توقيت القاهرة المحلي 02:15:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من أجل حفنة «دولارات»

  مصر اليوم -

من أجل حفنة «دولارات»

بقلم: طارق الشناوي

لا يعترف - عادة - المبدع بأنه تحت ضغط الحاجة اضطر مثلاً إلى أن يقدم هذا الفيلم، أو كتب أو لحَّن تلك الأغنية. كثيراً ما يحرص على أن يعلن أمام الرأي العام، أنه مهما كانت لديه من التزامات، فإنه يعتبر الإبداع منطقة محرمة، لا يسمح فيها تحت أي ضغط بأن يجبره أحد على تقديم ما يصفونه عادة بالتنازلات.
على الجانب الآخر، هناك مبدعون كبار اعترفوا بأن الاحتياج كان سبباً كافياً للإبداع، مثلاً الروائية العالمية أجاثا كريستي، تلك الأسطورة التي تحتل المرتبة الثانية في أرقام توزيع وترجمة أعمالها بعد وليم شكسبير، لم تجد أي غضاضة في إعلان أنها عندما اكتشفت أن شرفة منزلها في حاجة إلى إصلاح، شرعت في كتابة رواية جديدة، وأنها كثيراً ما فعلت ذلك من أجل المال.
روى الكاتب والشاعر عبد الرحمن الخميسي، أنه وجَّه دعوة العشاء للموسيقار بليغ حمدي، واكتشف عندما جاءته «الفاتورة» أنه لا يملك أموالاً كافية، فكتب للمطربة مها صبري التي شاهدها هناك، مطلع «ما تزوقيني يا ماما» ولحّن بليغ المقدمة، واستدعاها ليسمعها اللحن، وصارت واحدة من أشهر أغنيات الأفراح في مصر، ودفعت مها ثمن الأغنية، وسدد الخميسي ثمن «الفاتورة».
عدد من أفلام المخرجين الكبار في سنواتهم الأخيرة، لم تتوفر لها مقومات الإبداع الذي تعودوا عليه، ووافقوا عليها لمجرد إثبات الوجود، أو لحاجتهم للمال، من بينهم المخرج عاطف سالم، صاحب كثير من الإنجازات الفنية، مثل «جعلوني مجرماً» و«أم العروسة»، و«النمر الأسود» وغيرها، لم يكن عاطف راضياً عن بعض أفلامه، مثل «توت توت»، كان يرى أن نبيلة عبيد بطلة الفيلم، والتي تؤدي دور امرأة متخلفة عقلياً، لا يمكن أن تمثل الشخصية وهي تضع كل تلك المساحيق على وجهها، والتي تتناقض مع كونها فقيرة وتنام في الحارة تحت العربة «الكارو». نبيلة أصرت على وضع «المكياج» لتبدو في كامل جمالها، ولم تستجب لرأي المخرج، ورغم ذلك حظي الفيلم بكثير من الجوائز التي استحوذت عليها بطلة الفيلم.
هناك مبدع حرفي، وهذا لا يعني أنه ليس موهوباً، فهو يمتلك قدرة خاصة تؤهله للإنجاز السريع. ومن الممكن عقد مقارنة لتلمس الفارق بين الملحنين الكبيرين محمد الموجي وكمال الطويل. لو حسبتها رقمياً فستكتشف أن عدد ألحان الموجي تربو على ثلاثة أضعاف ما لحنه الطويل، رغم أنهما من أبناء جيل واحد؛ بل ولدا في العام نفسه 1923. الموجي تعود أن ينام وبين يديه نص غنائي وبجواره العود، حتى أنهم يقولون إن الموجي يستيقظ ويجد اللحن تحت وسادته، بينما كمال الطويل لا يجلس إلى البيانو إلا ولديه جملة موسيقية تطارده، وكثيراً ما كان يتردد بعدها في تسجيل اللحن، والذي كان يحسم الموقف في بداية الرحلة الفنية، رفيق المشوار عبد الحليم حافظ، وكما وصفه الطويل أن حليم جهاز تسجيل متحرك، ليكتشف الطويل بعد سماعها كم هي جملة موسيقية رائعة وتستحق التنفيذ.
لا تستطيع أن تضع قاعدة مطلقة. عمر الشريف كثيراً ما صرح بأنه قد يقبل المشاركة في أفلام لحاجته إلى المال، بينما هناك عشرات يفعلون ذلك، ثم يعلنون في «الميديا» أنهم من المستحيل أن يتنازلوا عن الإبداع من أجل حفنة «دولارات».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من أجل حفنة «دولارات» من أجل حفنة «دولارات»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 23:48 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
  مصر اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 03:10 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

داليدا خليل تستعد للمشاركة في الدراما المصرية

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أهالي قرية السلاموني يعانون من الغرامات

GMT 02:17 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

فوائد عصير الكرانبري لعلاج السلس البولي

GMT 01:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تكشف عن نسخة باللون الأحمر من جلاكسى S8

GMT 17:27 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أطعمة تمنع مرض الزهايمر أبرزها الأسماك الدهنية

GMT 15:02 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ريلمي تعلن موعد إطلاق النسخة الجديدة من هاتف Realme GT Neo2T

GMT 13:46 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رامي جمال يروج لأغنية "خليكي" بعد عودة انستجرام

GMT 04:47 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

{غولدمان ساكس} يخفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon