توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طائرة ورقية تخترق السماء!

  مصر اليوم -

طائرة ورقية تخترق السماء

بقلم:طارق الشناوي

لو ألقيت نظرة لأعلى ستجد عشرات من الطائرات الورقية تتعانق وتتناحر فيما بينها لامتلاك السحاب، لوحة بديعة أعادتني سنوات لبكارة زمن ولى، كنت أعتقد وإلى عهد قريب أنه لن يعود.
في مرحلة الطفولة ارتبط جيلنا بالطائرة الورقية، نتفنن في صنعها، بأوراق مزركشة من (السوليفان)، هدفنا إثارة دهشة الناظرين، وكأننا بصدد محاكاة لقوس قزح، تتعدد وتتناسق الأطياف والألوان لتسرق اهتمام العين، حجم الطائرة وتكلفتها تختلف على حسب قدراتنا الشرائية، وما يمكن أن يوافق عليه الأهل بما يمنحونه لنا من مصروف، المعضلة ليست فقط في تجهيز الطائرة للإقلاع، فهي تحتاج إلى موهبة لا تتوفر إلا لعدد محدود، وبالمناسبة تجاربي في هذا الشأن نادراً ما كللت بالنجاح، وغالباً ما أجد نفسي مضطراً للاستعانة بصديق، وبعد اكتمال صناعة الطائرة، ننتقل للمرحلة الثانية، التي نتسابق فيها على من يتمكن من إطلاقها لأعلى متفوقاً على أقرانه، ولا تحتفظ الذاكرة إلا بالقليل جداً من الانتصارات في هذا الشأن. الصراع كان يشتعل جواً بين أكثر من طائرة يتبادلان فيما بينها توجيه الضربات القاتلة، تطعن طائرة أخرى لتحدث بها ثقباً، ويأتي مشهد النهاية، تهوي على أثره الطائرة إلى قاع سحيق، بعد أن تفقد أعز ما تملك، وهو قدرتها على التحليق، وفي العادة يستعد المهزوم لمعركة ثأرية.
بعد سنوات ومن دون سابق إنذار، توقفت اللعبة، لست موقناً مما سأقوله لكم عن سر انحسارها، هذا التحليل مجرد اجتهاد مني يحتمل الصواب والخطأ. بعد هزيمة عام 1967 صار لدينا جميعاً ما يمكن أن نصفه بـ(فوبيا) الطائرات، التي تعني شدة الخوف، الهزيمة جاءت بعد ضرب الطائرات المصرية، وهي في الممرات الجوية قبل انطلاقها، تم تحطيم الجزء الأكبر من سلاح الطيران، أتصور أن الذاكرة الجماعية باتت ترفض تلك اللعبة، التي تثير بداخلنا مشاعر الانكسار، ثقل الهزيمة غير المتوقعة، ربما لعب دوراً في كراهية كل ما له علاقة بالطيران، وبعد انتصار 73 لم يتغير الأمر، وظلت سماء المحروسة خاوية من الطائرات الورقية، باتت للأطفال ألعاب أخرى تستحوذ أكثر على الاهتمام، كان من الصعب مع تطور الاهتمامات أن يعود الأطفال والشباب مجدداً للطائرة الورقية، كما أن سطح العمارات بات هو المكان المفضل لإريال التلفزيون، الذي كانت أهميته تكمن أكثر في زيادة حجمه، على عكس زمن الأطباق الفضائية التي تشغل الآن مساحات أقل.
في الأشهر الأخيرة بعد أن فرضت الجائحة قانونها على الجميع، وصار التباعد الاجتماعي هو القانون، عدنا مرة أخرى نستجير بالسطح، كما أن الأطفال باتوا يبحثون عن شيء آخر من الممكن أن يلمسوه واقعياً بعيداً عن الألعاب الافتراضية، عاد مرة أخرى الشغف لعشق الطائرة الورقية، السطح هو المكان الصحي لكي تمارس لعبتك المفضلة، أنت تتطلع للسماء، ولا أحد يقف بجوارك، التباعد والآمن الاحترازي يتحققان بسهولة، المكان المتسع يضمن لك ببساطة مترين مع من يقف بجوارك، كما أن شرط الهواء الطلق يعتبر أحد أهم الأسلحة ضد انتشار الفيروس.
هل تلك فقط هي الأسباب؟ النفس البشرية تشبه الصخرة الجليدية نرى فقط قمتها، ويبقى العمق الضارب في الجذور، وهو ما يحتاج لدراسة اجتماعية أشمل وأعمق، طائرة ورقية تخترق السماء في زمن كورونا، حكاية مختلفة ليست مثل كل الحكايات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طائرة ورقية تخترق السماء طائرة ورقية تخترق السماء



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon