بقلم : طارق الشناوي
قبل نحو ثلاث سنوات، نشر كاريكاتير أنه قد تم استدعاء بيومى فؤاد لرفع أذان المغرب عندما اكتشف وقتها أن الأذان فقط هو الذى لا يشارك فيه. بعض الصور الأرشيفية للملك فاروق، كانت تعاد صياغتها عن طريق (الفوتوشوب) لنعثر على وجه «بيومى» بالطربوش، بجوار سعد باشا زغلول ومصطفى باشا النحاس، وكأن حضوره امتد من الجغرافيا إلى التاريخ.
كيف يحدث ذلك، وأين القدرة التى تمكن الفنان من الانتقال بين كل هذه الأدوار، التى تتعدد بالضرورة ملامحها؟
القانون الذى يحدد الاستعانة بالفنانين هو العرض والطلب، «بيومى» تضبط من أجله جداول التصوير طبقا لأوقات فراغه، كبار النجوم فقط هم الذين تحدد فقط الجداول وفقا لرغباتهم، بينما مع «بيومى» الكل يعلم، بمن فيهم النجوم، أن عليهم الخضوع لمواعيده. هذا العام تم رصد- حتى الآن- خمس مسلسلات شارك فيها (خيانة عهد) و(رجالة البيت) و(سكر زيادة) و(اتنين فى الصندوق) و(اللعبة )، أتصور أن الرقم قابل للزيادة، وحتى نهاية رمضان سنعثر على مسلسل له لم يتم رصده.
كان إسماعيل يس يقدم، فى نهاية الأربعينيات، 25 فيلما كل عام، ويضطر لارتداء حذاء خفيف (خُف) لضمان سرعة الانتقال من لوكيشن إلى آخر. الفنان حسن حسنى كان يصاحبه، منذ منتصف التسعينيات، دولاب ملابس متحرك، وموظف مسؤول عن إدارة شؤون الدولاب، حتى ينجز الأفلام الخمسة التى يصورها، والتى سوف تعرض جميعها فى العيد.
«بيومى» لا يتمتع بحضور طاغ مثل إسماعيل يس، فهو ليس نجما للشباك، كانت له أكثر من محاولة، ولم يسفر الأمر عن شىء ملموس، ولهذا صار يكتفى بالوقوف خلف نجوم الشباك، هل هو بعمق موهبة حسن حسنى؟ أعتبر «حسنى» أحد أهم أسطوات المهنة فى عالمنا العربى، أصدرت عنه كتاب (المشخصاتى)، الذى يعنى الذوبان الكامل فى الشخصية، «بيومى» لا يتمتع بهذا النبع الإبداعى.
ما إذن سر «بيومى»؟ ستجد به شيئا من «سُمعة» و«حسنى»، ليس نجما للشباك، ولكن حضوره مؤثر فى إيرادات الشباك، لا ينطبق عليه توصيف «مشخصاتى»، إلا أنه يتمتع بقدر من موهبة الأداء.
فى كل الأدوار ستلمح حضورا خاصا لا يمكن إنكاره، كما أنك وبنفس القدر ستجد «بيومى» الإنسان كما تعرفه، إنه يقدم قسطا كبيرا من الصورة الذهنية لبيومى كما رسمها الناس، ويضيف فقط رتوشا من الشخصية الدرامية، كما كتبها المؤلف، الناس تعاقدت معه على هذا النحو، تواجده الدائم من الناحية المنطقية كان يجب أن يسفر عن ملل، ويصطدم بحائط صلد اسمه التشبع، وبالتالى تتوقف شركات الإنتاج عن التعاقد معه، إلا أنه على أرض الواقع، لا يستطيع تلبية كل الطلبات التى تنهال عليه، وما نراه على الشاشة هو نصف أو ربع ما رُشح له. لو سألت «بيومى» عن السبب فسيردد، مثل كل نجوم الألفية الثالثة، أنه رزق.. هل كانوا يغنون له فى (سبوع) ميلاده، بصوت شادية: (برجلاتك برجلاتك.. كل الخفة معاك فى اللفة.. خلى شوية يا واد لاخواتك)؟! واضح أنه أخذ معه فى اللفة كل الأدوار ولم يترك شيئا لإخوته!!.