بقلم : طارق الشناوي
لا يكتب وحيد إلا وسط الناس، وهكذا تعوّد أن يصحو مبكرا ليذهب إلى مكانه المفضل كافيتريا الفندق المطل على النيل. الفلاح الفصيح ابن الريف، محروم من الكتابة خلال الأربعة أشهر الأخيرة، الأفكار لا تطاوعه إلا مع الضجيج، سن القلم ينساب فقط عندما تصاحبه مؤثرات صوتية، مزيج من همسات وأنفاس ومعاناة الناس.
لا يتوقف عن تأمل البشر، كنا فى أحد المهرجانات ننتظر الحصول على (الكارنيه)، بينما هناك من يجادل الموظف المسؤول، وحيد لا يعتبره وقتا ضائعا، يتأمل المناقشة، ليستلهم من خلالها موقفاً درامياً قادماً.
يتجدد من خلال قدرته على أن يقترب من هذا الجيل، فى العقود الأخيرة سنكتشف على خريطته يبرق عدد من المخرجين الجدد فى أولى تجاربهم، أمثال محمد يسن وتامر محسن ومحمد على وشريف البندارى وغيرهم، كتب سيناريو أول فيلم روائى طويل لمروان حامد (عمارة يعقوبيان) ومن بعدها لم يتعاون وحيد مع ابنه الوحيد، تركه يسبح فى مياه درامية بعيدا عن الأب. تربطنا صداقة قديمة عندما كان فى البداية كاتبا إذاعيا قبل أن يصبح عنوانه الرئيسى السينما، مع الزمن لم نعد نلتقى إلا قليلا، ظل يحتل فى قلبى مساحة دافئة، زاملته فى مهرجان «كان» على الأقل 20 دورة، فهو أول من يحضر عرض الثامنة والنصف صباحا ليحجز لنا بجواره ما تيسر من المقاعد.
أنشأ جماعة كانت تلتقى أسبوعيا ظُهر كل يوم جمعة على مدى يقترب من ربع قرن أطلقوا عليها « مائدة الشر»، من أشهر أعضائها عاصم حنفى وعمرو خفاجة ووائل الإبراشى وممدوح الليثى.. هؤلاء هم المنتظمون، بينما تسمح المائدة أيضا بالانتساب لعدد آخر، ومن بينهم أحمد زكى وعادل إمام وليلى علوى ويسرا وعادل حمودة وعبدالرحمن الأبنودى وإبراهيم عيسى ومحمود سعد ومحمد هانى، تمارس الجماعة شييئا من الشر بين الحين والآخر لتؤكد جدارتها بالاسم.
سألت وحيد، وأجاب سأكتب فقط ما يجوز نشره، مثل أسوأ خمسة أفلام فى تاريخه، والأفلام التى يريد إعادة إخراجها مجددا، فاختار ثلاثة، وأقرب جملة حوار كتبها؟، فذكر بعض مقاطع من «عمارة يعقوبيان» و«الإرهاب والكباب» وفيلمه الحميم «اضحك الصورة تطلع حلوة» و«البرىء»، هل الغيرة عرفت طريقها إليك؟ فقال عندما أجد كاتبا يمتلك إحساسا ونفسًا خاصًا أهنئه.. أشعر أننا نكمل بعضا، والعمل الذى كتبه غيره وتمنى أن يضع عليه اسمه؟ الرائع محسن زايد «فى حديث الصباح والمساء» لنجيب محفوظ، سيناريو ينبغى تدريسه، ومن هو كاتب السيناريو الموهوب والمظلوم؟ قال لى فراج إسماعيل.
روى لى المخرج شريف عرفة أنه فى أول عمل جمعه مع وحيد (اللعب مع الكبار) طلب منه أن يقرأ السيناريو، قال له: هايل، ثم أضاف: وهل يقبل عادل إمام أن أخرج له وأفلامى السابقة (الأقزام قادمون) و(الدرجة التالتة) و(سمع هس) لم تحقق إيرادات، أجابه وحيد: (ده فيلم شريف عرفة وليس عادل إمام)، سألت شريف عن أحلى سيناريو لوحيد، أجابنى: (سوق المتعة) قرأت السيناريو، وقلت لوحيد: ده أكبر منى مش ح أقدر أخرجه!!.