بقلم : طارق الشناوي
صرت أضبط ساعتى قبل السحور على طبق مشكل من الحلويات الشرقية تتفنن في صناعته يوميا (الشيف) كاملة أبوذكرى.
تستطيع أن تجد نبضا عاما يسيطر على كل مفردات العمل الفنى، المخرجة تصنع حالة بها روح هذا الزمن ومفرداته الروشة الصاخبة، مع بداية (التترات) ستلمح مذاقا شبابيا يسيطر على كل التفاصيل، لديك دعوة مع أول طلة من فرقة لها حضورها في الشارع، وهى تغنى (مليونير مليونير بكرة ح ابقى مليونير) بإيقاع ومذاق أغانى المهرجانات، يبدأ في تلك اللحظة توقيع الاتفاق مع المشاهد، وسحقا لرافعى (تابوهات) التزمت، المسلسل فرفشة رمضانية مشروعة، نحن بحاجة إليها لمقاومة الكآبة التي تطاردنا بسبب من يريدون أن يلعبوا دور (أبوالوفا) في فيلم (سلامة) لأم كلثوم، ويغلقوا في وجوهنا كل مساحات البهجة.
ستلمح أسماء مثل شندى وكونكا في تأليف الأغنية وتوزيع الديزل وألحان (المدفعجية) وهم فرقة جماعية شبابية شاركتهم نيللى كريم وآسر ياسين، في الغناء، مجرد كتابة أسماء هؤلاء على التتر صارت في هذا الزمن تعتبر نوعا من التهور.
الشريحة العمرية المستهدفة هم من الشباب والأطفال، ولهذا لم أفهم تصنيف فوق 12 عاما، على أي أساس تم إصداره، هل لأن هناك عمليات نصب بالمسلسل؟ الطفل يتعامل مع (هارى بوتر) أشهر سلسلة حققت ولاتزال في العالم كله أكبر قدر من المبيعات مقروءة ومرئية، وهى مباحة قطعا للجميع ومن بينهم الأطفال في مصر، رغم ما بها من سحر وشعوذة وخيانة ونصب، فهى تدعو الطفل للضحك وليس التقليد.
السيناريو كتبه عمرو الدالى وأحمد وائل، بقدر من الانسياب يؤكد على أن روحا واحدة سيطرت على الحالة الدرامية، كاملة تضع هارمونية في التصوير والمونتاج والديكور والموسيقى التصويرية كل العناصر تلعب على (تيمة) زرع البهجة.
كثيرا ما ظلمنا الكوميديا باعتبارها مجرد كاتب يقتنص (إيفيه) وممثل يجيد توصيله، هذا هو أول طريق النهاية، إنه الخط الفاصل بين الكوميديا والتهريج، وكما قال لى يوما السيد بدير الكاتب والمخرج وأحد أهم صُناع الكوميديا في مصر ساخرا مما كان يعرف في الثمانينيات بأفلام المقاولات: (التهريج أيضا له قواعد وهؤلاء لا يعرفون حتى التهريج).
الخط العام شاهدناه في العديد من الأفلام أشهرها الأمريكى (مرح مع ديك وجين) في منتصف السبعينيات، وقدمت السينما المصرية بعدها نسخة مصرية في (عصابة حمادة وتوتو) بطولة عادل إمام ولبلبة، وأعادت السينما الأمريكية قبل بضع سنوات تقديمه من فرط نجاحه.
المسلسل المصرى لا يستند أبدا إلى أي من تلك التفاصيل في الأصل الأمريكى، فهو مجرد قالب عام تم ملؤه بمواقف طازجة، بعيدا عن المعلبات الدرامية بالمواد الحافظة التي سيطرت على أغلب ما يدّعى صُناعه أنه كوميديا.
الجدية هي أول طريق الضحك، التمثيل ليس مطلقا هو مسؤولية كل ممثل، ولكن هناك إطار لا يتجاوزه أحد.
وتابعت أسماء مثل علا رشدى ومصطفى درويش ومحمود الشرقاوى ومحمد عادل ودنيا ماهر وسلوى محمد على ومحمد عبدالعظيم وغيرهم، الكل يضع بصمته الخاصة فيشتعل الضحك.
نيللى كريم وآسر ياسين لديهما طاقة كوميدية ونغمة إبداعية مكبوتة وجدت من يطلقها، إنها (المايسترو) كاملة أبوذكرى!!.