بقلم : طارق الشناوي
بعض نجوم التمثيل لديهم ثبات ما فى ملامحهم، ومن هؤلاء تحية كاريوكا، لاحظ المخرج صلاح أبوسيف أن تحية تسبقها دائما ابتسامة عريضة، والمفروض أنها تصور لقطة فى (شباب امرأة) تطرد شكرى سرحان من شقتها، فكيف يتفق ذلك مع اتساع ابتسامتها، اتفق مع مساعديه على إثارة غضبها، حتى لو كان مجرد تأخير كوب شاى من (البوفيه) لتفقد أعصابها وتتحول كل ملامحها إلى طلقات مدافع، وتصبح أمام الكاميرا (شفاعات) وتفرش الملاية لـ(إمام).
فى بدايات السينما الناطقة استعان (استوديو مصر) بالمخرج الألمانى فيرتز كرامب، لتصوير أول أفلام أم كلثوم (وداد)، فى أحد المشاهد طلب المخرج عددا ضخما من الشباب لأداء معركة.
المشكلة التى واجهت الريجيسير قاسم وجدى هى العثور على نحو 200 شاب، فخطط لتلك الخدعة، كانت بين الحين والآخر تندلع المظاهرت فى المدارس ضد المحتل البريطانى، وتتعطل على إثرها الدراسة، اتفق قاسم مع عدد من زعماء الطلبة أن يمنح كل منهم 10 قروش كأجر تصوير، ويهتفون فى الصباح الباكر (الاستقلال التام أو الموت الزؤام) ثم انتقلوا للهتاف التالى (اليوم حرام فيه العلم)، وبعدها انتقلت المظاهرة للاستوديو، وصور اللقطات المطلوبة، وفى صباح الغد داخل المدرسة أصبح الهتاف (اليوم حلال فيه العلم)!!.
روى لى كمال الشناوى عن المنتج والمخرج حلمى رفلة، وكيف أنه اتفق مع أصدقائه فى وزارة الداخلية بمجرد وصول القطار الذى يستقل إسماعيل يسن إلى (بنها) قادما من (الإسكندرية) لأن إسماعيل يسن لديه مسرح هناك، يصعد عدد من رجال الشرطة إلى القطار لاصطحاب (سُمعة) والذى كان عادة متخما بتصوير نحو 5 أفلام فى نفس الوقت، إلا أن رفلة يسبق الجميع، يأخذ إسماعيل إلى (لوكيشن) أقامه فى (بنها)، قبل أن تتبدد طاقة (سُمعة) فى تصوير أفلام أخرى بالقاهرة. فى عام 1964 كان الكل ينتظر (لقاء السحاب) فى (انت عمرى) صوت أم كلثوم وأنغام الموسيقار عبدالوهاب، استمعت (الست) للحن طلبت تعديلات طفيفة، وعبدالوهاب يتلكأ فى التنفيذ، فاتفقت مع الموسيقار كمال الطويل على تلحين (انت عمرى)، وكما روى لى أنه بدأ فعلا فى (الدندنة)، إلا أنه تراجع، لأنه شعر أن الناس سوف يغضبهم دخوله على الخط حائلا دون اللقاء بين العملاقين، ونجحت خطة أم كلثوم، وأجرى عبدالوهاب التعديل، خوفا من استكمال الطويل اللحن، وهو ما رواه أيضا الموسيقار محمد سلطان، عندما وجدت أم كلثوم أن عبدالوهاب لم ينجز لحن (ودارت الأيام) فتناثرت الأخبار عن إسناد التلحين إلى محمد سلطان فسارع عبدالوهاب بإكماله.
قالت لى مديحة يسرى إنها كانت ملهمة الشاعر عبدالمنعم السباعى، كتب لها العديد من أغنياته مثل (جميل وأسمر) وأيضا (أنا والعذاب وهواك عايشين لبعضينا) وتعثر فى الكوبليه الأخير، وجه عبدالوهاب الدعوة لمديحة وعبدالمنعم فى عيد ميلاده، وطلب من مديحة أن تسلم على السباعى بفتور، حتى تحرك طاقته الشعرية لاستكمال المقطع الأخير، فكتب (عنيك بتتكلم/ والرمش بيسلم/ وانت مخاصمنى)، نعم قليل من اللعب يُشعل الإبداع!!