توقيت القاهرة المحلي 13:59:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن مخاطر جعل لبنان جائزة ترضية!

  مصر اليوم -

عن مخاطر جعل لبنان جائزة ترضية

بقلم - حنا صالح

هناك اليوم إجماع في تل أبيب، شمل المستويين السياسي والعسكري، على شن حربٍ ضد لبنان، تحت شعار فرض تطبيق القرار الدولي 1701. والهدف إبعاد الخطر عن الجليل والمستوطنات الشمالية قبل التفكير بإعادة سكانها، بعدما مددت حكومة العدو إقامتهم خارج الشمال الإسرائيلي حتى نهاية فبراير (شباط) المقبل.

المبادرة بيد تل أبيب ويجري تحضير المسرح لخدمة هذا الهدف من تدمير مبرمج لكل المنطقة الحدودية، بحيث بات هناك أكثر من غزة صغيرة في المنطقة، إضافةً إلى الاستهداف المتلاحق لخطوط الإمداد الإيراني في سوريا. الذرائع والدوافع كبيرة، ليس أقلها قناعة لدى المستوى العسكري أنه بالإمكان توجيه ضربة تدميرية إلى لبنان يستعيد معها الجيش الإسرائيلي هالة الردع، فيما يشكل توسع الجبهات وإطالة أمد حرب التوحش فرصة لنتنياهو لتبييض سجله كشخصية سياسية فاسدة!

توازياً يبدو «حزب الله» عالقاً في عنق الزجاجة، ومستمراً في نهج عسكري سمّاه «مشاغلة» العدو، لا يريد التقدم أكثر ولا يستطيع التراجع. ربما كان يعتقد، كما «حماس»، أن وجود هذا الكم من الرهائن سيَحول دون قيام إسرائيل بحرب تدمير شاملة وإبادة جماعية، الأمر الذي لم يحصل. يعرف «الحزب» أن القرار بتوسيع الحرب من جهته رهن مشيئة طهران ومصالحها، وتخشى الأخيرة من حربٍ قد تبدد نفوذها عوض ترسيخه، و«حزب الله» درة التاج في المشروع الإيراني. أما التراجع، ومن الأساس لم تخفف «المشاغلة» قيد أنملة من وطأة التوحش ضد الغزاويين، والدليل أن إسرائيل تسحب ألويتها لانتفاء الحاجة إليها، فيهدد -إن حدث- بإطاحة الكثير من المكاسب المأمولة عندما يحين موعد التفاوض لتوزيع حصص النفوذ!

وسط ظروف حربية متأججة وتهديدات إسرائيلية متتالية بإخلاء جنوب الليطاني من السلاح و«حزب الله»، أكان بالدبلوماسية أو تتولى إسرائيل العملية، ومع «مشاغلة» متدحرجة صعوداً، وسيطرة مطلقة من «الحزب» على منطقة عمليات القوات الدولية، حدث اعتداء مزدوج على القوات الدولية، بدا ما تلاه مثيراً للسخرية، مع مهزلة الاختباء خلف «الأهالي» فاستكملته السلطة بصمت مريب!

السؤال الذي طرح نفسه، أنه في حمأة الاتصالات الهادفة إلى تطبيق القرار الدولي 1701 بكل مندرجاته، هل قرر «حزب الله» منفرداً إلغاء هذا القرار؟ وهل انتقل إلى إنهاء مفاعيله، بعدما فرض تعليقه عملياً منذ بدئه العمليات من الجنوب يوم 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مع ترويج بأن القرار يحمي إسرائيل؟ وتذهب الأسئلة أبعد من ذلك عمّا إذا كان «الحزب» ومعه طهران يعدّان إخضاع الجنوب لـ«حرب محدودة» قد استُنفد؟ وتالياً هل تفترض مصالح النظام الإيراني خطوات تسخين خطيرة مع استخفافٍ كامل بما ينتج عنها من تلاقٍ كامل مع التهديدات الإسرائيلية بتدمير لبنان في منتصف الطريق؟

الأرجح أنه انطلاقاً من المعلن عن الموقف الأميركي الذي يرى حصر الحرب في نطاق قطاع غزة وبهدف تقويض قدرات «حماس»، ومع الاتصالات الأميركية التمهيدية لزيارة المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، تم استهداف «يونيفيل» والقرار الدولي 1701 لإملاء جدول أعمال يخدم مصالح ومكانة النظام في إيران ودوره اللاحق، عندما يبدأ البحث بتسويات «اليوم التالي» وكيف سترسو صيغ النفوذ.

لاكتمال الصورة لا بد من التوقف عند ما قيل إن «حزب الله» أوكل به رئيس البرلمان نبيه بري، وهو إبلاغ «الخماسية الدولية»، والمقصود فعلياً واشنطن وباريس، أن ثمن تنفيذ «الحزب» القرار الدولي وانسحابه من جنوب الليطاني يفترض عدم وجود سلطة سياسية معادية له في بيروت (...)! هنا بغضّ النظر عن الذي نُقل بأن بري يرفض المقايضة بين الرئاسة والقرار 1701، فلا نفي للواقعة، والسيناريوهات الداخلية عادت تتمحور حول رئيس «يحمي المقاومة» ويضمن سلاحها (...) لذلك بعدما فشل «حزب الله» في فرض إملاءاته خصوصاً بعدما أسقط التصويت العقابي أكثريته النيابية، مطلوب من الخارج تسهيل قبضه على الرئاسة!

وهكذا بموازاة تحضير المسرح لجعل اللبنانيين، وأولهم أبناء الجنوب، «أضاحي» في خدمة المشروع الإمبراطوري الإيراني، مطلوب من الولايات المتحدة وفرنسا، مكافأة «حزب الله» بتأبيد سيطرته على النظام السياسي وضمان انتصاره على اللبنانيين مقابل أمن الإسرائيليين في المستوطنات الإسرائيلية!

مشروع خزي يجري التخطيط له بين طهران وعواصم غربية، يقضي بمقايضة الأمن للإسرائيليين مقابل تسليم دولي بالهيمنة الإيرانية المطلقة على لبنان! أي جعل لبنان جائزة ترضية لحكام طهران الذين يعرفون أن زمن نفوذهم في قطاع غزة إلى أفول، وقد لا يكون وضع الحوثيين مريحاً لمشاريعهم في المستقبل!

مع الحذر الواجب حيال نفاق وازدواجية المعايير لدى الدول الغربية، والولايات المتحدة خصوصاً، التي تبنت وغطَّت التوحش الإسرائيلي وما يسفر عنه من إبادة جماعية للغزاويين، فإن السنوات المنصرمة أظهرت أن الأطراف الخارجية التي أدانت بقسوة فساد الطبقة السياسية، التقت إلى تاريخه على دعم لبنان المستقل وغير المرتهن. مع أخذ ذلك في الاعتبار، فإن لبنان 2023 رغم مآسيه هو أيضاً لبنان ما بعد محطة «17 تشرين». المحطة التي بلورت وحدة اللبنانيين فتجاوزوا الانقسامات الطائفية ورسموا المنحى الحقيقي للإنقاذ على قاعدة إنهاء الخلل الوطني. الخطر حقيقي، لكنّ تجارب كثيرة مرّ بها لبنان أكدت استحالة إخضاع اللبنانيين لسيطرة طائفة (عملياً باسم الطائفة) نموذجها ما يعيشه المواطن اليوم.

أياً كان حجم التآمر فإن مشروع «تطويع» اللبنانيين ليس لقمة سائغة، ولن تنطلي عليهم بعد حكايات شماعة «الدفاع» عن لبنان، وقد لمس المواطن نتائجها مع التدمير الممنهج لكل بلدات الشريط الحدودي التي بفضل هذا «الدفاع» هي أشبه بحزام أمني فرضه العدو بالنار!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن مخاطر جعل لبنان جائزة ترضية عن مخاطر جعل لبنان جائزة ترضية



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي مستلهم من الصيام لتحسين صحة الكلى
  مصر اليوم - نظام غذائي مستلهم من الصيام لتحسين صحة الكلى

GMT 11:17 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

رامي صبري يُعلق على حفلته في كندا
  مصر اليوم - رامي صبري يُعلق على حفلته في كندا

GMT 23:37 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هاريس تتعهد بالعمل على إنهاء الحرب في الشرق الأوسط
  مصر اليوم - هاريس تتعهد بالعمل على إنهاء الحرب في الشرق الأوسط

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 21:04 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

فيسبوك يوسع نطاق خدمة الأخبار المحلية

GMT 03:12 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يعلن عن أسباب تسوس الأسنان

GMT 11:40 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

"زيزو" ينفي وجود أي مفاوضات للتجديد للبدري

GMT 09:34 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

الألواح الملوّنة يمكنها توفير %20 من الطاقة للمباني

GMT 13:43 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

فلكي مصري يتنبأ بنتيجة الانتخابات الرئاسية المقبلة

GMT 04:16 2016 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

إيساف ومحمد رشاد يكشفان جديدهما في "سنة تانية غنا"

GMT 02:26 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عقار جديد لفقدان الوزن بنفس فعالية حمية أتكينز

GMT 07:55 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن محور الحفلة الدولية لـ " Met Gala "

GMT 07:39 2022 السبت ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الخطيب يتابع كولر بحضوره المران للأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon