بقلم : طارق الشناوي
لا يطمع ولا يحلم أى فنان بأكثر مما حصل عليه أمس عادل إمام، بتلك الحفاوة الشعبية التى أحاطته وهو يحتفل ببلوغه الثمانين.لم تطلب أى جهة رسمية من القلوب أن تسارع بالتهنئة، ولكن الناس التى انتقلت إليها «جينات» حب عادل من جيل إلى جيل هم الذين أشعلوا له، بدون تخطيط مسبق، شموع البهجة، عادل وكما سبق أن قلت ذلك فى أكثر من مقال، منحة كونية، لأن بقاءه على عرش الإيرادات أكثر من أربعة عقود واستمراره على القمة أمر غير مسبوق، إيقاع الأداء الكوميدى دائم التغيير، وما كان يضحك جيل الأجداد لا يمكن أن يملك نفس الطاقة مع الأحفاد، فهذا هو المستحيل، عادل تمكن من تحقيق المستحيل، إننا بصدد ظاهرة لا نستطيع إحاطة كل جوانبها بالتحليل العلمى.
أختلف مع عدد من اختياراته، لأنه يضع أمامه أولا بوصلة شباك التذاكر، بعض من الأفلام الهامة اعتذر عنها، لأنها حملت قدرا من المغامرة، مثل «الكيت كات» لداوود عبد السيد، وبعضها أعلن بعد عرضها غضبه منها مثل «الحريف» لمحمد خان، برغم أنه يعد واحدا من أفضل أفلامه، وعندما نتحدث عن فن أداء الممثل يصعد «الحريف» لمكانة خاصة مع أفلام قليلة مثل «الهلفوت» و«الأفوكاتو» و«الإنسان يعيش مرة واحدة» و«الإرهابى» و«طيور الظلام».
ولا يعنى ذلك أن عادل لا يملك شجاعة التجربة، إلا أنه يحرص على أن يأخذ تلك المغامرات إلى ملعبه، الأفلام الخمسة التى جمعته مع الكاتب وحيد حامد والمخرج شريف عرفة، ستجد فيها بداية من «اللعب مع الكبار»، وهى تحمل نبضا مختلفا لا أتحدث عن الأفكار ولكن الرؤية السينمائية، ورغم ذلك حققت لعادل ما يريده منها أعلى أرقام فى شباك التذاكر، كان من المفترض أن يصبح سادسها «أضحك الصورة تطلع حلوة» إلا أنه استشعر أن الفيلم على الورق لن يحقق الإيرادات، فاعتذر، لعب الدور أحمد زكى وتحقق ما توقعه عادل، إلا أن الفيلم ولاشك امتلك القدرة على الحياة فى الفضائيات ولا يزال.
علينا أن نُطل على تجربة عادل بعيون عادل، فهو يتعامل مع سوق يعنيها بالدرجة الأولى الشباك، وبعدها لا شىء يهم، تواجد الفنان فى بؤرة الخريطة يخضع فقط لهذا المؤشر، حكى لى شريف عرفة عندما أخبره وحيد حامد ترشيحه لإخراج «اللعب مع الكبار» بعد أفلام «الأقزام قادمون» و«الدرجة الثالثة» و«سمع هس»، وسأل شريف وحيد وهل سيقبل عادل بترشيحك لى، أجابه وحيد: «ده فيلمك أنت مش فيلم عادل»، وكانت مفاجأة، اكتشف شريف أن منتج فيلم «الدرجة الثالثة» عرض عليه السيناريو بدون علم شريف الذى كان قد رشح أحمد زكى، وبرغم أن عادل اعتذر، إلا أنه حرص على مشاهدة الفيلم، واقتنع بأن من نفذ هذا السيناريو الصعب مخرج موهوب. عادل لا يزال قادرا على القراءة الصحيحة للخريطة الفنية، ولهذا أنتظر فى العام القادم أن يعود إلى السينما التى هجرها فى السنوات العشر الأخيرة، افرغ فى التليفزيون طاقته بمسلسلات لها مالها وعليها ما عليها، أثق أنه سيمنح الشاشة الكبيرة ألقا غير مسبوق، فهو حقا منحة كونية!!.