بقلم : طارق الشناوي
نعم نغني لها، نردد مع عبد الحليم حافظ «قولولوا الحقيقة»، إلا أننا لا نقولها، ضغوط المجتمع أحياناً تدفعنا بالبحث عن أسباب أخرى، تجنباً لسوء التفسير أو التأويل.
لدي عشرات من الأمثلة: مثلاً، هل قالت شادية بالضبط الحقيقة التي أدت إلى اعتزالها الفن، بعد ما قدمته للمكتبة العربية من إبداعات لا تنسي؟
في حياتها لم تكشف السر كاملاً، لم تعلن سوى الاعتزال، وتركت للناس تحديد السبب. قالت لي ناهد شاكر ابنة شقيق شادية، التي كانت هي الأقرب لعمتها: شادية لم تنجب، فوجدت تعويضاً في ابنة شقيقها.
يعتقد البعض وهو المعلن والمتداول، أنها قررت الاعتزال بعد جراحة استئصال في ثدييها. الحقيقة المسكوت عنها، أنها عندما ذهبت لأميركا بعد الجراحة، لتتأكد من استقرار حالتها، قالوا إنها لم تكن تعاني أبداً من أي أعراض سرطانية، وإن تشخيص الأطباء جانبه الصواب. المفاجأة دفعتها لارتداء الحجاب واعتزال الفن.
حقيقة أخرى، زواجها من الكاتب الصحافي الكبير مصطفى أمين، كثيراً ما نفى مصطفى أمين الزواج، كما أن شادية لم تعلن ذلك رسمياً. ألقوا القبض على مصطفى في زمن عبد الناصر، وكان وقتها في منزل الزوجية مع شادية، وزجوا به تسع سنوات بتهمة التجسس لحساب أميركا، حصل بعدها في زمن السادات على البراءة. المعلن فقط في حياة شادية ثلاثة أزواج: مهندس صوت في الإذاعة المصرية، وكل من النجمين عماد حمدي وصلاح ذو الفقار، بينما ابنة شقيقها تؤكد الزيجة الرابعة.
في مذكرات الموسيقار الكبير محمد الموجي، التي أودعها لدى أبنائه بخط يده، قال إن عوده الذي عزف عليه أحلى الأنغام، تحطم أكثر مرة، بينها واحدة عند حريق القاهرة، وأخرى عندما كان حاضراً سهرة عيد ميلاد في بيت فنانة.
لم يذكر اسم الفنانة ولا الملابسات، الموجي ذكر لي أنه كان متزوجاً من الفنانة الكوميدية وداد حمدي، وفي ليلة عيد ميلادها قال لها إن «أبناءه وحشوه ويجب أن يذهب إليهم»، واعترضت وداد بشدة، وعلى أثر مشادة غادر المنزل، وفوجئ بعد أن وصل إلى الشارع، أنها تلقي بملابسه على رأسه، فاستطاع بمهارة أن يلتقطها، وفي تلك اللحظة عاجلته بالعود ليرتطم هذه المرة برأسه، ثم يتحطم على الرصيف. الموجي عندما كتب مذكراته، اعتقد أن ذكر تلك الواقعة ربما يجرح أسرته، رغم أن ابنه «الموجي الصغير» كثيراً ما أعلن أن والده تزوج كثيراً، وبين زيجاته المطربات أحلام وسعاد مكاوي وأميرة سالم، والفنانة وداد حمدي وغيرهن، ولكنه عامداً متعمداً لم ينجب أطفالاً سوى من أمه!
كيف ترك عبد الحليم حافظ قريته «الحلوات» بمحافظة الشرقية؟ قال عبد الحليم في تسجيل إذاعي إنه كان يتابع من فوق السطح، غناء الموسيقار محمد عبد الوهاب في أحد الأفراح، فانزلقت قدمه وكسرت ذراعه، ثم سافر بعدها إلى القاهرة للعلاج عند شقيقه المطرب إسماعيل شبانة، الذي سبقه لعالم الغناء. الحقيقة أنه كان في ملجأ للأيتام، زميلاً للشاعر أحمد فؤاد نجم وسقط من السرير. عبد الحليم لم يشر أبداً إلى أنه أمضى في الملجأ نحو سبع سنوات، بينما الورثة لا يجدون غضاضة، كما أن «نجم» كثيراً ما ذكرها، بينما عمد عبد الحليم تجاهلها، وتغليفها بحكاية أخرى ليخفيها تحت أوراق «السولفان»!