بقلم : طارق الشناوي
في شهر مايو الماضى أقيمت الدورة الأولى لمهرجان العين، بعد سبعة أشهر فقط افتتحت مساء أمس الثانية. المخرج الإماراتى عامر سالمين، رئيس ومؤسس المهرجان، وجد أن أول مشكلة صادفت المهرجان في دورته الأولى هي موعد الافتتاح، كان يسبق بأيام قليلة بداية (ماراثون) شهر رمضان، والذى يدير مؤشر اهتمام الناس إلى المسلسلات والبرامج، اتخذ قرارًا فوريًا بتغيير الموعد والرهان على قدرة فريق العمل على الإنجاز السريع.
الإمارات شهدت العديد من المهرجانات السينمائية المهمة والمؤثرة، والتى حظيت بتقدير عربى وعالمى، وفى المقدمة (دبى) 2004 و(أبوظبى) 2007، توقف المهرجانان تباعًا، برغم ما حققاه من إنجاز مبهر، وجاء (العين) بميزانية أقل، وبتواجد إماراتى وخليجى أكثر، وهذا المهرجان ولد ليبقى، هذا هو الرهان الأول الذي اتخذته إدارة المهرجان، وهو الاستمرارية مهما صادفهم من تحديات.
في العام الماضى شهد الافتتاح عرض الفيلم المصرى (الكنز) الجزء الثانى، وشارك مخرج الفيلم شريف عرفة بالحضور، هذا العام كان ينبغى أن يوجه المهرجان الوليد التحية للسينما السودانية التي حققت خطوات بعيدة على الخريطة العالمية، وحاليًا يقام في الخرطوم مهرجان السينما المستقلة، وجاء ذلك مواكبًا أيضا للثورة السودانية الفتية التي نادت بالحرية، ولهذا كان ينبغى أن تُطل السينما، فيلم (ستموت في العشرين)، لأمجد أبوالعلا، شاهدناه مساء أمس في الافتتاح، في خضم كل هذا الزخم الذي جرى على أرض الواقع، تبرق الأفلام وكانت نقطة انطلاق الفيلم في أقدم مهرجان دولى (فينسيا)، ويحصد المخرج الشاب جائزة (أسد المستقبل) للعمل الأول، في بلد توقف فيه الإنتاج السينمائى الروائى 20 عاما، ورصيده تاريخيًا من الأفلام لا يتجاوز سبعة، والفيلم إنتاج سودانى- مصرى- ألمانى- فرنسى- نرويجى، إلا أن الهوية والهوى سودانى في الرؤية والفكر والإحساس.
البطل منذ أن وعى على الدنيا وهو يحمل على كاهله ومشاعره قسوة النبوءة، بنظرات شفقة من الكبار حتى الأطفال لم يرحموه، ولا يمنحه الأمل إلا شريط سينمائى يكتشف من خلاله أن الحياة لها ضفاف أخرى.
تمزج الرؤية البصرية والصوتية بين الواقع والخيال، طبق المخرج منهج (القوس المفتوح)، يبدأ بقوس ولا يضع أبدًا القوس الآخر، سيموت (مزمل) بطل الفيلم أم لا؟ يترك لك أنت أن تقفل القوس، لأن تلك لم تكن أبدا حكايته مع نبوءة الموت.
البعد التسجيلى يسيطر على الشريط، أداء الممثلين به قدر كبير من روح الهواية، حتى لو كان بعضهم محترفًا، تلك هي التفاصيل التي نضحت بها الشاشة في فيلم ملهم لكل السينمائيين العرب، لأنه يؤكد (لسه السينما ممكنة). من المنتظر أن يتم اليوم بالمهرجان تكريم الفنان أحمد بدير والممثل الكويتى طارق العلى، والفنان الإماراتى على الرميثى.
وقبل نهايته توقع اتفاقية تعاون مشترك بين معهد السينما المصرى والمهرجان، يوقعها كل من محسن التونى، عميد المعهد، وعامر سالمين، رئيس مهرجان العين.
طموح المهرجان أن يصبح هو المنصة الرئيسية لسينما الإمارات والخليج، فهو عين تُطل على العالم، وعين لكى يطل عليهم منها العالم!.