بقلم : طارق الشناوي
فى ذكرى نور الشريف تبادل العديد من المواقع الصحفية، نقلا عنه فى أحاديث سابقة، أنه اعتذر للكاتب وحيد حامد عن عدم بطولة فيلم (البرىء) ورشح أحمد زكى للدور.
نور مؤكد يقول الحقيقة، بينما عندما تستعيد زمن إنتاج الفيلم، منتصف الثمانينيات، سيصعد على الفور منفردا اسم أحمد زكى فى دور (أحمد سبع الليل)، فلا بديل له، وكل الترشيحات الممكنة من المستحيل أن تصمد لحظات، وكأن وحيد يرسم بورتريه لأحمد زكى.
كيف حدث هذا الخلط ووصل السيناريو إلى نور الشريف؟ وجدت الإجابة عند وحيد حامد، قال لى إنه من الأفلام القليلة التى كتبها وفى ذهنه مباشرة أحمد زكى، بل كتبه من أجل أحمد زكى، كان أحمد بصدد إنشاء شركة إنتاج، فطلب من صديقه سيناريو يخرجه عاطف الطيب، ليصبح باكورة أفلامه فكتب (البرىء)، ومن يعرفون أحمد زكى يدركون تماما أنه دائم التردد، وفى لحظة يصل لذروة القناعة، وفى أخرى تهبط قناعته للسفح، قد يوافق اليوم على مشروع ويطير به فرحا منتشيا، ويحكى لكل أصدقائه كيف أنه عثر مؤخرا على حلم عمره، ثم يتحول الحلم إلى كابوس، حدث ذلك مثلا مع فيلم (حليم)، فلقد كان مقتنعا وسعيدا بسيناريو كتبه الشاعر عبد السلام أمين، ورشح لإخراجه حسين كمال، ويأتى الغد فتتغير قناعاته تماما، وبعد عدة سنوات يستعيد حماسه لـ(حليم) ولكن بسيناريو آخر، تأليف محفوظ عبد الرحمن، وإخراج شريف عرفة.
قال أحمد زكى، فى نوبة صراحة لوحيد وعاطف، إنه سينسحب من المشروع، ولا يمكن أن يبدأ مشواره الإنتاجى بهذا الفيلم.
تراجع أحمد زكى فى اللحظات الأخيرة ليس جديدا، أفلام مثل (الحريف) و(فارس المدينة)، الفيلمان لمحمد خان، و(سارق الفرح) لداود عبد السيد، و(بخيت وعديلة) لنادر جلال، وغيرها كانت أساسا لأحمد، وبعد الحماس والعديد من جلسات العمل، سواء مع الكاتب أو المخرج، ثم يولى أحمد الأدبار، ممكن طبعا أن يندم، سواء اعترف بذلك أم لا، ولكن هذا هو أحمد، قد تتغير بوصلة مشاعره وينتقل فى طرفة عين ما بين الجنة والنار.
جاء الترشيح الثانى مباشرة نور الشريف، والكل يعلم المكانة الخاصة التى يحتلها نور عند عاطف الطيب والعكس صحيح.
نور يحركه دائما فى اختياراته المنطق، فوجد أن الورق ينطق باسم أحمد زكى، وهكذا أعاد الكرة مرة أخرى للمربع الأول، الذى أنقذ (البرىء) هو أن شركة إنتاج سميرة أحمد وصفوت غطاس تحمست، وأحمد كان تحفظه إنتاجيا، ومن الممكن أن يلعب بطولة الفيلم.
مع الزمن صار (البرىء) واحدا من أفضل ما قدمت السينما المصرية طوال تاريخها، ومن أفضل الأدوار التى أداها ببراعة وقناعة أحمد زكى فى مشواره الذى يقترب من 60 فيلما.
الصورة فى كثير من الأحيان نرى منها جانبا واحدا فقط، حتى المعاصرين للحدث ربما يطلون على زاوية ويعتقدون أنهم شاهدوا الصورة كاملة، فكانت تلك هى إطلالة نور، بينما وحيد قدم الوجه الثانى، الكثير مما نعتقد أنه حقيقة ولدينا شاهد إثبات موثوق به، ننسى أنه لم ير سوى جانبا واحدا من الحقيقة!!.