بقلم : طارق الشناوي
بينما يتلقى أشرف عبد الباقي الكثير من الهجوم خلال السنوات الأخيرة يصل لحدود التهكم والسخرية من فرقته «مسرح مصر» المتهمة في الحدود الدنيا عند البعض بأن ما يقدمونه لا علاقة له بفن المسرح، امتلك أشرف الشجاعة أولاً واعترف بأن الكبار الذين قالوا آراء سلبية في تجربته المسرحية، مثل جلال الشرقاوي وسميحة أيوب ومحمد صبحي كانت دوافعهم نبيلة يحركها حب المسرح، وأضاف ثانياً أنه بالفعل سيوقف نشاط الفرقة بعد أن استنفدت أغراضها.
لم يدخل أشرف في جدل يتبادل فيه إطلاق النيران، مع الكبار الذين اختلفوا معه في الرأي، أغلب نجومنا يبددون أوقاتهم في مثل هذه المعارك الوهمية، أعجبني بالمناسبة المطرب علي الحجار عندما صرح مؤخراً على صفحات «الشرق الأوسط» أنه لم يعد مطلوباً في أداء «تترات» المسلسلات، رغم أنه كان هو الأكثر طلباً بين كل المطربين، شركات الإنتاج في السنوات العشر الأخيرة، اتجهت لجيل آخر، لم يفعل الحجار مثل الآخرين، ويهاجم مستوى أداء مطربي هذه الأيام، على العكس أشاد بعدد من الأصوات التي صارت هي المتصدرة المشهد درامياً.
محمود حميدة أيضاً في لقائه الأسبوع الماضي بمهرجان «منارات» بتونس، عندما سألوه عن السر وراء وجوده في مساحات درامية أقل؟ أجابهم هذا هو منطق الأمور، الناس تقطع التذكرة لكي ترى نفسها على الشاشة، وهم بالقطع يبحثون عن النجوم الشباب، ولهذا لا تعنيه المساحة ولا عدد المشاهد ولكن فقط القدرة على التأثير.
سبق في نفس اللقاء أن شبه نفسه بفنجان القهوة، الذي يستغرق إعداده منذ تحميص البن عدة ساعات، بينما نحن في زمن نجوم التجهيز السريع (النسكافيه)، ولم يقل مثلاً إن مذاق القهوة أفضل من (النسكافيه)، ترك الكرة في ملعب الجمهور.
لو استعدنا أغلب أحاديث النجوم لن نجد من هو أكثر صراحة من عمر الشريف، عندما يسألونه لماذا شاركت في هذا الفيلم؟ فلا يتحرج من القول: «كنت بحاجة إلى المال». بينما أغلب نجومنا يبددون طاقتهم في التبرير، مثلاً كم مرة قرأت على لسان هذا الفنان أو تلك الفنانة، أنهما يفضلان البطولة الجماعية، رغم أنه أساساً لم يعد أحد يطلبهما في البطولة المطلقة.
أعرف نجمة دار عليها الزمن، اتفقت مع مخرج صار أيضاً خارج الزمن، فلقد عقدا اتفاقاً مشتركاً، عندما تسأله الصحافة أين أنت؟ يقول إنه يعد فيلماً بطولة تلك النجمة، وهي على الجانب الآخر تستخدم اسمه حتى تنفي عن نفسها وقوفها خارج الخط، ولا تزال المقايضة مستمرة، بين المخرج والنجمة على مدى 10 سنوات، والإجابة واحدة لا تتغير، وبالطبع هم يعتمدون على أن جزءاً من الصحافيين لديهم «ذاكرة الأسماك»، أقصد سريعي النسيان.
النجم يوجد ويختفي طبقاً لقانون العرض والطلب، ومن يرد البقاء في الدائرة يعلو ويهبط بأجره طبقاً لما تفرضه عليه السوق، بل وعليه أيضاً أن يخفض أجره عما تطلبه السوق، كان هذا هو منهج جاك نيكسون عملاً بنصيحة من مارلون براندو، والهدف، هو أن يتلقى ترشيحات أكثر، وهذا يتيح له أن ينتقي الأفضل.
الفنان الذكي يتعامل بصدق مع الحياة، مبتعداً عن التحصن وراء خط الدفاع الأول وهو إنكار الحقيقة. مصالحة الزمن تبدأ بالاعتراف به، في أحاديثهم يرددون باللهجة المصرية (الصدق مانجة) - منجاة -، بينما هم غالباً يقصدون غالبا ثمرة المانجو اللذيذة التي تؤكل بنهم!