بقلم :طارق الشناوي
أغلب «الميديا» كانت مشغولة بمتابعة فساتين النجمات في مهرجان «الجونة» وهن على «الريد كاربت»، وفاتهم التوقف أمام الكثير من الأفلام المهمة، والكثير أيضاً من الشخصيات المهمة، التي استضافها المهرجان، ومن بينها مينا مسعود، الفنان الذي وضع قدمه على بداية طريق العالمية.
غادر مع عائلته مصر وهو دون الرابعة، إلا أن مصر تسكنه، عاد بعد غياب عشرة أعوام، ليكتشف أن الناس في بلادي تنتظره، لا يكف عن إعلان مصريته، رغم أنه يحمل أيضاً جواز سفر كندياً، الإحساس بالوطن هوى، وجواز السفر هوية، والانتماء الحقيقي هو ما يعلنه الهوى، عاد لمصر لأنه حريص على أن تظل بينه وبين الوطن كل تلك الحميمية من المشاعر.
رائع أن تظل الجسور ساخنة ونابضة مع الجذور، الإنسان يحن للوطن الأم، حتى لو كانت ذكرياته معه قليلة، شاهده الجمهور بطلاً في واحد من أكثر أفلام «ديزني لاند» تحقيقاً للإيرادات في دور «علاء الدين»، ليتماهى مع الشخصية العربية، ولم يكتف بهذا القدر، فلقد وضع في خطته من خلال شركة الإنتاج التي ستبدأ قريباً أولى مشروعاتها، أن يقدم حياة «العندليب» عبد الحليم حافظ في فيلم روائي.
حياة حليم مليئة باللحظات الدرامية، التي تتعدد فيها الذروة، التي ينتقل فيها من السفح إلى القمة، ومن الصحة إلى المرض، ومن الفشل إلى ذروة النجاح، وعندما عانق القمة، هاجمه المرض الكامن في الكبد بشراسة ليقضي عليه قبل أن يبلغ الخمسين.
حياة حليم سبق وأن سجلها بصوته للإذاعة، وبعد رحليه قُدم عنه مسلسل تلفزيوني، لم يمكث كثيراً في الذاكرة، وبعدها فيلم «حليم».
مؤكد أن أحمد زكي بطل الفيلم، لم يكن في كامل لياقته الجسدية، بذل أقصى ما يمكن رغم كل المعاناة، التي كانت تنطق بها عيناه، أحمد كان يعلم أنها إطلالته الأخيرة، حتى إنه صور آخر مشاهده وهو لا يستطيع أن يرى الكاميرا، المخرج شريف عرفة حاول بقدر المستطاع أن يحصل من أحمد على أفضل ما يمكن، تجربة فيلم «حليم» لم تكتمل إبداعياً لأسباب خارجة عن إرادة الجميع، مينا مسعود يفكر جدياً في تجسيد حياته على الشاشة، وهو يعيش في مرحلة عمرية تؤهله تماماً لأداء شخصية حليم، لأنه في العشرينات من عمره، حيث إن رحلة العندليب، مع الفشل بدأت في بداية العشرينيات من عمره، ثم بعد بضع سنوات ابتسم له الحظ، هناك فرق أن تقدم شخصية أسطورية مثل «علاء الدين»، وله دائرة عالمية، وشخصية محلية لا يعرفها سوى عالمنا العربي، الحياة التي عاشها عبد الحليم ستلعب ولا شك دورها في اتساع دائرة الفيلم، ليملك حساً عالمياً، والرؤية يجب أن تشمل عبد الحليم الإنسان، حتى في لحظات ضعفه، وهو ما دأبت الدراما العربية عند تناولها للشخصيات العامة على اجتنابه، بينما في الغرب تسقط تماماً كل تلك المحاذير والمحظورات.
مينا فنان يملك «كاريزما»، يطرق أبواب العالمية، ويفخر بانتمائه المصري، ويحرص على التحدث بالعربية، يملك مشروعاً فنياً يهمنا جميعاً، بينما لا يزال البعض لا يتذكر من «الجونة» سوى مجموعة من الفساتين تتألق على «الريد كاربت».