بقلم : طارق الشناوي
بمكياج (على سنجة عشرة)، وهى فى طريقها لحبل المشنقة، غطت رأسها ولكنها لم تنس أنها الأنثى أولا، أتخيل عشماوى فى تلك اللحظة، ماذا يفعل؟ هل يشد الحبل على آخره، أم ربما يعيد التفكير ويعصى الأوامر، وإذا طاوعته يداه فلن يطاوعه قلبه؟ هل امتلكت ريهام القدرة على التعبير؟ الحقيقة أنها أدت المشهد وكأنها فى طريقها لأخذ (تعسيلة) وقت القيلولة. من يتحمل المسؤولية؟.. علمياً، يجب أن نسأل أولا عن المخرج، الذى لم يقل (استوب) ويطلب الإعادة مثنى وثلاث ورباع، أعلم أن كل ممثل لديه سقف فى الأداء لا يمكن أن يتخطاه، ولكنى أتحدث عن الحد الأدنى الذى لم يستطع المخرج تحقيقه.
شاهدت قبل أيام سعاد حسنى فى (ماسبيرو زمان) وهى تقول للمذيعة أثناء تصوير (هى وهو) عام 85: (المهم المخرج)، وأضافت: (الممثل مستحيل يقدر يعمل حاجة بدون المخرج). حضور سعاد فى (الكادر) يساوى الوميض والوهج، وتوقيعها على المشاركة فى تصوير أى عمل فنى يعنى أن الإبداع كله قد حضر، إلا أنها كانت تدرك أن الممثل لا يملك أبعد من اسمه، مهما كان قادرا على عزف نغمة درامية، فلن تتألق إلا بحضور (المايسترو)، ولهذا كانت تنصت لرأى المخرج، ولا تتعالى عن قبول التوجيه.
بالمناسبة، محمد على، مخرج المسلسل، أحد الموهوبين، ولديه مثلا فى بداية المشوار مسلسل (أهل كايرو) وفيلم (الأولة فى الغرام)، ولكنه فى نفس الوقت لديه عيب قاتل، من الممكن أن يوافق على إنجاز فيلم مثل (محمد حسين)، الذى تتابع عليه العديد من المخرجين والكل كان ينسحب فى اللحظات الأخيرة، بسبب تدخلات محمد سعد، هامش الخضوع لما تفرضه قيود واعتبارات السوق أراها تخصم الكثير مما كان يجب أن يصل إليه محمد على، من الواضح أنه لا يقاوم كثيرا شطحات النجوم وقيود شركات الإنتاج. مسلسل (لما كنا صغيرين) كتبه أيمن سلامة ويقع فى إطار التشويق، وتم رصد ميزانية ضخمة وتواجد عدد من أهم النجوم على الميمنة والميسرة، مثل محمود حميدة وخالد النبوى من أجل تدشين ريهام حجاج، كان المنطق يقضى أن تتم الاستعانة بمخرج يملك إرادة فى توجيه الممثلين، وبخاصة البطلة التى تحتاج للكثير، أتذكر فى مسلسل (سجن النساء) إخراج كاملة أبوذكرى، قبل نحو 6 سنوات، أننى شاهدت ريهام حجاج وكأنها تمثل لأول مرة، قبلها كانت مجرد فتاة حلوة تقف أمام الكاميرا، عندما يتوفر المخرج القادر على التوجيه، تِفرق كتير، وعندما يمارس مهمته بحرية، نرى الشاشة أكثر ألقا، والنجوم أكثر وهجا. مؤكد أنها قضية تتجاوز أسماء المسلسل والبطلة والمخرج، وتخترق حتى حاجز الزمن، لدينا العديد من الأمثلة لنجوم فرضوا قانونهم وسطوتهم على العمل الفنى، وهؤلاء خسروا الكثير. المخرج هو الحلقة الأهم فى العمل الفنى، وراجعوا كل رصيدنا، سنكتشف أن ما تبقى عادة فى الذاكرة هو تلك الأفلام التى كان وراءها مخرج، لديكم مثلا الأفلام التى تركت بصمة لا تُنسى لإسماعيل يس هى تلك التى عليها توقيع المخرج فطين عبدالوهاب، لم يكن يجرؤ (سُمعة) فى عز نجوميته سوى أن ينفذ ما أراده فطين.. هل وصلت الرسالة؟!!.