بقلم : طارق الشناوي
فى واحدة من جلسات الشيخ محمد متولى الشعراوى مع النجم الكبير حسن يوسف، قال له هل تعلم أن زواجك فى الأفلام يعتبر نكاحا شرعيا، تعجب حسن، فقال له الشيخ حديثا عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) معناه (جده جد وهزله جد) فى الزواج أو الطلاق، وهنا قال له حسن ساخرا: (على كده يا مولانا أبقى تزوجت من كل نجمات مصر)، من الممكن طبعا أن أتفهم رؤية رجل دين عندما يطبق أحكاما شرعية مباشرة على الدراما، وهو ما دفع الشعراوى عندما لمح انزعاجه للتخفيف عنه قائلا: (طالما لم تكن تعرف فلا توجد مشكلة)، ووعده حسن يوسف بأنه سيراعى ذلك فى أعماله القادمة. وبعد رحيل الشيخ تزوج حسن يوسف من (غادة عبد الرازق) ضمن أحداث المسلسل الشهير (الحاجة زهرة وأزواجها الخمسة)، وهذا يعنى أنه استفتى قلبه ووجد أن الدراما لا يمكن أن نحاكمها واقعيا، فهو يتعامل مع عالم مجازى، ويتقمص مجرد دور وشخصية ليس ملزما بأن تعبر عن قناعاته لا الشخصية ولا الفكرية، بينما كان ولا يزال أغلب رجال الدين يصرون على ضرورة الالتزام بمنطوق الحديث معتبرين زواج الأفلام والمسلسلات زواجا شرعيا (بحق وحقيق).
تعجبت عندما استمعت إلى رأى فنان ومثقف كبير بحجم حسين فهمى، وهو يكرر نفس القاعدة، محاكمة الخيال بقانون الواقع، أعلن حسين عن غضبه، ووجد فى تمزيق جواز السفر ما يثير حنقه وغيرته الوطنية، هل لو تعرضت أفلام حسين فهمى لنفس تلك النظرة ستنجو من قائمة الاتهامات الأخلاقية والوطنية؟. الرؤية الواقعية المباشرة قطعا ستجد مثلا فى غناء سعاد حسنى لحسين فهمى فى (خللى بالك من زوزو) وهى تتغزل فيه تجاوزا لا يغتفر، يخاصم الشريعة والأخلاق الحميدة.
اشتعلت (السوشيال ميديا) بكلمات تهاجم بضراوة محمد رمضان عندما مزق جواز السفر فى حوار درامى بينه وبين والده، الذى أدى دوره عبد العزيز مخيون، عندما طلب منه مخيون ألا يسافر فوجد كاتب ومخرج المسلسل محمد سامى، أن تمزيق جواز السفر فى هذا الموقف يصبح هو الحل الدرامى المثالى، وتصل الرسالة مباشرة أنه لا يمكن أن يسافر، قطعا كانت لدى سامى افتراضات درامية أخرى، ولكنه اختار هذا الحل الدرامى.
هل حمل المشهد شيئا آخر؟ ما هى علاقة الوطنية وحب مصر بكل ذلك؟. أفهم أن بعض المحامين كالعادة يسارعون بإقامة دعوى قضائية، وأفهم أيضا أن قطاعا من الناس سوف يعزلون الموقف عن سياقه ومعناه، ولكن عندما تأتى من فنان مثقف بحجم حسين فهمى أراها مبالغة لا تجوز.
فى بعض المواقف الدرامية تحرق أعلام الدول وتمزق كتبها المقدسة، وهناك من يتشكك فى وجود الخالق، نرى ونتابع كل ذلك وأكثر، وندرك قطعا أن هذا لا يمس من قريب أو بعيد الذات الإلهية ولا قدسية الوطن، لقد سبق أن فعلها قبل عشر سنوات أحمد حلمى فى فيلمه (عسل أسود) وألقى غاضبا بجواز السفر المصرى، ولم يستأ أحد، هل صرنا نتحرك (للخلف دُر)؟!!.