بقلم : طارق الشناوي
منذ أن بدأت رحلتى مع الكبار الذين منحونى الكثير من وقتهم وإبداعهم، أكثر بكثير مما أستحق، وأنا أحب أن ألتقط الصورة الحلوة للكبار، حتى لو لم تكن تفرق معهم، إلا أنها تفرق كثيرا جدا معى.
مثلا عمى مأمون الشناوى، الشاعر الكبير، كان قد تجاوز الثمانين من عمره وبسبب خطأ طبى فقد قدرته على الإبصار، إلا أن هذا الأمر لم يقابله إلا بالسخرية، فلقد قال عن الطبيب المخطئ (جيه يكحلها عماها)، أحال المأساة إلى ملهاة ليضحك ويكمل المشوار، ولم يكن لديه ما يمنعه من التصوير التليفزيونى، بالعكس سجل أكثر من لقاء، أنا احترمت رغبته ولم أنفذها رفضت أن ألتقط لى صورة معه فى سنواته الأخيرة، فهو محفور فى قلبى بملامح أخرى، وعندما أيضا وهنت الصحة بالملحن الكبير محمود الشريف عام 90، ثم الموسيقار الكبير كمال الطويل مطلع الألفية الثالثة، لم أحتفظ بأى صورة، إلا فقط القديم، ونحن نتمشى معا فى نادى الجزيرة، وبالطبع يفاجأ بعشرات يعرضون عليه أصواتهم وهو يطلب فقط التأجيل وبعض الراحة.
لاحظت أن الإعلامية الكبيرة أمال فهمى، عندما ذهب عمى مأمون عام 94 قبل الرحيل بأيام إلى قصر العينى، كانت قد سبقته لتستقبله، وتمهد كل التفاصيل، وعلى الفور وقبل قطعا زمن المحمول تسلل صحفى بكاميرا ولم يراع حتى الزمالة، كادت أمال أن تفتك به.
أنا لا أرتاح أبدا إلى الصور التى صرنا نتابعها مؤخرا، مع قطعا تقديرى لحسن النية عندما أجد فنانا أو إعلاميا على الفراش وحوله عدد من الأحبة، أكرر أنهم أصحاب مشاعر نبيلة، وليس لدى أدنى شك فى أنه الحب والرغبة فى الدعم أولا وحتى عاشرا، ولكنى لا أحب أبدا تلك الصورة، وأعتقد أن الإنسان لن يريد مع الزمن حتى أن يستعيدها.
مع الأسف شاهدنا الاختراقات اقتحمت حتى غرف العناية المركزة وما هو أيضا أبعد منها، الكل تحديدا صار يبحث بمقياس الماضى عن السبق بعيدا عن الصدق، والآن (التريند)، ولا شىء غير (التريند).
لا أزال أحتفظ بصور الكبار فى عز صحتهم وقوتهم تسكن قلبى وعقلى ووجدانى... هذه هى الصورة التى تنام الآن بجوارى على السرير، وأنا فى مرحلة أترقب بقوة المدد القادم، نعم اضحك للصورة الحلوة، ستأتى لك مباشرة الأحلى والأحلى