بقلم : طارق الشناوي
أصدر أشرف زكى، نقيب الممثلين، قرارًا احترازيًا بمنع تصوير المشاهد التى تتطلب تواجد المجاميع من (الكومبارس)، بالطبع لم يحدد التوقيت الذى بمقتضاه سوف يسمح بتصوير تلك المشاهد، القرار السابق الذى أصدره رئيس الوزراء بإلغاء أى أنشطة اجتماعية بها تجمعات جماهيرية يمنح قرار «زكى» مشروعية، ولن يسأله أحد عن الفترة الزمنية المقترحة، فهو سوف يترك الباب مواربًا وحتى إشعار آخر، متى يأتى الإشعار الآخر؟ لا أحد يملك إجابة قاطعة، ولا حتى رئيس الوزراء، لأن الموقف برمته يخضع لضرورات الأمن القومى.
فى هذا الظرف الحساس الذى يعيشه العالم، لا يمكن سوى أن نؤيد كل القرارات الرامية إلى إيقاف زحف الفيروس، وفى ظل سيطرة حالة الهلع لا أحد من الممكن أن يستند فى مواقفه إلى رؤية متأنية، نحن جميعا أسرى القرارات الانفعالية.
هناك خطة مغايرة لذلك تمامًا، تستند إلى منطق عقلى، ترى أن العكس هو الصحيح، وحتى ننجح فى مواجهة (الفيروس)، علينا أن نترك الكورونا تصول وتجول وتفعل بنا ما تريد، بلا موانع صناعية حتى تكتسب أجسادنا مناعة طبيعية، وفى الغزوة الثانية للفيروس تستطيع المقاومة الطبيعية للإنسان التغلب عليه، يبدو أن العالم يأخذ فقط بالخطة الأولى، واضعًا كل ما تيسر من الخطط الاحترازية.
الخطر الجماعى يؤدى إلى رد فعل متناقض، يخلق اتجاهين متعارضين، تستطيع أن ترى من خلالها توجهات الإنسان بلا أى زيف أو مكياج، الأول هو زيادة الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية تجاه الآخر حتى لو لم تكن لديك من الناحية القانونية أو الأدبية ما يتيح لك أن تلعب هذا الدور، كما أن تلك الأزمات العامة على الجانب الآخر تُصبح تربة صالحة لتعرية المشاعر الانتهازية، وهكذا ظهرت طبقة أغنياء الحرب فى كل دول العالم، وليس فقط المقصود هو حروب الجيوش، ولكن الكوارث والأزمات والفيروسات وغيرها هى أيضا بمثابة حروب تخلق من يستثمرونها لصالحهم.
فى العام الماضى عانى (الكومبارس) كثيرًا بسبب ضآلة عدد الأعمال المنتجة، هؤلاء يعتبرون شهر رمضان هو (الموسم) الذى ينتظرونه من العام للعام، المسلسلات الضخمة إنتاجيًا ترتبط عادة بشهر رمضان وتنفذ فى مثل هذه الأيام، أغلبهم ليست لديهم مهنة أخرى، وعن طريق المشاركة فى تصوير هذه المسلسلات يسددون جزءًا كبيرًا من التزاماتهم السنوية.
قرار تأجيل تصوير المشاهد الجماعية غالبا يحمل أيضا فى عمقه الإلغاء، ومهما كان للمخرج وجهة نظر حتمية فى ضرورة تصوير تلك المشاهد، فإن قرارات الدولة فى مثل هذه الأمور ملزمة ولا تقبل المناقشة.
أعلم أن النقيب لا يملك أن يجبر أعضاء نقابة الممثلين من النجوم أن يتبرعوا بجزء من أجورهم لصالح آلاف الكومبارس، ولكن من خلال مسؤوليته الاجتماعية يصبح لزامًا عليه أن يصدر قرارًا بهذا الاقتراح، وأن ينشئ أيضًا صندوقًا لتلقى الأموال وتوزيعها على المتضررين، فى زمن الخوف والهلع الذى يجتاح الآن العالم أجمع، لا يمكن أن نغض الطرف عن هؤلاء الكومبارس، الذين لن يستطيعوا أن يعيشوا عامًا آخر لا زاد ولا زوّاد، وعلى النجوم أن يتذكروا قول الشاعر (إذا لم تكن لى والزمان شرم برم / فلا خير فيك والزمان ترللى)!!.