توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الكلام للميدان»... لكن ماذا عن لبنان واللبنانيين؟

  مصر اليوم -

«الكلام للميدان» لكن ماذا عن لبنان واللبنانيين

بقلم- حنا صالح

 

ما من مرة أكثر من اليوم يتمسك المواطن اللبناني عموماً، والجنوبي خصوصاً، بالقرار الدولي 1701 ويطالب بالالتزام به واحترام مندرجاته وتطبيقه بعيداً عن التذاكي الحكومي في تناوله رفعاً للعتب!

مُقلقٌ اتساع التراشق الصاروخي والمدفعي عبر الخط الأزرق، وبدء حرب المُسيّرات، وزجِّ العدو سلاح الجو في الإغارة على إقليم التفاح وجزين شمال الليطاني... وبعد استباحة ميليشيات «حماس» و«الجهاد» المنطقة الحدودية وانضمامها إلى ميليشيا «حزب الله»، يكتشف المواطن اللبناني أهمية القرار الدولي 1701، لأنه بفضله، ومع وجود «يونيفيل» وانتشارٍ نسبيٍّ للجيش، نَعِمَ الجنوب باستقرار نوعي فترة ما بعد حرب عام 2006، وعرف الجنوبيّ الأمان الذي وفَّر له مظلة لتحقيق تنمية وازدهار، والأهم البقاء في أرضه.

المواطن اللبناني الذي نُهِبَ وأُفقرَ، ويُعاني جور الإجراءات المالية والاقتصادية التي تتخذها طبقة سياسية انتهت صلاحيتها الوطنية، لم يكن في حسبانه أن من اختطف الدولة وصادر قرار البلد، يستسهل تحميل اللبنانيين ما لا طاقة لهم باحتماله بالتسبب في جعل لبنان «غزة ثانية». مع تجاهل أبعاد بقاء الجمهورية مقطوعة الرأس وفراغ في السلطة التنفيذية التابعة، وبرلمان عاجز مصادر القرار، وترهل المؤسسات العامة واندثار الجهات الرسمية التي تنظم أوضاع الناس الذين افتقدوا حبة الدواء ولقمة الخبز.

وأمام هول التدمير اللاحق بغزة، والاقتلاع المبرمج للغزاويين تحت وطأة الإبادة الجماعية، يستعيد المواطن اللبناني مشاهد رعبٍ من حرب يوليو (تموز): الضاحية الجنوبية المدمَّرة والبلدات التي تحولت إلى ركام، والتهجير الواسع، إلى الجسور التي اقتُلعت وعُزلت المناطق بعضها عن بعض، كما الحصار الذي عزل لبنان عن العالم... ليفاجأ بإعلان حسن نصر الله أن «الكلام يبقى للميدان»؟! لكن ماذا عن لبنان ومصالحه وحقوق اللبنانيين؟ وما هذا الاستسهال في تجاهل هشاشة الوضع والانهيار الاجتماعي اللاحق بالناس، وبينها معاناة «البيئة» الحاضنة، ككل البيئات اللبنانية المتروكة تواجه عاريةً تداعيات الانهيارات العامة وزحف المجاعة؟!

هل يريد «حزب الله»، وهو الجهة التي تنفرد بقرار الحرب والسلم بعدما همّش السلطة، الهزيلة أصلاً والمرتهنة دوماً، القول إن تفويضاً مطلقاً مُنِحَ لحاملي السلاح ليفعلوا ما يرونه مناسباً؟ إنها قمة الاستهانة بذكاء المواطنين ومصالح البلد واستسهال الحسابات الخاطئة التي يمكن أن تُفضي إلى حرب مدمِّرة. مخيفةٌ إدارة الظهر لتحذيرات الدول الصديقة للبنان، ومخيفٌ تجاهل تهديدات العدو وممارساته، خصوصاً رغبات المستوى العسكري الصهيوني باستهداف مدمِّر للبنان لاستعادة الهيبة والردع بعدما فقد عنصر المفاجأة على جبهة غزة. ومقلقٌ تعامي الحكومة الواجهة عن واجبها ومسؤوليتها، ومثلها البرلمان ورئاسته تحديداً، حيال إعلان طهران «أن رقعة الحرب اتسعت ودخل لبنان في الصراع»!

والسؤال مطروح أيضاً عما إذا كان «حزب الله» يمتلك فعلاً القدرة على تجاهل معنى الحضور العسكري الأميركي في شرق المتوسط والمنطقة، واستسهال إدارة الظهر لضغوط واشنطن لمنع توسيع الحرب، خصوصاً ردع إسرائيل عن شنِّ حربٍ استباقية ضد لبنان، وكان آخرها اتصال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بنظيره الإسرائيلي يوآف غالانت والتحذيرات التي حملها. ثم ألم يحن الوقت للتوقف أمام المسؤولية عمّا يجري، وقرى جنوب الليطاني هجرها بالحد الأدنى أكثر من 50 في المائة من أهلها؟

هناك سؤال يطرح نفسه متعلِّق بالقيمة الحقيقية لـ«مشاغلة» العدو بالنار وتجميد قوات على الجبهة الشمالية، والكل يعلم أنه متعذِّرٌ زجَّ كل الجيش الإسرائيلي في المواجهات داخل القطاع في منطقة جغرافية ضيقة. وماذا سيضيف «الميدان» لرصيد «الحزب» مقابل سقوط عدد كبير من الشباب اللبناني، فضلاً عن المدنيين الذين لا يؤتى على ذكرهم، وما زالت المواجهات محدودة ولم يُرمَ لبنان في أتون حربٍ شاملة، يهدد العدو بنموذج غزة، أي اعتماد «عقيدة الضاحية»، ليتسبب بضرر ودمار هائلين إلى تنفيذ سياسة العقاب الجماعي؟ هناك من سيتحمل بالنهاية المسؤولية عن استسهال الحرب، واستهانته بأرواح الناس وأمنهم وسلامهم واستقرارهم وحقهم في الاطمئنان إلى غدهم، إنه «الحزب» وكل السلطة التي تغطي اختطافه قرار البلد.

وبعد، ما يشهده العالم «لايف» على الأثير من مشاهد إبادة حوّلت مستشفيات غزة إلى مقابر جماعية، وما يسجَّل من بطولات للغزاويين، فرضَ تعديلاً جوهرياً على الأجندة الدولية، وازدياداً في التوحش الصهيوني. أسقط الرأي العام العالمي المزاعم بأن الصراع مسألة أمنية، وتعالت الأصوات التي تؤكد أن إنهاء الاحتلال هو ما يُخرج المنطقة والعالم من عنق الزجاجة. ومع التجاوز الواسع لأكاذيب أُلصقت بما جرى يوم «7 أكتوبر»، أطاحت مظاهرات لندن وزيرة الداخلية، ومئات الصحافيين في أميركا حمَّلوا «غرف الأخبار المسؤولية عن خطاب غير إنساني يسوِّغ التطهير العرقي للفلسطينيين»، واتهمت مذكرة داخلية وقَّعها 100 مسؤول في الخارجية الأميركية الرئيس بايدن بـ«نشر معلومات مضللة» بشأن الحرب على غزة، ما جعلته «متواطئاً في الإبادة الجماعية»... وتشهد باريس تمرداً دبلوماسياً ضد انحياز الرئيس ماكرون لإسرائيل!

وبينما العالم يغلي، شكّلت قمة الرياض العربية الإسلامية التي جمعت 57 دولة تمثل أكثر من مليار ونصف المليار إنسان، مَعلماً سيكون من الصعب تجاوز تأكيده أن الاحتلال أفضى إلى «7 أكتوبر»، وما تقوم به إسرائيل إبادة تفترض محاكمة مرتكبيها... إلى التأكيد أن الأساس المطلوب البديل عن الاحتلال يكون بالحل السياسي الشامل: حل الدولتين، الدولة الفلسطينية القابلة للعيش... لكل ذلك لا أولوية لبنانية اليوم تفوق حماية حياة اللبنانيين والذود عنها بتحييد لبنان عن «ممر الأفيال»، مع التوحد حول أحقية مطالب الشعب الفلسطيني في الدولة المستقلة والسيادة غير المنقوصة والحرية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الكلام للميدان» لكن ماذا عن لبنان واللبنانيين «الكلام للميدان» لكن ماذا عن لبنان واللبنانيين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon