توقيت القاهرة المحلي 08:54:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دراما ع (المازورة)!

  مصر اليوم -

دراما ع المازورة

بقلم : طارق الشناوي

الأجهزة الرسمية والمجالس: الأعلى للطفولة والأمومة، والمرأة، ومكافحة الإدمان والتدخين وغيرها، سعيدة جدًا بالأعمال الدرامية التي صارت أكثر تهذيبًا، فتضاءل عدد التجاوزات مثل التعاطى والدموية والصراعات والألفاظ، هم سعداء قطعًا كما يبدو بتحقيق انتصار تاريخى في معركة تعقيم وإصلاح الدراما، فهى الهدف المنشود، هناك قناعة بأن شاشة نظيفة تعنى مجتمعًا نظيفًا لا يعرف أبدًا العيبة.

تأملوا هذه الحكاية.. كان الشاعر والصحفى الكبير مأمون الشناوى يرى في الصحفى والكاتب محمود السعدنى، الذي كان وقتها في بداية المشوار، موهبة فطرية سيعلو نجمها، فأسند له وهو دون العشرين تحرير باب الحوادث والجريمة في مجلة (كلمة ونص)، التي كان مأمون يترأس تحريرها، وجد الشناوى أن ما يكتبه السعدنى يحقق عند القراء درجة كبيرة من الاهتمام، فزادت الصفحات التي يمنحها له أسبوعيًّا.

كان هناك صحفى آخر فاشل يتابع الموقف ويشعر بالغيرة تحرق قلبه، بسبب تلك الحفاوة التي يحظى بها هذا الصحفى الجديد عند رئيس التحرير، ذهب الصحفى لكل أقسام الشرطة وحصل منها على تكذيب لكل تلك الأخبار، وقدم التقرير لرئيس التحرير، حيث إن هناك إضافة يمنحها السعدنى للخبر يبثه سحرا خاصا يثير شهية القراء، استدعى مأمون، السعدنى، وطلب منه الالتزام الحرفى بالجريمة كما حدثت، وبنقل التحقيقات كما هي مدونة في المحاضر الرسمية، وبالفعل نفذ السعدنى ما طلب منه، فوجد مأمون أثناء مراجعة الأخبار أنها أصبحت فاقدة الحياة، فطلب من السعدنى أن يعود مجددا للكتابة بأسلوبه الذي يمنح الخبر حيوية وأيضا مصداقية.

من السهل أن نمارس الفن الشرعى، الكتابة المستقيمة التي ترى أن الضابط لا يمكن أن ينحرف أو يخطئ، وأن الجميع يحرصون على الفضيلة والأخلاق الحميدة، والمذنب في نهاية الأمر ينال جزاءه، وأن الإدمان وحتى تدخين السجائر بات من النوادر عبر الشاشة.

النظرة الأخلاقية المباشرة التي حملتها أغلب الأعمال الدرامية هل أدت إلى دراما لها جاذبية؟..

وحتى لا يلتقط أحد الخيط ويقرأ بتعسف، فأنا أرفض أن تروج الدراما للعنف والتعاطى، ولكنى بنفس الدرجة أرى أن الدراما النظيفة المعقمة التي صارت كما يبدو هدفا قوميا، ليست هي الطريق الصحيح للنهوض بالمجتمع، بل إنها تؤدى لا محالة لفقدان التواصل، وهو ما حدث هذا العام.

من السهل على الكاتب أن ينجح في خوض الامتحان ويقدم بالضبط ما يريدونه منه، هكذا ستجد أن أغلب الورش ابتعدت تماما عن المحظورات وقدمت دراما ع (المازورة) ولكنها فاقدة الحياة والمشاغبة.

أتمنى ورمضان يلملم أوراقه أن ينتصر صوت العقل، فلا أحد يعنيه شركة إنتاج معينة، ولكن تابعوا الموقف بحياد بعيدا عن الشخصنة، لو انتقدت مثلا مسلسل (كلبش 3) لا يمكن أن تعتبر هذا الرأى بمثابة انتقاد لجهاز المخابرات الذي يحمى الوطن، ولكن المسلسل أخفق في التعبير، عندما اعتقد أنه قادر على أن يستعيد بلا حرفنة ولا حرفية (رأفت الهجان).

تلك المنظومة الجديدة قيدت الإنتاج وصادرت الإبداع، لأنها تملك أيضا القنوات فصارت بقبضتها الحديدية مهيمنة على الماء والهواء.

لصالح الوطن أن تتسع الدائرة لكل الأطياف، اتركوا الخيال للكاتب والمخرج والممثل، وامنحوا الحرية للناس لكى تختار ما تريد أن تراه، ورحم الله زمن الكاتبين الرائعين مأمون الشناوى ومحمود السعدنى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دراما ع المازورة دراما ع المازورة



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon