توقيت القاهرة المحلي 21:14:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل هي بدايات حرب مدمرة للبنان؟

  مصر اليوم -

هل هي بدايات حرب مدمرة للبنان

بقلم - حنا صالح

كانت أخبار الجنوب تعلن أن بلدة بليدا استحالت غزة صغيرة، ومثلها بلدات كفركلا وعيترون وعيتا وغيرها، حوّلها العدو الذي يستبيح لبنان إلى أرض محروقة ليفرض بالنار حزامه الأمني. لكن جريدة «الأخبار» وما تمثل رأت أن «حزب الله» فرض القتال على «أرض العدو»، و«قيد خياراته»... وأن «التصعيد الإسرائيلي محسوب ولا يزال محدوداً»!

ومع اتخاذ التصعيد المتدحرج بعداً مثيراً لمخاوف كل اللبنانيين، وليس فقط أبناء الجنوب وحاصبيا والعرقوب، بعدما بدا أن اتساع الضربات «الجراحية» المرفقة بتصاعد التهديدات الإسرائيلية، يضع لبنان أمام أخطارٍ غير مسبوقة خلال الأيام العشرة الأولى من شهر مارس (آذار) المقبل، بحيث إن أي خطأ في الحساب سيفتح على لبنان أبواب الجحيم. الصوت الغائب المتغاضي عن حجم المخاطر، لا بل المتواطئ، كان صوت بقايا السلطة الملتحقة بـ«حزب الله» ومحوره، في تجاهلٍ لمطالب الأكثرية الساحقة الرافضة للحرب، وتعامٍ عن واقع أن ما من جهة خارج السلطة تدعم قرار ربط الجنوب بغزة، وفتح «ميني حرب» لإرباك العدو (...). وكان اللافت التمسك الرسمي بلغة خشبية في الرد على الوفود الزائرة بشأن تنفيذ القرار الدولي 1701، وهو بوليصة أمان للجنوب وسلام لبنان، والتنكر لمسؤولية السلطة عن مضمونه الذي يمنع وجود السلاح والمسلحين في منطقة «اليونيفيل»، بل راح البعض يتغنى بعبارة منسوبة إلى رئيس البرلمان نبيه بري، وفيها: «ننقل النهر إلى الحدود أهون من أن نرد الحزب عن النهر» (المقصود نهر الليطاني)!

تهديدات قادة إسرائيل التي طالت بيروت، والاستهدافات التي بلغت بلدة الغازية جنوب مدينة صيدا، وبلدة جدرا في ساحل الشوف على مسافة 30 كلم من العاصمة، لم تقابل بما تستحق من اهتمام رغم رفض تل أبيب أن ينسحب أي اتفاق بشأن غزة على لبنان. لا بل تأكدت قناعة واسعة مفادها أن حرب التوحش الصهيوني على غزة التي ستدخل مرحلة قتالٍ أقل كثافة، ستمكن العدو من التركيز على الشمال، أي جبهة جنوب لبنان، وهذا ما كشف عنه يوآف غالانت، وزير الحرب الإسرائيلي. قوبلت كل هذه الأخطار بالتجاهل وتالياً بحالة انفصام، وكأن إدخال الجنوب في الحرب أمر لا يعني القابعين على كراسي الحكم الذين لزّموا البلد وقراره لـ«حزب الله» الملتزم بأجندة إيرانية. لذلك لم تتخلف الأبواق عمّا درجت عليه تعميماتها، ساخرة من ذكاء اللبنانيين، لتعلن أن تهديدات إسرائيل وأفعالها في الميدان، «بما فيها التهديد بخيارات متطرفة، إنما تخدم مطلب التوصل إلى حلٍّ ما دبلوماسي، فيما للحرب الشاملة، مقدمات ما زال الكثير منها في طور التشكل»!

إذاً اطمئنوا، الأمور تحت السيطرة ولا حرب شاملة! وعليه يرفض «الحزب» الورقة الفرنسية؛ لأنه «لم يخسر كي يتنازل»، وتمتنع السلطة عن الرد عليها؛ لأن «حزب الله» يريد «التفاوض مع الأصيل الأميركي». فهم ينتظرون هوكشتاين لحلٍّ يلاقي مخطط «الحزب» المحكم؛ حجز أوضاع لبنان وكل استحقاقاته الدستورية وربطها بمسار الوضع بالجنوب (...)، مع ارتياحٍ إلى مقولة إن الانفجار الواسع سيمنع عودة المستوطنين، في تبسيط خطير رأى دعاته أن العودة ممكنة إلى ما كان قبل 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. يتم كل ذلك وسط تجاهل رسائل التحذير الخارجية التي لا تقبل تأويلاً، مثل إعلان ديفيد كاميرون من بيروت «أن هدنة غزة متى تحققت ليس مضموناً لها أن يوقف الإسرائيلي عملياته ضد لبنان»، إلى تحذير الفرنسيين من أن على مكتب نتنياهو مخطط آرييل شارون عام 1982 لتنفيذ اجتياح إسرائيلي حتى الأولي شمال مدينة صيدا!

ما حدث، الاثنين الفائت، من تصعيد نوعي إسرائيلي حاصر أداء «حزب الله» وتابعه الرسمي؛ إذ طاول القصف الجوي الإسرائيلي عمق لبنان فدمر أهدافاً منتقاة شرق مدينة بعلبك قرب الحدود مع سوريا، كما تلة الجرمق بين جزين وإقليم التفاح. وقتلت مُسيَّرة قائداً ميدانياً من «الحزب» على مقربة من مدينة صور، في عملية وصفها الإسرائيلي بأنها تتم في سياق «استراتيجية إسرائيل لتدمير الهيكل الميداني لـ(حزب الله)». رسم كل ذلك أمام اللبنانيين واقع أن الاستباحة الإسرائيلية باتت شاملة، وأن حساب الميدان لم يطابق حسابات «محور الممانعة»، لكن يبقى الأشد خطورة تعامي بقايا السلطة عن حقيقة أن توسع الحرب إلى العمق اللبناني ستكون تداعياتها أضخم وأفظع مما كانت عليه نتائج حرب عام 2006!

قبل أيام على نهاية الشهر الخامس على بدء «المشاغلة» من الجنوب بذريعة «إسناد» غزة، فرضت إسرائيل أجندة حربية أقرب إلى حرب مفتوحة تملك زمام مبادرتها. متجاوزة الترويج عن خطوط حمر، وأسقطت حكايات «توازن» الردع و«قواعد الاشتباك». ولا يبدل في المعطى الجديد رشقة صاروخية على تخوم مزارع شبعا أو الجولان أو مستوطنات الجليل الخالية من السكان مع إمكانية إنزال خسائر مادية بإسرائيل، فالارتدادات على لبنان تسقط المقارنات.

ما بعد «7 أكتوبر»، وما شهده العالم من إبادة جماعية في غزة، وتحضيرات علنية لمذبحة في رفح، يدل على أن إسرائيل أخذت مسافة عن الموقف الأميركي الداعم لها في كل الحالات. هناك التفاف على القيود التي سادت لعقود، كما لا ضغوط أميركية جدية في عام الانتخابات الرئاسية. هنا لا تكمن مآسي اللبنانيين فقط في جعل وظيفة بلدهم خدمة الأهداف الإيرانية الموكل تنفيذها لـ«حزب الله»، لضمان اعترافٍ غربي بنفوذ نظام الملالي في لبنان والمنطقة، بل في عداء بقايا السلطة للبنانيين وللمصالح الوطنية وأمن المواطنين. فكان التغاضي عن مؤشرات ذات دلالة على أن الاستباحة الصهيونية توازي الحرب الشاملة. بين المؤشرات القرار الإسرائيلي بإرجاء عودة المستوطنين إلى 7 يوليو (تموز) المقبل، وقبلها مخاطبة مجلس الأمن وتحميل لبنان مسؤولية انتهاك القرار 1701، ما شكل تحضيراً دبلوماسياً للمجتمع الدولي لتغطية توسيع الحرب شمالاً، إلى اتساع التأييد الشعبي في إسرائيل لشن حرب واسعة على لبنان، وترافق ذلك مع ضربات في العمق اللبناني بعدما باتت بلدات في الشريط الحدودي بمثابة أرضٍ محروقة أشبه بحزام أمني فرضته إسرائيل بالنار!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل هي بدايات حرب مدمرة للبنان هل هي بدايات حرب مدمرة للبنان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 12:13 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

معوقات تمويل الصناعات الصغيرة والمتوسطة

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 04:09 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

تخفيضات تصل إلى 50% في أحد المتاجر الكبيرة في 6 أكتوبر

GMT 05:21 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

الكشف عن مسببات جديدة تعزز من النوبات القلبية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon