توقيت القاهرة المحلي 22:53:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عندما يتعذر على السلطة العثور على حاكم المصرف المركزي

  مصر اليوم -

عندما يتعذر على السلطة العثور على حاكم المصرف المركزي

بقلم - حنا صالح

قبل أيام قليلة، طوى «برلمان 2022» الذي انتُخب في 15 مايو (أيار) الماضي ربع ولايته، ليبدو برفضه انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهو الدور الأول المنوط به، كأنه امتداد لبرلمانات ما قبل ثورة «17 تشرين».

في ربع الولاية الأول، غيب البرلمان هموم المواطنين؛ فهم مجرد أعدادٍ زائدة. فنسبة الـ82 في المائة من اللبنانيين الذين نُهبوا وأُفقروا وباتت أكثريتهم، وفق تقارير أممية موثقة، تحت خط الفقر، بينهم عشرات ألوف العائلات التي تعيش في بيوت البرد والحر، وينام الألوف المؤلفة من أطفالها من دون عشاء، لم تدرج يوماً حقوقها ووجعها على جدول أعمال المتسلطين ممن يتعاطون مع البلد على أنهم مخلدون من طينة أنصاف الآلهة، فوق الدستور وفوق القانون وفوق الناس، والبلد صغير عليهم!

أبرز «الإنجازات»: موازنة اقتصرت على جمع أرقام تلاعبوا بها قبل نشر قانونها، وقانون ملغوم لرفع السرية المصرفية ترافق مع مساعٍ لعفو عن الجرائم المالية، ومطالبة بـ«صندوق سيادي» يستبطن مخطط «سلبطة» على أصول الدولة بذريعة «تعويض» المنهوب! ومصادرة أصوات المواطنين بفرض تأجيل ثانٍ للانتخابات البلدية والاختيارية... إلى التخلي عن «كاريش» ومنح إسرائيل الوصاية على «البلوك رقم 9»، يوم اقترع البرلمان بأكثرية 112 من أصل 128 على إسقاط الخط 29؛ خط السيادة والثروة.

إنها أبرز «إنجازات» المطبخ التشريعي الذي يقوده نبيه بري الرئيس الأزلي للبرلمان، يعاونه مِن على يمينه رئيس لجنة المال النائب إبراهيم كنعان، ومِن على يساره رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان، وينسق الأعمال مساعد بري النائب علي حسن خليل، وهو بالمناسبة مدعى عليه بجناية «القصد الاحتمالي» بالقتل في جريمة تفجير المرفأ، ويُعدّ واقعياً فاراً من العدالة!

وسط هذه المشهدية التشريعية لا يعود مستغرَباً المصير الذي آل إليه التحقيق في جريمة تفجير المرفأ، ولا منحى كمّ الأفواه في استهداف الحريات والعدالة، وامتناع القضاء عن متابعة الجرائم المالية، إلى التواطؤ في تغطية قضية رياض سلامة.

الأكيد أن الذروة في هذه المشهدية تمثلها تخريجة قاضي التحقيق، شربل أبو سمرا، لسلامة؛ بإعلانه تعذُّر العثور عليه لتبليغه موعد جلسة الاستجواب في باريس لتبرير هروبه. فبات منذ الثلاثاء فاراً من العدالة، ومطلوباً توقيفه فوراً، إثر صدور مذكرة توقيف دولية بحقه! سلامة متهم دولياً بالاختلاس وتبييض الأموال؛ ما يحتم إقالته فوراً، وتوقيفه وإحالته إلى القضاء، ووقف التواطؤ السياسي القضائي والأمني الذي يحميه، حماية للبلد من تداعيات تنكر لبنان لالتزاماته الدولية؛ مكافحة الفساد والتهريب والاختلاس وتبييض الأموال!

تتم هذه الممارسات بعد انتخابات تميزت ببروز معارضة ناشئة تشرينية رفضت الدولة - المزرعة، وتوحدت حول مهام استعادة الدولة المخطوفة، وتمسكت باستعادة الدستور والقرار الوطني واستقلالية القضاء. انتخابات شهدت اقتراعاً عقابياً بوجه أطراف نظام المحاصصة الذين حولوا لبنان إلى أرضٍ محروقة غير صالحة للعيش؛ فشكل التصويت العقابي رفضاً لسياسات توجت الانهيار المبرمج، وأوصلت إلى تحالف «كاريش» الذي انتهك السيادة وأهدى الثروة للعدو. تتم هذه الممارسات رغم نجاح صوت التغيير كناخبٍ أول في حرمان «حزب الله» أكثريته، ومنع الأغلبية عن معارضيه، ويحد من رهان الأوليغارشية الطائفية على الانتخابات لتُجمل مخالبها، والأهم كسر مشروعها؛ محو «ثورة 17 تشرين»، وشطب مفاعيلها!

لقد حولت المعارضة التشرينية الشعبية فئات واسعة من اللبنانيين إلى لاعبين سياسيين، وبدا ممكناً تقدم منحى بلورة قوة شعبية على طريق قيام جبهة سياسية بديلة، تدفع إلى الأمام مناخ إنهاء الخلل الوطني بموازين القوى. كان يجب أن تستند إلى دعم هذه المعارضة كوكبة النواب الذين حملوا تسمية «تكتل التغيير»، وهم لم يدخلوا البرلمان إلا بفضل التصويت العقابي. لكن الآمال خابت أمام رعونة بعض الوافدين الجدد إلى الشأن العام، والأمر لا يقتصر على متشاوفٍ متسلقٍ في ليل. فبدت الحصيلة قاسية مع تراجع إمكانية العمل على تعزيز حالة مواطنية تحاسب كل مسؤول عما ارتكبه بحق المواطنين، وبحق المال العام، وأساساً بحق البلد، إلى توفير إمكانية فتح ملفات المساءلة والمحاسبة وارتهان البلد أمام القضاء المستقل!

غاب الصوت البديل بوجه طبقة سياسية غيبت عمداً النقاش الحقيقي، وعمقت الصراع المجتمعي، لتغطي مسؤولية المتسلطين عما لحق الناس من أذى. استسهل بعضهم تجاهل أثر التصويت العقابي والاستخفاف بمغزى كسر المواطنين القيود وتجاوز الحواجز الطائفية والمناطقية، ليهرولوا باسم «الواقعية» و«السياسة» إلى حجز مقعد لدى «معارضة» النظام! «واقعية» في آخر تجلياتها الرهان على حصيلة «الفيتوهات» بين جعجع وباسيل، لإعلان نجاح «الشراكة» في اختيار مرشح رئاسي، «سيادي» و«إصلاحي» و«مستقل» يقبل به باسيل، لا يزعج جعجع، قدم أوراق اعتماده لـ«حزب الله» يدعمه بري ويرشحه جنبلاط! هزلت!

إلى إدارة الظهر للناس الذين أثبتوا أنهم جديرون بموقع اللاعب السياسي الجديد والنوعي، غابت عموماً مقاربات القضايا الوطنية، بينما أبرزت ممارسات آخرين، ما زال أصحابها يزعمون الالتصاق بالتغيير، خجلاً من واقع اندفعوا إليه؛ فكان أن أسقطوا من حسابهم مآلات الإحباط التي تسببوا بها، وضربوا عرض الحائط بحقوق ومصالح مَن أوصلهم؛ ما سهل اتساع الهجوم المضاد، ليبدو التحالف المافيوي وكأنه أنجز انتصاراً عوَّضه ما خسره في الانتخابات!

التشرينيون أمام تحدٍ كبير. لا بديل عن إطلاق مسار سياسي منظَّم مغاير، محوره استعادة الدولة والدستور. ولأنه ما من ثورة يمكن أن تتكرر، فالأولوية تفترض ابتكار وسائل كفاحية للدفاع عن الحقوق؛ ما سيعزز من عودة الناس إلى الشوارع والساحات، فيعود الوضوح وتسقط محاولات التدجين والتطويع، في مسار أشبه بنهر متدفق ينظف نفسه بنفسه، ويفرض تقاعداً مبكراً على كثيرين!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما يتعذر على السلطة العثور على حاكم المصرف المركزي عندما يتعذر على السلطة العثور على حاكم المصرف المركزي



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 02:55 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025
  مصر اليوم - أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 21:23 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

السيسي يستقبل البرهان ويؤكد على ضرورة وقف إطلاق النار
  مصر اليوم - السيسي يستقبل البرهان ويؤكد على ضرورة وقف إطلاق النار

GMT 17:24 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم
  مصر اليوم - دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم

GMT 07:55 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يحدد 3 مفاتيح لاستعادة الأمن في شمال إسرائيل
  مصر اليوم - نتنياهو يحدد 3 مفاتيح لاستعادة الأمن في شمال إسرائيل

GMT 21:27 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

محمد صلاح خارج سباق المنافسة على جائزة أفضل لاعب أفريقي

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 13:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي مستلهم من الصيام لتحسين صحة الكلى

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 06:22 2024 الجمعة ,09 آب / أغسطس

عمرو أديب يحذر من فيلم سبايدر مان الجديد

GMT 11:18 2019 الثلاثاء ,20 آب / أغسطس

اهمية تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى مصر

GMT 22:37 2019 الإثنين ,18 آذار/ مارس

" ابو العروسة " والعودة للزمن الجميل

GMT 00:36 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

برشلونة يقسو على إشبيلية وميسي يُسجِّل في الوقت الضائع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon