بقلم : طارق الشناوي
الكل يؤكد صدق الواقعة، وشيرين لم تنكرها صراحة فى البيان الأول الذى سارعت بإصداره، وزوجها المطرب حسام حبيب أشار إلى أنها لا تقصد أن تقول المعنى مباشرة: «اللى بيتكلم يتسجن فى مصر». أكيد هى لا تقصد، هل من الممكن أن يشير أحد إلى شيرين باعتبارها صاحبة موقف سياسى معارض للدولة أو للنظام أو للرئيس.. هى على العكس تماما.. وبحكم تكوينها الفكرى والثقافى والاجتماعى تؤيد وبقوة النظام، وتتوافق تماما معه، مثلما كانت قبل 25 يناير تغنى لحسنى مبارك، فهى مثل أغلب المصريين لا شأن لها بأى معارك سياسية، ولا يعنيها ما تصدره بعض منظمات حقوق الإنسان عن ملف الحريات فى مصر، ولا تعتبر أن الرأى أساسا هدف أسمى يستحق الدفاع عنه، هى آخر من تستوقفه مثل هذه الأمور، أظنها لا تفكر سوى فى أن تردد كلمات أغنية موحية أو لحناً يسكن القلب، وقبل وبعد ذلك فلا شىء يهم.
يبدو أن هناك من يريد أن يوجه ضربة للدولة باستغلال كلمتها غير المقصودة، على طريقة «شاهد من أهلها»، فقرر أن يمنحها تاج النضال الوطنى للدفاع عن الحريات، على الجانب الآخر، ومع الأسف، من هم محسوبون على الدولة يؤكدون الاتهام عندما يسارعون بتوجيه إدانة لها، بينما هم يعلمون يقينا أنها سياسيا تعيش (خارج الزمن). قبل بضعة أشهر، بسبب تكرار انفلات لسانها على المسرح (أقسمت فى حوار أنها ستضع سوستة على فمها، لا تفتحها سوى عندما تغنى) إلا أنها سارعت بعدها بلحظات بنزع السوستة نهائيا وتناولت بطانة فستان رانيا يوسف.
شيرين لا تدرك الخيط الرفيع بين الخاص والعام، النكتة أو القفشة التى تقال داخل دائرة محدودة والأخرى التى من الممكن ان تتناقلها الفضائيات، صارت شيرين هى أكثر إنسان يشكل خطورة على شيرين.
ورغم ذلك، فإن الأجهزة المصرية المحسوبة على الدولة فشلت تماما فى إدارة الأزمة، هانى شاكر كعادته ومن خلال نقابة الموسيقيين قرر أن يوجه لها عقابا فوريا بالإيقاف قبل حتى أن يجرى تحقيقا معها، حدد يوم الأربعاء القادم موعدا للتحقيق، كان عليه الانتظار لمثولها أولا أمام الجهة القانونية، (المتهم برىء حتى تثبت إدانته)، لو تأمل أمير الغناء العربى الموقف سياسيا لاكتشف أن السرعة بإنزال العقاب تؤكد صدق مقولتها (اللى بيتكلم يتسجن)، مع الأسف نعيش حالة من الرعونة والمراهقة الفكرية فى معالجة العديد من الأمور فى بلدنا.
أتوقع أن تسارع شيرين بإصدار بيان آخر، إذا لم تكن قد أصدرته بالفعل قبل نشر هذا الرأى، وسوف تعتذر فيه مؤكدة حسن نواياها التى لا يتشكك أصلا أحد فى حسنها.
لماذا ضاقت صدور البعض فلم نعد نسمح بتداول أى رأى يخالفنا؟!.. تتذكرون حوار المخرجة ساندرا نشأت مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، فهو لم يغضب من أن يشاهد عددا من المصريين وهم يقولون إنهم يخشون الكلام أو توجيه أى انتقاد للنظام أو للرئيس، بينما هو رحب بأن يتعود المصريون على البوح بآرائهم المعارضة.
لا داعى لأن نعتبر تصريحاً، مهما بلغت مكانة أو شهرة قائله حتى لو كان مدركا ظلال وأبعاد ما يقول- هو بمثابة معول ضرب لأمننا القومى، ويصبح ساعتها العقاب المباشر له هو سحقه ومحوه من على الخريطة، فما بالكم أنها لا تعنى ولا تدرك أساسا شيئا مما تقول!!.