بقلم : طارق الشناوي
تعودنا قبل ثلاثة عقود من الزمان أن نرى فنانة تخرج علينا معلنة أن الفن حرام وتتحجب وتعتزل، من النادر أن نرى فنانة تهاجر بعيدا عن الوسط لأساب أخرى، في الأيام القليلة الماضية شاهدنا أسبابا أخرى!! ربما الاسمان لم يحققا لمعانا كبيرا، أقصد إنجى خطاب وداليا إبراهيم، ولكنهما ممثلتان موهوبتان، أعلنت إنجى في البداية الاعتزال، وبعد ساعات تشجعت داليا.
هل ما شاهدناه في الدراما الرمضانية لعب دورا مباشرا لإعلان الاعتزال؟ لا أستبعد، تابعنا أكثر من فنانة تسند لها البطولة المطلقة وأغلبهن يفتقرن للموهبة، الزوج الثرى يدفع ثمن تدشين نجومية زوجته، (الجنيه يكسب الكارنيه)، الوجه الآخر للصورة يؤكد أن محاولة خلق النجومية تبوء بالفشل، قلوب الناس لا تعرف الواسطة، والمشاعر لا ثمن لها.
الإنسان يعيش في صراع مع الأيام، الفنان معركته مضاعفة، كلما أوغلت السنوات وتقدم به العمر، سُرق منه شىء، ما كان الممثل قادرا على أدائه في العشرين يفقده في الثلاثين، ومع الزمن تتقلص الطموحات وتتبدد الأحلام.
الموهبة وحدها لا تكفى وأيضا (الواسطة) وحدها لا تكفى، لدينا مثلا أغلب أبناء النجوم والمطربين مارسوا مهنة آبائهم، وبالطبع استفادوا من قوة الدفع، وبعض الآباء ضخوا أموالا، ولم يتمكنوا من فرض النجاح عنوة.
أول دور حصل عليه مثلا محمد إمام في (عمارة يعقوبيان) ابن البواب طه الشاذلى، كان مرشحا له في البداية فتحى عبدالوهاب، اشترط عادل قبل التوقيع أن يحصل ابنه على الدور، هل انتهى فتحى؟ السم الذي لم يقتله زاده قوة وإصرارا، وفى نفس الوقت استفاد محمد من قوة دفع أبيه في عدد من الأعمال الفنية مثل (حسن ومرقص) وبعدها انطلق بعيدا، محققا نجاحا لا يمكن إنكاره، حتى نرى الصورة كاملة، سنجد أنه في نفس المرحلة الزمنية كان أمير كرارة يسعى لتأكيد نجوميته، بلا أي سند عائلى، إلا إذا اعتبرت أن صلة القربى من بعيد لبعيد التي تجمعه بالمونولوجست محمود شكوكو، من الممكن أن تلعب أي دور لصالحه، كرارة أصبح نجم شباك (سوبر ستار) في السينما والتليفزيون، بينما محمد لعب بطولات في السينما والتليفزيون، وهو مؤكد مطلوب بعيدا عن أنه ابن النجم العربى الأول، ولكنه لم يصل إلى مكانة النجم الجماهيرى الأول، سيحصل في كل الأحوال على حقه فقط من الحب ومن الإيرادات ولن تشفع له أي واسطة.
الوسط الفنى تحركه أحيانا معادلات أخرى، هذه حقيقة، ولكن حتى النجمة التي يحاولون فرضها، لن تستطيع استكمال الطريق، سيحاولون مثنى وثلاث ورباع، في النهاية سيعلنون الهزيمة.
الوسط الفنى ظالم، ويكثر عدد التربيطات خارج النص، (الجنيه يكسب الكارنيه) حقيقة لا يمكن سوى الاعتراف بها.
ولكن أضف إليها أن الموهبة تحمى الفنان، الإحباطات التي واجهها أحمد زكى في البداية دفعته إلى محاولة الانتحار أكثر من مرة، ثم بعد ذلك أو ربما بسبب ذلك أصبح أحمد زكى أحمد زكى، الاعتزال المبكر وجه شرعى للانتحار!!.