بقلم : طارق الشناوي
إعلاميا تمت إدانة الطالبة حنين بكلية الآثار جامعة القاهرة، قبل مثولها فعلا أمام جهات التحقيق، المتحدث الرسمى باسم جامعة القاهرة وأستاذ قسم الصحافة والذى تعلمنا على يديه الكثير عندما كان معيدا في كلية الإعلام د. محمود علم الدين ـ وكان يردد لنا المبدأ الأول في صياغة الخبر: المتهم برىء حتى تثبت إدانته، بينما هو في أكثر من مداخلة تليفزيونية مهد كل الطرق لإدانة الطالبة، وصل الأمر لاتهامها بأنها تقلد الفتاة التي لعبت دورها حورية فرغلى في أول ظهور سينمائى لها في فيلم (كلمنى شكرا)، والتى كانت تُظهر أجزاء من جسدها عن طريق الموبايل، وتحصل على مقابل مئات الجنيهات شحن على الهواء.
شاهدت حوارا أجراه الإعلامى والصحفى سيد على في برنامجه (حضرة المحترم) على قناة (الحدث) أكدت فيه حنين أنها لم تُقدم على شىء تخجل منه، وأن البعض أخذ مقاطع مما قدمته على تطبيق (تيك توك) وأضاف لقطات تضعها تحت طائلة القانون الجنائى، أنا شخصيا أصدق كل كلمة قالتها، حتى عندما حاول زميلنا سيد على أن يحصل منها على اعتذار قالت إنها تعتذر لأقاربها وأسرتها والأصدقاء بما سببته لهم من تعاسة وحزن، ولكنها لم تفعل شيئا يستحق الندم، التطبيق قائم على السخرية ويحقق أعلى درجات المتابعة، هناك شخص كما قالت الطالبة وضع كلمات وصورا على تسجيلها الأصلى. حققوا أولا مع الطالبة وبعد مراجعة كل التفاصيل أصدروا أحكامكم، ولكن أن يعيش إنسان تحت سطوة كل هذا التنمر هذه هي الجريمة التي لا تغتفر.
هل نتوقف عن التعامل مع (السوشيال ميديا)، وهل حقا أن السينما هي سبب الانحراف؟
توجس المصريون قبل أقل من نحو 200 عام من استخدام الحنفية في الوضوء، والتى كانت تحمل اسم (البزبوز)، فقهاء الدين من أغلب المذاهب حرموها شرعا واعتبروا أن الوضوء ينبغى أن يتم بالطاسة والكوز مثلما كان يفعل السلف الصالح، بينما أصحاب المذهب الحنفى قالوا لا بأس ومن هنا جاءت تسمية الصنبور حنفية نسبة للمذهب الذي أحلها، كانت حجة المذاهب الأخرى أن (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار)، السينما عندما دخلت مصر اعتبرها الوجدان الشعبى في البداية من افعال الشياطين، عندما عرفت مصر الإذاعات الأهلية مطلع العشرينيات، من القرن الماضى، كانت عبارة عن فوضى وشتائم يتبادلها أصحاب الإذاعات، تصل لانتهاك الأعراض مثلما كان الشيخ محمود صبح وهو أحد أساطين النغم عندما كان ينال على الهواء كل ساعة من سمعة منافسه محمد عبدالوهاب، حتى انطلقت الإذاعة المصرية عام 1934 وبدأ تقنين البث وتوقفت تلك المهازل.
شىء من هذا قطعا سيحدث في (السوشيال ميديا) ولكن حتى يتم ذلك فإن تجنبها قطعا ليس هو الحل.
هل الانحراف كما نردد دائما دافعه هو ما نتابعه من أعمال فنية؟، مثلا (مدرسة المشاغبين) التي عرضت قبل 47 عاما، هل هي السبب فيما وصلنا إليه من ترد في هذا الملف، أم أن المنظومة التعليمية أساسا مليئة بالثقوب؟.. أنتظر محاكمة عادلة للطالبة حنين بعيدا عن شلالات التنمر!!.