توقيت القاهرة المحلي 00:06:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مخاطر الهزل في توقيت لبناني مصيري

  مصر اليوم -

مخاطر الهزل في توقيت لبناني مصيري

بقلم:حنا صالح

اليوم 9 يناير (كانون الثاني) 2025 هو موعد انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية ينهي الشغور المقيم في الرئاسة منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2022؛ أكثر من 26 شهراً، ويضع البلاد على مسار تأليف حكومة فاعلة مكتملة الصلاحيات بديلاً لحكومة تصريف الأعمال المستقيلة حكماً منذ إجراء الانتخابات البرلمانية يوم 15 مايو (أيار) 2022، قبل نحوٍ من 32 شهراً.

هي فترة تعاظمت فيها الانهيارات المالية والاقتصادية والاجتماعية إثر المَنْهَبَة التي مُنِعَ إبانها أي حساب، كما أنها الفترة التي شهدت أخذ «حزب الله» البلد قسراً إلى حرب مع إسرائيل مدمرةٍ هزمته، وكسرت لبنان، ومسحت بلدات من الخريطة، وأزالت أحياء بكاملها من مدنه في الجنوب والضاحية والبقاع... مما فاقم الوجع العام والإذلال اللاحق باللبنانيين، خصوصاً مع تهجيرٍ هو الأكبر؛ خطورته أن لا شيء بعدُ بشأن العودة: متى وكيف وبأي قدرات؟ وتوازياً هي الفترة التي شهدت الزلزال السوري بسقوط نظام الأسد، وتصدع الهلال الفارسي وإبعاد النظام الإيراني عن المتوسط مع تحرر بيروت ودمشق من الهيمنة الإيرانية.

نواب لبنان الـ128 هم من سينتخبون الرئيس الجديد للجمهورية. هؤلاء النواب أمام امتحان الرقابة الشعبية المسلطة عليهم كما الرقابة الدولية. عليهم تحمل المسؤولية رغم التاريخ الرمادي لأداء هذا البرلمان الذي أدار الظهر لحقوق اللبنانيين ومصالح المواطنين. هم مسؤولون عن الشغور الخطِر والفراغ في السلطة التنفيذية، ويعلمون واحداً واحداً أن انتخاب رئيس للبلاد مغاير هذه المرة لكل ما سبق... مطالب بأن يتماهى مع نتائج الزلزال الذي لم يصل بعدُ إلى خواتيمه. والتماهي المطلوب يعني أن يكون للبنان رئيس من دون أي تأجيل أو إبطاء؛ لأن المنحى العام بالغ الخطورة مع تحولات متسارعة تكاد تعادل كل عمر لبنان الاستقلال.

صحيح أن تاريخ البرلمانات اللبنانية مع محطات الانتخاب الرئاسية ليس ناصعاً. كان الخارج أحد أبرز الناخبين، ففي عام 1952 كانت الأغلبية تناصر حميد فرنجية، لكن التدخل البريطاني من جهة، وما يرويه غسان تويني عن لقاء كميل شمعون مع رئيس سوريا أديب الشيشكلي من جهة أخرى، نقلا الرئاسة إلى شمعون مع انشقاق كتلة نواب الجنوب التي رأسها أحمد الأسعد، ونقل هنري فرعون البندقية من كتف إلى كتف متخلياً عن فرنجية. وإثر «ثورة 58» فرض وهج الناصرية فؤاد شهاب رئيساً، وفي عام 1964 نام الأمير عبد العزيز شهاب رئيساً لكن التدخل الأوروبي فرض انتخاب شارل حلو في اليوم التالي. وفي عام 1970 لم يكن فوز سليمان فرنجية ممكناً لولا التدخل الروسي مع كمال جنبلاط انتقاماً من دور «الشعبة الثانية» في «قضية الميراج»، فقسم جنبلاط نواب كتلته نصفين: «3 مقابل 3»، ففاز فرنجية بفارق صوت واحد. ومعروف الدور العسكري السوري في انتخاب إلياس سركيس عام 1976. كذلك وطأة الاحتلال الإسرائيلي في انتخاب بشير الجميل عام 1982، ومثلها وطأة الاحتلال الأسدي في مقتل رئيس «الطائف» رينيه معوض. ليحل زمن رئاسات صنّعها النظام السوري ولاحقاً محور الممانعة بقيادة طهران، وواجهته «حزب الله»!

البرلمان الحالي، الذي انتُخب في عام 2022، يواجه في عملية الانتخاب أمرين: أولهما الزلزال الكبير بالمنطقة وفي لبنان، وثانيهما رقابة شعبية داخلية وبروز دور المجتمع الدولي ناخباً كبيراً مميزاً وبارزاً جداً. هناك اللجنة الخماسية التي وضعت مواصفات تفترض رئيساً سيادياً إصلاحياً يلتزم الدستور واستكمال تطبيق «اتفاق الطائف» والقرارات الدولية، وإطلاق ورشة إصلاحات اقتصادية وقضائية. وهناك دور مضاعف أميركي - فرنسي في لجنة الإشراف على آليات تنفيذ القرار الدولي «1701»، التي تفترض رئيساً يتبنى الأجندة التي وافقت عليها الحكومة اللبنانية عند إقرارها اتفاق وقف النار.

الأمر المؤكد أن تغييراً جذرياً طرأ على مقاربات الماضي، مما يحتم رئاسة تقطع معه وتطلق مرحلة جديدة، تكون ترجمتها حكومة كفاءات من خارج نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي، تستعيد ثقة الداخل واحترام الخارج، مما يمكنها من اتخاذ قرارات كبيرة قاسية أحياناً، لوضع لبنان على سكة التعافي، وتكون قادرة على قيادة حملة سياسية ودبلوماسية لتحرير لبنان من رجس الاحتلال، وفرض عودة غير مشروطة للنازحين... وفي الوقت عينه، مع خطوات بسط السيادة من دون أي شريك، تطلق تجنيداً إجبارياً يستكمل بناء جيش قادر بتنوعه الطائفي على الدفاع عن الأرض والشعب والتصدي للعدو... جيش قادر على تطبيق القرار الدولي «1701»، خصوصاً في موضوع إنهاء مفاعيل سلاح الدويلة اللاشرعي؛ بدءاً من جنوب الليطاني إلى شماله وكل لبنان.

إنه توقيت مصيري لا يقبل الهزل ولا التذاكي، فالرئاسة المطلوبة هي التي تفتح مسار إعادة بناء الدولة، وليس ترميم نظام مقيت وسلطاته، وإحياء المؤسسات بتعزيز المشاركة بوصفها مصدر الغنى الأبرز، لتكون الدولة قادرة على احتضان شرائح شعبها وتعدده وتنوعه... وبغير ذلك فستضيع الفرصة الأهم لإنقاذ لبنان الذي لن يجد إذاك أي دعم لإعادة الإعمار والتعافي وسيبقى في المستنقع ويتمدد تصحره!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مخاطر الهزل في توقيت لبناني مصيري مخاطر الهزل في توقيت لبناني مصيري



GMT 21:16 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ظاهرة إيجابية بين الأهلى والزمالك

GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ترتيبات استقبال الإمبراطور العائد

GMT 08:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مجدي يعقوب والعطاء على مشارف التسعين

GMT 07:59 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هل مسلحو سوريا سلفيون؟

GMT 07:58 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

عند الصباح

GMT 07:57 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أزمة الغرب الخانقة تحيي استثماراته في الشرق الأوسط!

GMT 07:56 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

القرضاوي... خطر العبور في الزحام!

GMT 07:52 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

لعنة الملكة كليوباترا

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة

GMT 21:32 2021 السبت ,04 أيلول / سبتمبر

أفكار لتنسيق السروال الأبيض في موسم الشتاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon