توقيت القاهرة المحلي 09:33:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الكتلة التاريخية» كي يستعيد لبنان مسار التعافي!

  مصر اليوم -

«الكتلة التاريخية» كي يستعيد لبنان مسار التعافي

بقلم: حنا صالح

الذين ظنوا أن الأوليغارشية المتسلطة ستقدم قراءة لدروس الانتخابات البرلمانية خاب أملهم! لا تدقيق ولا مراجعة، فالكل وضعوا أنفسهم في خانة الفائزين! ولئن اعترف حسن نصر الله بخسارة الأكثرية النيابية التي كان يتحكم في قرارها، لكنه خبّرنا أنه الأكبر شعبياً، ولم يتوقف عند تراجع نسب الاقتراع لفريقه. لكن الأهم في إطلالاته المكثفة، بعدما باحت صناديق الاقتراع بمكنونها، كان في تجاهله وجع اللبنانيين، والقفز فوق تصويتهم العقابي، لينفي مسؤولية حزبه في تسريع الانهيار، ومسؤولية التحالف المافياوي عن مآسي اللبنانيين، فدعا إلى انتظار استخراج النفط والغاز لمعالجة الأوضاع المعيشية والاقتصادية!
لم يكن منتظراً من نصر الله أن ينتقد نهج استباحة الحدود وأولوية اقتصاد الدويلة على حساب رغيف المواطن وحبة دوائه، إلى أولوية تأمين التمويل، بكل الأشكال، لتغطية حروب «فيلق القدس»، وتجاهل الأسباب التي جعلت 83 في المائة من اللبنانيين يعيشون على خط الفقر ودونه. لكن ما فات الأمين العام، أن اللبنانيين يعرفون حجم الفقر المدقع في إيران، الذي لم يُحل رغم أن هذا البلد بين أبرز الدول المنتجة للنفط والغاز، ولا حاجة للتذكير بما آل إليه الوضع في فنزويلا التي تمتلك الاحتياط النفطي العالمي الأول!
حمل الموقف إشارة إلى أن السلاح الذي تمتلكه الدويلة هو «ضمانة» الثروة! وهذه ليست المرة الأولى التي يصار فيها إلى البحث عن الذرائع لتبرير بقاء السلاح خارج الشرعية. فبعد تحديد 25 مايو (أيار) 2000 عيداً للتحرير بعد إجلاء الاحتلال، ارتبط بقاء السلاح بإثارة خارجية لقضية مزارع شبعا، التي قال عنها وليد المعلم «بمعزل عن أن تكون سورية أو لبنانية فهي بالتأكيد ليست إسرائيلية»! وبعد 22 سنة لم يستكمل التحرير (...) ومُنِعَ التفاوض بشأنها سواء مع إسرائيل أو سوريا! وفي عام 2008 اجتيحت بيروت تحت عنوان «السلاح لحماية السلاح»، ومنذ انطلاقة ثورة الشعب السوري صار السلاح لحماية المراقد (...) واليوم لحماية التنقيب عن النفط والغاز، وما من أحد كلف خاطره وخبّر اللبنانيين كيف تم التخلي عن الخط 29 حدود السيادة والثروة، وأين السلاح وها هي إسرائيل تنقب في «كاريش» شمال الخط 29 ولم تُرشق بوردة!
«التيار الوطني الحر»، الذي استحق تسمية تيار العتمة، بعدما منحه «حزب الله» بأصواته 8 مقاعد نيابية، خرج رئيسه جبران باسيل مزهواً بأنه الأقوى (...)، وإن تراجعت الأصوات من 276 ألفاً عام 2018 إلى أقل من 130 ألفاً، ليطالب بحكومة سياسية، منسجماً مع طروحات «مرشد الجمهورية» بالدعوة إلى حكومة محاصصة، تستنسخ حكومات «الوحدة الوطنية» التي باسمها كان التسلط ما قبل «17 تشرين» 2019 مما حوّل البلد إلى مزارع طائفية لمتسلطين ناهبين تسببوا في الانهيار وعجلوا وقوعه!
اللواء جميل السيد، أبرز الودائع المتبقية للنظام السوري، أطل من القصر الجمهوري قافزاً فوق مدلولات الانتخابات، ليعلن أن صلاحيات الرئاسة عند انتهاء الولاية في 31 أكتوبر (تشرين الأول) لن تمنح لحكومة تصريف أعمال! ما يعني وجود نية بمنع تأليف حكومة، ومع تعذر انتخاب رئيس للجمهورية يستمر ميشال عون في موقعه. ومثل هذا الحديث كثُر في الآونة الأخيرة وحمل عنوان باسيل للرئاسة وإلّا... ليبقى عون في بعبدا!
باختصار، يريدون وضع الانتخابات خلفهم مع عرض وهمي بتأجيل البحث بالسلاح سنتين، علماً بأن هذه المعضلة لا تعالج خلال أشهر، وإلّا «لا تخطئوا في التقدير في اتخاذ القرار»، و«خلي يبقى في دولة وبلد حتى تطالبنا نسلم سلاحنا للدولة»! وبحسبهم ليستمر نهج المحاصصة والمقايضة، لأنه بعرفهم ليس بعد الانتخابات غير الذي كان قبلها، فتدار السياسة من الغرف السوداء التي حلت مكان المؤسسات الدستورية، نتيجة الأمر الواقع من جهة، ومن الجهة الأخرى استسهال المستفيدين الذين تخلوا عن مسؤوليتهم!
في 15 مايو، اقترع اللبنانيون لثورة «17 تشرين»، تجاوزوا اللوائح المفخخة واعتمدوا التصويت الأخلاقي فعاقبوا في صناديق الاقتراع أطراف نظام المحاصصة والارتهان للمحور الإيراني. أوصلوا تكتلاً من النواب التغييريين، ونواباً مستقلين فأحدثوا الفارق. إنها المرة الأولى في تاريخ لبنان، تتبلور «كتلة تاريخية» شعبية ناخبة تجاوزت الانقسامات التقليدية الطائفية والمناطقية، لا مجال للمقارنة بينها وبين أي تجربة سابقة، لا مع «الحركة الوطنية» منذ مطلع السبعينات، ولا مع «14 آذار» بعد عام 2005، فتلك الحالات كانت، لولا بعض الرتوش، انقساماً طائفياً صافياً! فيما بالإمكان اليوم البناء على الانتخابات لبلورة بديل سياسي تفرزه معارضة شاملة عابرة للمناطق والطوائف.
كل الأحداث التي عرفها لبنان في الأعوام 52 و58 و69 و73 إلى الحرب الأهلية، كانت صراعات فوقية بين أطراف الطبقة السياسية، وكان الناس وقودها وفي الغالب يتصالح «الكبار» قبل دفن الضحايا... حتى «انتفاضة الاستقلال» التي هزّت النظامين الأمنيين في لبنان وسوريا جرى تطييفها، فيما شكلت «17 تشرين» حالة بديلة، ترجمت الانتخابات ما حملته من هواء نظيف يمكن أن يكنس «الغرغرينا» المتحكمة في الجسم اللبناني إن توفرت الأدوات الكفاحية لإبقاء زخم الناس في معركة استعادة الدولة المخطوفة.
إن توحد تكتل النواب التغييريين حول رؤية برنامجية، سيمنحهم الفرصة لخوض المواجهات لاستعادة القرار الوطني، والضغط لفرض المحاسبة وبدء الإصلاح حماية للحقوق والمصالح العامة، ما سيضع كل النواب المعارضين أمام استحقاقٍ لا لبس فيه فيُعقِّد الصفقات والمحاصصات الطائفية. ففي أول جلسة للبرلمان الجديد فضح نواب الثورة التركيبة العفنة وأسقطوا التعليب وفرضوا انتخابات حقيقية، لكن من غير الجائز انتظار التكتل الجديد على الكوع والاكتفاء بالمراقبة. هذا التكتل مطالب بأن يحتل موقعه المتقدم ضمن حالة وطنية، تضم كفاءات وحيثيات مدينية ومناطقية وفعاليات خاضت الانتخابات، وبالتوازي بات ضرورياً بلورة حالة سياسية منظمة أو أكثر، تعبر كل واحدة عن جانبٍ من المناخ التشريني الذي جمع لبنانيين من اليمين والوسط واليسار، والتجربة الأقرب إلى وضع لبنان، تلك التي عرفتها إيطاليا قبل عقدين وعرفت بتحالف «شجرة الزيتون» التي أوصلت حكومات برئاسة رومانو برودي وماسيمو داليما وسواهما.
كل المقدمات متوفرة لتحويل الفوز الانتخابي لقوى التغيير إلى حالة وطنية، والحالات الحزبية الجنينية ستتبلور، بحيث تظهر «الكتلة التاريخية» كأرضٍ صلبة لمعركة صعبة توفر الإمكانية لقلب المشهد السياسي كلية في انتخابات عام 2026، وسيكون بوسع هذه الكتلة، أن تحاصر مصادرة القرار الوطني وتغول الدويلة، وأن تدفن محاولات إعادة الروح لنظام المحاصصة الطائفي الغنائمي. وعلى الطريق إنه وقت تحفيز الساحات، لتنظيم الاجتماعات والندوات وإطلاق الحوارات، بين وجوه التغيير والناشطين وعشرات الآلاف ممن اقترعوا للتغيير، بما يزخم العمل السياسي ودور المواطنين في صناعة الحدث اللبناني المنتظر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الكتلة التاريخية» كي يستعيد لبنان مسار التعافي «الكتلة التاريخية» كي يستعيد لبنان مسار التعافي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - كريم عبد العزيز يتحدث عن الرقم واحد وهذا ما قاله عن هنا الزاهد

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 09:24 2023 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى إبراهيم تكشف كيف تظهر بصحة جيدة رغم محاربتها المرض

GMT 11:00 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

أحدث موديلات العبايات الأنيقة والعصرية هذا العام

GMT 08:58 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

روتين ضروري قبل النوم للحفاظ على نضارة البشرة

GMT 07:12 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

مرتضى منصور يعلق على رسالة طارق حامد

GMT 03:15 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

رانيا يوسف تحتفل بقُرب انتهاء تصوير "مملكة إبليس"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon