توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عندما تطمئن السلطة إلى بقاء «قواعد الاشتباك»؟

  مصر اليوم -

عندما تطمئن السلطة إلى بقاء «قواعد الاشتباك»

بقلم- حنا صالح

كأن الحرب الإسرائيلية الإجرامية على غزة، وتحويل «حزب الله» الجنوب منصة «مساندة»، أعطت المتسلطين على البلد إجازة مفتوحة من المسؤوليات الملقاة نظرياً على عاتقهم... فوجدوا فيها الأعذار لتجاهل الاستحقاقات المصيرية، من الشغور الرئاسي إلى القفز فوق كرة انهيار الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية. وعندما حضرت السلطة في الموقف السياسي، قفزت فوق الوجع العام ومعاناة الجنوبيين الذين هجّرهم جعل الجنوب ساحة مستباحة وأرضاً محروقة، فبدت في موقع التابع لـ«حزب الله»!

ليست الفضيحة فقط في أن القرار بالاستباحة اتخذته ميليشيا مرجعية قرارها في طهران، وفي الوقت نفسه تشارك في السلطة وتحتجز قرار حكومة تصريف الأعمال، وتقرر منفردة المنحى الذي يخدم مصالح أملتها عليها ارتباطاتها الخارجية، بل تكراراً تكمن الفضيحة في التغطية الرسمية لكل ذلك.

يمر مرور الكرام وعد الشيخ نعيم قاسم بأن «الجنوب سيستمر كجبهة مساندة لغزة» في ازدراء لحقوق الناس وآمالهم بأمنٍ مستدام. لا هو كلف خاطره التوضيح للذين تهجّروا قسراً مَن منحه هذه الوكالة ومن ولّاه على الجنوب وأهله ولا أحد سأله؟ وفي استسهال غير مسبوقٍ للحرب وويلاتها ولهفة المواطنين لاستعادة الاستقرار، يبشر «الحزب» بالحرب؛ لأن الأمر وفق السيد هاشم صفي الدين: «أكده الخميني بأن هذا العدو يجب أن يمحى»... لم تكن الحرب يوماً نزهة كما يستسهلون تصويرها، وبالتأكيد لبلد مفلس منهار كلبنان هي كارثة كاملة، تكتمل معالمها مع إعلان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اطمئنانه لأن «قواعد الاشتباك عند الحدود الجنوبية بين لبنان وإسرائيل تبقى كما هي»(!)، ويضيف بأنه «لا توجد ضمانات دولية يمكن أن نطمئن لها»!

لنكبة لبنان جوانب عديدة، من تطبيع الطبقة السياسية مع الخلل الوطني في ميزان القوى الداخلي والحصيلة تغطية اختطاف الدولة بالسلاح مقابل مكاسب فئوية خاصة، إلى انتفاء الصلاحية الوطنية لجهات سياسية كثيرة تدين بوجودها للاحتلال الخارجي والتبعية. إذّاك يصبح من عاديات الأمور التعاطي اللامسؤول مع القرار الدولي 1701 الذي أنهى الأعمال العسكرية بعد الحرب على لبنان في عام 2006، ووفر مع «اليونيفيل» الضمانة للسيادة، فعاش الجنوب فسحة ازدهار واستقرار لم يعرفها منذ عقود، فيتم تقديم «قواعد الاشتباك»! وإن حدث الانزلاق فالكل يعلم النتيجة مسبقاً! لذا الأولوية لتنفيذ القرار 1701 لأنه يفتح الطريق لسلام الجنوب ولبنان، وهذا ما حثت على التزامه المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، يوانا فرونتسكا، التي طالبت «بتنفيذ القرار الدولي على أرض الواقع من أجل حماية لبنان من الحرب في المنطقة»، وأكدت إثر مشاركتها في مناقشات المنظمة الدولية حول القرار 1701 أن «موقف مجلس الأمن موحد في شأن لبنان».

لقد برز بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الترابط في المشهد بين دول المنطقة. الحرب على غزة تؤثر بقوة على لبنان والأردن ومصر، وبنسبٍ متفاوتة على بقية دول المنطقة، لكن هل يعني هذا الترابط والتأثير ترك اللبنانيين في العراء لمصيرهم بانتظار الحلول في المنطقة؟ وإلى أين سيفضي استسهال التحالف المتسلط الرضوخ لـ«حزب الله» ببقاء لبنان دولة مقطوعة الرأس، حكومته واجهة لقرار في مكانٍ آخر، لا يضيرها المضي في تغطية اختطاف الدولة وحتى إلغائها والهزء بالشرعية اللبنانية والخفة في التعاطي مع الشرعية الدولية؟

لقد اختارت الطبقة السياسية اللبنانية المنضوية في إطار نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي، انتظار ما ستؤول إليه حرب الإبادة على غزة، فتعامت عن مصالح اللبنانيين ورغباتهم. وكل ما يطفو على سطح الممارسة يشي بترسخ إدارة الظهر للأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية التي تضرب لبنان المنهوب والمُفقر عمداً، فيتم تغييب كل العناوين وتجاهل الحد الأدنى من المسؤولية التي ترتب السعي لتحصين الداخل. يتصرفون وكأن عامل الوقت لا قيمة له إزاء إنهاء الشغور في الرئاسة وقد مضى عليه 13 شهراً، وهم يقرّون بأن ذلك مدخل لانتظام عمل السلطة التنفيذية والمؤسسات... وبالسياق، حوّلوا مصير قيادة الجيش بازاراً رغم أن شبح الفراغ يلوح في الأفق، قبل 40 يوماً من نهاية ولاية القائد الحالي جوزف عون!

ما يثير الاستهجان هو الإمعان بتجاهل رغبات الناس وهواجسها، وما عبّرت عنه في صناديق الاقتراع يوم حرم المقترعون «حزب الله» أكثريته النيابية؛ لذا ما من جهة سياسية في «معارضة» النظام أبدت جاهزية لخوض معركة مساءلة ومحاسبة تمليها مسؤوليتها. بعض «معارضة» نظام المحاصصة الغنائمي اكتفت بأن ترفع في المناسبات عنوان تحرير الجمهورية وفك أسر الرئاسة من الشغور المقيم؛ لتضيف إلى ذلك رسائل للخارج لحمتها وسداها تسجيل موقف أو توسل براءة حيال ما يجري.

مرات ومرات تعاود هذه القوى رفع الشعارات البراقة عن السيادة لذر الرماد في العيون؛ تغطية لتاريخ من تقديمها أولوية مصالحها الضيقة والفئوية على همِّ بناء الدولة، والثابت في أدائها انعدام الرؤية الاستراتيجية عندما تقدم حروبها الداخلية الصغيرة حمايةً لموقعها في المحاصصة، بينما يمضي «حزب الله» في مشروعه لإقامة «لبنان آخر» فوق ركام الشرعية ومؤسساتها، ويتم الترويج بأن «ما كان قبل الحرب على غزة لن يكون بعدها»، وأن المنحى الآتي التشدد في كل الملفات الداخلية!

لن يكون مستغرباً أن يمنّن «الحزب» اللبنانيين مدعياً بأنه دافع عنهم (...) وبالتالي آن أوان تسديد الحساب باستكمال إمساكه بالمواقع الرئيسية، كأن «يختار» للبنانيين رئيس جمهوريتهم وقائد جيشهم وقد حدد لهما مضمون الوظيفة والدور! إنه أمر يشي بأن جلجلة اللبنانيين طويلة ومتعذر أي منحى لبدء تجاوز الأزمات القاتلة قبل إنقاذ البلد من المافيا الميليشيوية المالية المتسلطة والمتحكمة في رقاب الناس!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما تطمئن السلطة إلى بقاء «قواعد الاشتباك» عندما تطمئن السلطة إلى بقاء «قواعد الاشتباك»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon