استقبلنا كلًا من النجمين بحفاوة، وكل منهما بدأ خطوته فى أدوار صغيرة ثم صار هو العنوان، سعد كان هو الألفا لجيل (المضحكون الجدد) بعد أن انتزع الراية من هنيدى، وعلى مدى نحو خمس سنوات تصدر المشهد، قبل أن يخنقه (الليمبى) بينما أمير تواجد على خريطة السينما العالمية بعد دورين أو ثلاثة فى أفلام مثل (مبروك أبو العلمين) أمام هنيدى و(الثلاثة يشتغلونها) أمام ياسمين عبد العزيز. ذكرنى أمير بما كنت قد كتبته عنه قبل أكثر من عشر سنوات وتوقعت أنه سيخطو للقمة.
أمير يتقدم بلا دعاية ولا صخب إلى السينما العالمية، حتى هذه اللحظة لا يعد نجما عالميا ولكنه وضع قدمه على بداية الطريق، تعودنا أن نطلق ضفة عالمى على أى فنان ظهر فى عدة مشاهد، أو حتى مشهد، فى أى فيلم يأتى من الغرب، ولو سألت النجم سيقول: (وأنا مالى.. الصحفيين هم إللى قالوا). يعيش عدد من الفنانين فى وهم العالمية، مثل خالد النبوى أو محمد كريم.
فى كل الأحوال ليس هذا موضوعنا، دعونا نتصور مثلا أن فيلم (ليمبو) أتيح له عرضا تجاريا، أكيد لن يتجاوز الأمر سينما (زاوية) بعدد محدود من الحفلات، مع الزمن من الممكن عن طريق التراكم أن يتحقق لتلك النوعيات جماهيرية، كما أن أمير والذى يفكر جديا فى التواجد داخل خريطة السينما المصرية سيواصل مشواره فى أفلام أخرى، تحقق له مكانة عند الجمهور المصرى.
على المقابل، دعونا نتذكر محمد سعد الذى انطلق من (الناظر) بشخصية (الليمبى) وبدأت تتشكل ملامحها، أمام الكاميرا، من خلال هذا الثلاثى: سعد والكاتب أحمد عبد الله والمخرج شريف عرفة، كعادة شريف التقط الومضة، لم يكن شريف فى البداية متحمسًا لسعد فى هذا الدور الصغير، وأثناء التنفيذ أمسك عرفة بروح الشخصية وبدأت تكبر أمامه وزاد عدد المشاهد، شريف كثيرا ما يتدخل فى السيناريو، لو وجد أن هذا الممثل سيضيف، ثم بدأت رحلة سعد مع (الليمبى) منفردا، وحذره عرفة من الاستسلام، طلب منه أن يخرج منها سريعا، سعد لم يلق بالاً للنصيحة، حتى وصل مع الجمهور لمرحلة التشبع، وواجه بعدها الخفوت ثم الانحسار الجماهيرى، ألقى له عرفه قبل عامين بطوق النجاة فيلم (الكنز)، عرفه أحضر عفريت (اللمبى) وقرر أن يصرف العفريت، إلا أن سعد عاد مجددا إلى اللمبى فى فيلم (محمد حسين) ليخنق نفسه بنفسه، يهرب من الليمبى إلى الليمبى، بينما أمير المصرى أراه أكثر إدراكًا للقادم.
(ليمبى) و(ليبمو) بقدر ما يعبر عن فارق ضئيل فى الحروف إلا أنه شاسع جدا فى المعنى، سعد موهبة حقيقية قتلها (الليمبى) بينما أمير موهبة استثنائية سيصعد بها (ليمبو)!