توقيت القاهرة المحلي 04:57:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ذاكرة الأسماك

  مصر اليوم -

ذاكرة الأسماك

بقلم:طارق الشناوي

تقريباً كل الإعلاميين، وعدد لا بأس به من الفنانين ورجال السياسة والاقتصاد والفكر، يواجهون هذا الموقف، ماذا قلت قبل سنوات، وما الذي تقوله الآن، المثل الشعبي الشهير يقول «إذا كنتم نسيتوا اللي جرى هاتوا الدفاتر تتقرا»، طبعاً الدفاتر الآن ليست فقط للقراءة بعد أن يتم تداولها عبر «النت» بالصوت والصورة.
لديكم مثلاً جنازة وعزاء الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، عدد من الذين ذهبوا لتأدية الواجب صاروا تحت مرمى نيران (السوشيال ميديا) بحسن نية ربما، أو بسوء أيضاً ربما، حيث سارع البعض بالبحث، عما قالوه في الفضائيات قبل «ثورة 25 يناير 2011» وبعدها، وقارنوا ذلك، بدموعهم الحارة أثناء الجنازة والعزاء.
أن يظل الإنسان على نفس الموقف متشبثاً بنفس الرأي طوال حياته، ضد الطبيعة البشرية الصحيحة، الحقائق أو الوثائق الجديدة، يجب أن تتغير في تعاطي الإنسان مع كل المواقف، وإلا أصبح في هذه الحالة (دوجما) يُكرر الرأي، ويستعيد نفس المشهد ولا تُنضجه التجربة، ولا مرور الأيام، ما كنت متحمساً له بالأمس حتى ولو كان القريب، لا يعني أن تظل تردده وتؤمن به للأبد.
«السوشيال ميديا» أحياناً تستغل التناقض الظاهري في الآراء دون أن تضع أي مؤثر جديد لعب دوراً في كشف حقيقة ما، إلا أن المرفوض والمستهجن هي حالة النفاق التي تنتاب البعض عندما يتوجه مؤشر اختياراته فقط صوب مصالحه اللحظية، ليصبح مثل دمية «اليويو».
انتشر مثلاً قبل سنوات، على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع لنجم كبير وهو يؤيد تباعاً كل رؤساء الجمهورية في مصر، دون أن يستثني أحداً، رغم اختلاف كل منهم في توجهه السياسي والفكري، وكأنه يستعيد جملة ترددت على لسان الكوميديان الراحل سعيد صالح في مسرحية «هاللو شلبي»، مشيراً إلى الخضوع المطلق لمن يُمسك بزمام السلطة، أي ما كانت أفكاره، وهي (اللي (من) يتجوز أمي أقول له يا عمي).
نعم هناك من يصطاد أو بتعبير أدق يتصيد، أو يأخذ كلمة بعيداً عن سياقها وزمانها، من أجل التشهير، وعن سبق الإصرار والإضرار، ولكنى أتحدث هنا عن موقف مغاير، تبدو من خلاله الشخصية، وهي تنحاز فقط لمصالحها الآنية الضيقة، ولا تلقي بالاً بأن هناك من سيستعيد الشريط مجدداً، هذا الموقف وإن اختلفت وسائله ليس جديداً، وكثيراً ما شاهدناه، عبر الزمن، مثلاً في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، عندما تقرر استبعاد أم كلثوم وعبد الوهاب في بداية «ثورة 23 يوليو» لأنهما غنيا للملك فاروق، ثم تقرر في زمن عبد الناصر بعدها منع فقط الأغاني التي أشادت بالملك فاروق، وأيضاً حذف كل صوره من الأفلام، ثم في منتصف السبعينيات، أعاد أنور السادات هذه الأغاني للتداول، كما سمح بعرض صور الملك فاروق، الآن لا تستطيع أي سلطة مصادرة أغنية أو صورة أو رأي.
الكل صار يملك أدواته التي يدافع بها عن نفسه، ويسجل أرشيفه حتى لا يُصبح عُرضة للتلاعب أو التزوير. علينا في هذا الزمن، أن نتمتع بذاكرة حديدية نستعيد كل مواقفنا وآراءنا السابقة، قبل أن نُدلي بأخرى، حتى لا تبدو في جانب ما متناقضة، أصحاب ذاكرة الأسماك لا يتذكرون ماذا قالوا بعد ثوانٍ، حذار في زمن «السوشيال ميديا» من ذاكرة الأسماك!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذاكرة الأسماك ذاكرة الأسماك



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon