توقيت القاهرة المحلي 21:14:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان جائزة ترضية للممانعين

  مصر اليوم -

لبنان جائزة ترضية للممانعين

بقلم - حنا صالح

نقل دبلوماسيون غربيون معلومات تفيد بأن نتنياهو يستعد لاقتناص أول فرصة لشن حرب في العمق اللبناني، لإبعاد «حزب الله» إلى شمال نهر الأولي (شمال صيدا على مسافة نحو 30 كيلومتراً جنوب بيروت). رئيس وزراء العدو مرتاح إلى استطلاعات رأي تفيد بأن 71 بالمائة من الإسرائيليين يطالبون بحرب في الشمال، ومطمئن إلى اتساع التطرف في إسرائيل الذي يعيش أزهى مرحلة، ويعيد التمعن بالخطط التي أشرف على وضعها شارون عام 1982 لغزو لبنان.

قد يكون شارون مثالاً يسعى نتنياهو لاستعادة دوره، ومصيره مرتبطاً بالحرب وما يمكن أن يجنيه منها. في حرب العبور عام 1973 اخترق شارون قناة السويس، وطوّق القوات المصرية المتقدمة، وكان نجم «الدفرسوار» فأطلق عليه لقب «ملك إسرائيل»، ليقتحم بعد ذلك الكنيست... وفي الحرب على لبنان عام 1982 أخرج منظمة التحرير إلى تونس، وأبعد الجيش السوري المثخن بالجراح، ليتزعم بعدها «الليكود» ورئاسة الوزراء، وبات رقماً صعباً!

اليوم، وبعد 140 يوماً على حرب التوحش ضد غزة، يريد نتنياهو انتزاع لقب «ملك» الأمن. هاجسه موقعه في قلب السياسة الإسرائيلية ودوره، يرفض ما يُقال بأن مستقبله وراءه، ولا يقبل المصير الذي آلت إليه غولدا مائير بعد حرب 1973، الذي وضع الأساس لإنهاء حقبة «حزب العمل» رغم أدوار لاحقة لرابين وبيريز وباراك؛ لذا فرض إرجاء التحقيق العسكري لكشف أسباب التقصير إلى ما بعد الحرب، ليتم تحت زخم «انتصار» يسعى إليه. أسقط مشاريع الهدن، ورفض وقفاً للنار، وأدان الدعوات إلى حلِّ الدولتين رافضاً قيام دولة فلسطينية، وبين النهر والبحر دولة واحدة هي إسرائيل، ولن يتكرر «7 أكتوبر (تشرين الأول)»!

يندفع نتنياهو لخوض معركة رفح التي تجاوز عدد النازحين إليها 1.5 مليون فلسطيني. هاجسه إعلان الانتصار على أنقاضها، بعد تدمير ممنهج طال شمال القطاع ووسطه، ويُستكمل في خان يونس. أسقط أبرز اللاءات الأميركية كاقتطاع نحو 15 بالمائة من مساحة القطاع لإقامة حزام أمني على أرضٍ محروقة بعمق كيلومتر واحد! بينما ستفتح معركة رفح الباب لاقتلاع كبير باتجاه سيناء، لتكرار نكبة 1948.

وبعد 139 يوماً على إشعال جبهة جنوب لبنان في «ميني» حرب لـ«مشاغلة» العدو «إسناداً» لغزة، لم تنجح «المشاغلة» في إنقاذ منزل أو منع تهجير أسرة لتبدو وظيفة الخطاب المكرر خلق مناخ يخدم الاستهلاك الداخلي بعد الفشل في تبديل أنملة من المصير الأسود للغزاويين، ليرتسم أمام الجنوبيين المشهد الأخطر. حياة المواطنين تحولت إلى جحيم مع أكثر من غزة واحدة في البلدات الحدودية، مع دمار طال نحو 10 آلاف منزل وكل البنى التحتية، على امتداد أكثر من 100 كلم من الناقورة غرباً إلى شبعا شرقاً. وبذلك يتحول جنوب الليطاني إلى أرضٍ محروقة، حتى أنه لو بقدرة قادر توقفت اليوم الحرب الصهيونية على لبنان، فإن العودة إلى عشرات البلدات غير متيسرة، وقد تجاوزت الأعداد 100 ألف من جنوب الليطاني!

وفي رفح حيث يتكدس جائعون لا يجدون كسرة خبز وشربة ماء، وفي الشهر الخامس على بدء «طوفان الأقصى» ما زالت «حماس» ضحية انتصارها يوم «7 أكتوبر»، فوقعت في فخ كان يحذر منه نابليون وهو النجاح الأكبر من التوقع. لم تبلور مشروعاً سياسياً، ولم تكشف عن أي مبادرة قد تعطل الإبادة الآخذة بالاتساع والنكبة الزاحفة. لا تعرف أن لا مكان لها في حكم القطاع مستقبلاً، رغم ذلك لا يد ممدودة يمكن أن تفتح أفقاً فلسطينياً يهز التحالف الملتف حول إسرائيل. تكرر مساراً فلسطينياً يصل متأخراً فيقبل اليوم ما رفضه بالأمس، وإلاّ ما معنى إعلان هنية أن المطلوب «رفع الحصار وتوفير المأوى الآمن المناسب للنازحين والمشردين... ووقف سياسة التجويع»؟ ألا يعلم أن المشروع الصهيوني يفترض إرسال المتبقي من الغزاويين إلى ألوف الخيم التي ستقام على ساحل القطاع بعد تدمير الحجر والبشر؟ ولماذا أُهدرت سنوات في بناء «مترو غزة» الذي لم يعر مهندسوه الاهتمام لضرورة وجود ملجأ واحد للمواطنين يقيهم الجحيم الحالي؟

تعرف «حماس» أن ميزان القوى راجح إسرائيلياً، والحرب ستتواصل مستهدفة المدنيين وتقويض قدراتها العسكرية. تعرف أنها وحيدة وكل الممسكين بجبهات جنوب لبنان واليمن والعراق لا يريد أصحابها الوصول إلى القدس وتحريرها، بل جُلّ همهم ادعاء البقاء على «طريق القدس» حتى يكون لهم حصة وازنة من النفوذ وضمان هيمنة نظام الإيراني بعد الحرب على غزة!

في كل مرة تبدو صفوف المستمعين إلى خطب نصر الله كأنها تبحث عن جديد يشق لها طريق الخروج من المأزق. فـ«الحزب» وقع ضحية مقولة مفادها أن إسرائيل لا تتحمل الحروب الطويلة، في حين يخبرنا الواقع بأن «المشاغلة» لم تمنع تحول غزة إلى رماد وخطر تكرار نكبة 1948. وتوازياً ما كان «بيئة حاضنة» (وكل لبنان) لا قدرة لهم على التحمل، مع الانكشاف الأمني الاستخباراتي وعمليات القتل المرعبة... فمن له الحق؟ وبأي سلطة يجري هدر حيوات الذين يقتلهم العدو بدم بارد ولا يثير الوجع أي اهتمام؟

لكن مقدمات صفقة تثبيت النفوذ والحصص تناولها نصر الله مؤخراً عندما طلب من بقايا السلطة وضع «شروطٍ جديدة» لتطبيق القرار 1701، بهدف تجويفه، مع افتضاح منحى «عرقنة» لبنان عندما كشف اعتزام حزبه فرض تشريع «مقاومته»: «لا نقول حلّوا جيوشكم (...) فليكن لديكم الجيش، ولكن فلتتبنوا خيار المقاومة الشعبية التي أثبتت جدواها في إنجاز التحرير في لبنان وفلسطين والعراق»! إنها أصرح دعوة إلى «ميلشة» لبنان، و«الميلشة» وفق الوصف الدقيق الذي حذّر منه حازم صاغية، تعني انحلال الدولة والاقتصاد والأخلاق والقيم! اللبنانيون هم اليوم أمام تحدٍّ هو الأخطر بجعل لبنان جائزة ترضية للممانعين!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان جائزة ترضية للممانعين لبنان جائزة ترضية للممانعين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 12:13 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

معوقات تمويل الصناعات الصغيرة والمتوسطة

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 04:09 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

تخفيضات تصل إلى 50% في أحد المتاجر الكبيرة في 6 أكتوبر

GMT 05:21 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

الكشف عن مسببات جديدة تعزز من النوبات القلبية

GMT 20:43 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أمير كرارة يتخلى عن «شنب باشا مصر» من أجل «الاختيار»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon