بقلم : مرسى عطا الله
لست أشك فى سلامة القصد لمن يتحدثون عن وجوب ترشيد الإنفاق الحكومى ويرون أن تخفيض عدد سفاراتنا فى الخارج بمثابة إسهام فى هذا الترشيد المطلوب ولكن هل سأل أحدهم نفسه عن خطورة مثل هذا الطرح وتأثيراته السلبية على مصر سياسيا واقتصاديا وثقافيا.. هل يصح لدولة فى حجم ووزن مصر أن تنكفئ على نفسها وأن تعتمد فى نسج علاقاتها والتزود بما تريده من معلومات اعتمادا على ما تنشره وسائل الإعلام لكى تبنى أسس سياستها الاقتصادية ولكى تعزز من حركتها الفاعلة لإعادة تسويق منتجاتها السياحية الفريدة.
ثم ماذا عن مصر التى يشهد سجلها التاريخى بأنها لم تكن دولة قوية إلا فى الأزمنة والعصور التى عرفت فيها حقيقة نفسها حق المعرفة بأنها ليست فقط دولة «موقع جغرافى فريد» وإنما هى فى الأساس دولة «دور محورى عالمى إقليمى عريق».. وأيضا ماذا عن الجهد الجبار الذى بذلته مصر لاستعادة دورها ومكانتها فى القارة الإفريقية بعد نكسة السنوات العجاف وكيف فى ظل الغياب الدبلوماسى والقنصلى الذى يترتب على مثل هذه الدعوات غير المسئولة يمكن أن تتوثق ارتباطات مصر السياسية والاقتصادية والثقافية على امتداد القارة السمراء وبما يضمن لمصر أمنها القومى المرتبط ارتباطا وثيقا بأمن إفريقيا التى ينبع منها شريان الحياة فى مصر وهو نهر النيل.
إن من غير المعقول أن يدرج البعض ميزانية التمثيل الدبلوماسى المشرف لمصر ضمن خانة «الإنفاق غير الضروري» لأن ذلك يمثل افتئاتا على الحقيقة ودعوة غير مسئولة للانكفاء على النفس فى عصر لا مكان فيه إلا لمن يتمكنوا من أن يحفروا لأنفسهم مكانا ثابتا ومؤثرا على امتداد الخريطة الدولية.
كل التحية للدبلوماسية المصرية التى يقودها ربان ماهر هو الوزير سامح شكرى المعبر مع كتيبة الوطن الدبلوماسية عن أحد ملامح القوة الناعمة لمصر التى تتعامل بها مع أطماع الكبار وألاعيب الصغار!.
خير الكلام:
<< تقاربوا فى المودة مهما تباعدت الديار!.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع