توقيت القاهرة المحلي 21:13:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المرحلة الثالثة... لتجنيب إسرائيل هزيمة استراتيجية!

  مصر اليوم -

المرحلة الثالثة لتجنيب إسرائيل هزيمة استراتيجية

بقلم:حنا صالح

يبدو أنه لا نهاية قريبة لحرب التوحش الإسرائيلي على غزة. يتوعد نتنياهو بـ«حرب طويلة، وأن إسرائيل ستقاتل حتى النهاية»، فبعدما تجاوزت الحرب الثمانين يوماً يعرف جيداً أن تل أبيب فشلت في استئصال «حماس» وعجزت عن مهمة تحرير الرهائن بالقوة. توازياً يفرض المشهد الغزاوي نفسه على غالانت وزير الدفاع فيهدد «سنفكك (حماس) وإلا فإن استمرار وجودنا كدولة سيكون على المحك»، وهو الأدرى بما يعنيه افتقاد القدرة على استعادة «الردع» و«هيبة» الجيش الذي لا يقهر، وسقوط «الهالة» المشغولة بإتقان عن فاعلية الأجهزة الأمنية والاستخباراتية... ويغيب كلية الحديث عن حلٍ سياسي.

طوت حرب الاقتلاع والإبادة الجماعية شهر ديسمبر (كانون الأول)، وسط متابعة عالمية مباشرة على أثير التلفزة لفصول توحشها بارتكاب مقتلة العصر. ينزل الجيش الإسرائيلي المجازر يومياً بالمدنيين الفلسطينيين، يسحق ويدمر ويحيل العمران أثراً بعد عين، والمخطط جعل القطاع أرضاً محروقة غير قابلة للعيش. لكن المفاجأة تكبر؛ لا استسلام، ويكاد يتعب من القتل القاتل المتمسك بوصية ديفيد بن غوريون بأن «الآباء بيموتوا والأبناء بينسوا». والحصيلة أنه بعد 75 سنة، يتوارث الأجيال حلم استعادة الحقوق الطبيعية لفلسطينيين لم يرضخوا للأمر الواقع كما أمل موشيه دايان. كل ذلك عجّل بخلق عاصفة إدانة دولية لإسرائيل وبروز مؤشرات عن خطوات لملاحقة قادتها أمام محكمة العدل الدولية بتهم الإبادة الجماعية.

وتنقل «وول ستريت جورنال» عن ضابط بارزٍ في القيادة أنه مع شبكة الأنفاق فإن «التحكم في المنطقة أمر معقد»، وأن العملية ستمتد «لفترة أطول من المتوقع». ومع فاعلية استراتيجيات قتال المقاومين التي أنزلت خسائر كبيرة بالإسرائيليين، تظهر انتقادات المستوى العسكري الإسرائيلي، الذي يتهم حكومة المتطرفين بأنها ذهبت إلى حرب شاملة دون هدفٍ سياسي محدد بوضوح، أو جدول زمني، أو آلية لكسب السلام والحفاظ عليه. بالمقابل، فإن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن يدعو إسرائيل إلى تغيير الأساليب المعتمدة في حربها، لأنها تخاطر بتحويل «نصر تكتيكي» (احتلال الأرض) إلى «هزيمة استراتيجية» إذا فشل جيشها في حماية المدنيين الفلسطينيين في غزة... أما الهدف المتمثل بمحو «حماس» فلن يتحقق!

ولأن الجانب السياسي للحرب ينبغي أن يرتبط بالجانب العسكري ويترجمه إلى وقائع، يعلن عضو حكومة الحرب بيني غانتس: «لا نية لدينا لوقف الحرب وسنواصل العمليات العسكرية لكن ضمن المرحلة الثالثة»!، واضح أن الانتقال إلى هذه المرحلة سيتم في الأسابيع المقبلة، بما يمثل ترجمة لضغوط أميركية تحاول أن تبقي لإسرائيل بعض الدعم الدولي، كما من شأنها أن تخفف من وطأة التوتر الإقليمي. وقبل أي أمر تمنح الموقف الأميركي حرية افتقدها نتيجة الانحياز الأعمى لتل أبيب، واستخدام متكرر للفيتو في مجلس الأمن في تحدٍ للمجتمع الدولي! وهنا يفسر أوستن «المرحلة الثالثة» بأنها «انتقال من العمليات العسكرية البرية الواسعة إلى عمليات أكثر دقة»... وما قتل جنرال الحرس الثوري رضا الموسوي في محيط دمشق إلا نموذج.

بعد التهجير الواسع لمناطق شمال القطاع، وإطلاق تهجير الوسط باتجاه رفح ومن الجنوب باتجاه الحدود مع مصر، يبرز مخطط تقسيم قطاع غزة إلى ثلاثة أقسام، تسيطر عليها قوات قتالية خاصة بعد سحب كل قوات الاحتياط، لتبدأ العمليات الدقيقة، ما يعني أنهم يعولون على تنشيط العمل الاستخباراتي لتحديد الأهداف وكيفية التعامل معها من الجو والبر، مع تركيزٍ على تدمير البنى التحتية والأنفاق، وصولاً إلى محاولات القيام بعمليات خاصة لتحرير الرهائن، على أن تصاحبها مطاردة واغتيال القيادات العسكرية والسياسية، في الوقت الذي تنشط فيه جهود إنشاء شريط أمني داخل القطاع بعمق يصل إلى 2 كلم بذريعة أنه بوليصة تأمين الأمن لسكان مستوطنات غلاف غزة.

أخذاً بالاعتبار ما كشف عنه نتنياهو من اتصالات تجريها إسرائيل لفرض تهجير «طوعي» إلى عددٍ من البلدان، تنسف «المرحلة الثالثة» اللاآت الأميركية، خصوصاً المتعلقة برفض التهجير ورفض المساس بمساحة قطاع غزة. مع الحصار والعمليات الخاصة والتمادي في الاقتلاع ستكون عودة المهجرين متعذرة. ومع قضم أجزاء من غزة سيفرض التهجير إلى سيناء بعدما ضاقت الأرض بأهلها، خصوصاً مع ما يتردد عن مستوطنات كبيرة ستُقام شمال القطاع لتجاور مستقبلاً مشروع «قناة بن غوريون» التي ستربط إيلات بالمتوسط!

أعلاه ما يخطط، وهو ينطلق من إسقاط حقوق الفلسطينيين، ولا يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات التي أوجدها حدث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) وما بعده. في ذلك تكرار لشروط الاحتلال وسياسات الفصل العنصري التي اتبعها وأورثت حروباً متناسلة. لكن إذا كان من شأن «المرحلة الثالثة» التي يروجون لها، أن تجنب إسرائيل هزيمة استراتيجية وتزخم الموقف الأميركي، فهذا لا يعني أن «حماس» وبقية قوى المقاومة في غزة في حالة انتصار. بالتأكيد لم ينتصر القاتل لكن الثمن مخيف وكبير، من حيث عدد الضحايا وحجم الدمار، وحارات مكومة وأنقاض مدمرة في كل مكان، إلى المجاعة التي تحاصر أكثر من 400 ألف عائلة... الفلسطينيون ليسوا بخير، والحرب على غزة أسقطت الرهانات على محور الممانعة وبالأخص طهران التي تستثمر بدماء شعوب المنطقة ودمار بلدانها لمد هيمنتها باتجاه المتوسط.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المرحلة الثالثة لتجنيب إسرائيل هزيمة استراتيجية المرحلة الثالثة لتجنيب إسرائيل هزيمة استراتيجية



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:41 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالة مختلفة تضج جمالاً
  مصر اليوم - نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالة مختلفة تضج جمالاً

GMT 02:25 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها
  مصر اليوم - طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها

GMT 23:55 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

المؤلفون غير البيض يشعلون شغف الطلاب بالقراءة

GMT 17:36 2024 الثلاثاء ,10 أيلول / سبتمبر

الإعلامية مروة صبري تهاجم مها أحمد

GMT 07:16 2024 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

نخر الأنف قد يساهم في خطر الإصابة بمرض ألزهايمر

GMT 22:12 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

ريهام سعيد تحذف صورها وتوجه رسالة لطبيب التجميل

GMT 06:22 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

وحيد .. هل يقلب الهرم؟

GMT 18:26 2020 الأحد ,14 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب شرق تركيا

GMT 14:25 2020 الجمعة ,22 أيار / مايو

أسعار اللحوم في مصر اليوم الجمعة 22 مايو
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon