بقلم : طارق الشناوي
قبل نحو ربع قرن تلقيت اتصالًا هاتفيًا من الفنانة الكبيرة ماجدة، وقالت لى إيه رأيك فى تسجيل قصة حياتى فى برنامج تليفزيونى؟، الإجابة هى أننى مستعد فورًا، وأرسلت لى قصاصات صحفية عما كُتب عنها، وذهبت للمركز الكاثوليكى المصرى للمزيد من القراءة، وتحدد موعد ومكان التصوير فى صالون منزلها، وجدت عندها فريق عمل من المصورين ومهندسى الصوت، كانت قد استأجرت وحدة التصوير من المخرج والمنتج جميل المغازى وباشرت هى مهمة الإخراج.
قررنا قبل أن تبدأ ماجدة التسجيل، أن أرصد شهادات عدد من الفنانين عن المشوار، وكان قد سبقنى إليها شاعر من الكويت لا أتذكر اسمه الآن، أجريت الحوار معه وألقى قصيدة رائعة عن ماجدة، ولأن اليوم بالمعدات محسوب كتكلفة إنتاجية، اقترحت أن نذهب إلى الكاتب والمخرج حسين حلمى المهندس، فهى ارتبطت به صديقا ومبدعا، على مدى تجاوز نصف قرن، وكان فى الخطة لقاءات أخرى مع نور الشريف وأحمد زكى وميرفت أمين ويوسف شاهين وعاطف سالم وغيرهم.
فريق العمل لديهم سيارة ولم يكن منزل حسين حلمى المهندس يبتعد كثيرا عن منزل ماجدة، عرضت عليها أن أصطحبها بسيارتى الصغيرة (فيات 127) ورحبت، واكتشفت بعد نحو 200 متر أن السيارة بحاجة إلى جرعة مكثفة من (إللى يحب النبى يزق)، لمح الناس ماجدة بالسيارة، سارعوا مباشرة بالمساهمة فى تقديم المساعدة، ووصلنا إلى منزل حسين حلمى المهندس الذى كان قد كتب لها العديد من الأفلام منها (الغريب)، (هذا الرجل أحبه)، (هجرة الرسول) وغيرها، نبهتنى ماجدة إلى ضرورة تغيير القميص، لأنه لا يجوز أن أصور به حلقتين، وأعارنى الأستاذ حسين واحدا حتى يتم التسجيل، كانت ماجدة حريصة على توجيه فريق العمل، وتحديد الكادر ومراجعة الإضاءة، وتطرقنا لكل التفاصيل المتعلقة بمنهج فن أداء الممثل عند ماجدة، والفروق بين نجمات الجيل وغيرها، والأستاذ حسين بقدر ما هو موضوعى فإنه أيضا موسوعى، وانتهى أول يوم على أمل أن نستكمل لاحقا، ولم يأت أبدا لاحقا، برغم أن العلاقة لم تنقطع أبدا إلا أننى لم أسألها عن المشروع ومتى نستكمله.
كنت متابعا لماجدة وما تتعرض له بين الحين والآخر من تشنيعات، عن ميول إسرائيلية مصحوبة أيضا بحديث عن أصول يهودية، وبرغم أن الديانة لا تعتبر اتهاما لأحد ولكن الادعاء فقط هو الذى أغضب ماجدة، كانت قد ابتعدت عن الحياة الفنية مع آخر أفلامها (ونسيت أنى امرأة) 1994، فما هو السبب لكل تلك الشائعات، وهو السؤال الذى رددته أمامى، ولا أزال حتى الآن أبحث له عن إجابة، مثلما حدث فى مهرجان (دمشق السينمائى) نهاية الألفية الثانية، عندما قرروا توجيه الدعوة بالحضور لفاتن وماجدة معًا، ولكن أحد المنتجين المصريين القريبين من إدارة المهرجان السورى، حذرهم قائلا: مستحيل، أنتم تنقلون المعركة من القاهرة إلى دمشق، فتراجعوا عن توجيه الدعوة لهما معًا!.
شاهدنا ماجدة وفاتن تجتمعان فى بداية المشوار أمام الكامير فى واحد من أشهر أفلام فريد الأطرش (لحن الخلود)، وشاهدناهما معا فى حفل (عيد الفن) الذى أقامة المستشار عدلى منصور بصفته رئيسًا للجمهورية عام 2014، ثم تجدد اللقاء مؤخرًا، سبقت فاتن ماجدة الرحيل بخمس سنوات، وسبقتها ماجدة بيوم، لتجتمعا مجددًا فى (لحن الخلود)!!.