توقيت القاهرة المحلي 09:48:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مضبطة اتهام في ظلِّ حرب إلغاء!

  مصر اليوم -

مضبطة اتهام في ظلِّ حرب إلغاء

بقلم:حنا صالح

منذ الثالث من أكتوبر (تشرين الأول)، فتح العدو الإسرائيلي الجحيم على لبنان. بدا يوسع من نطاق الحرب الإسرائيلية - الإيرانية التي تطحن لبنان وتزهق أرواح بنيه. أطلق أكبر اجتياح جوي، رافقته لاحقاً هجمات برية تجاوزت القشرة، تخللتها عمليات تفجير واسعة للبلدات وتجريفها، بعد اقتلاع السكان، وفرض تهجير جماعي قسري هو الأضخم بتاريخ لبنان.

أحداث عام ونيف على بدء «حزب الله» حرب «المشاغلة»، أظهرت أن طهران و«حزبها» لم يبرعا في القراءة السياسية ولا في تدقيق موازين القوى العسكرية. فحولت إسرائيل حرب «إسناد» غزة إلى حرب شاملة. وبدل ما كان يهدد به «حزب الله» من أن توسعة العدوان ستدفعه إلى حرب دون ضوابط ولا سقوف، تجاوز العدو الخطوط الحمر التي تمنع قوانين الحرب تجاوزها، مع توقع الأسوأ؛ إذ قد لا تبقى منطقة آمنة. وُضِعت «عقيدة الضاحية» في التطبيق لإنزال العقاب الجماعي بالمواطنين، بتدمير العمران وارتكاب المجازر وتهجير متكرر للمهجرين، والقضاء على إمكانات العيش والاستمرار.

صار الهدف شطب الأذرع الإيرانية من الوجود، وتحديد العدو للأدوار، واتسعت حرب إلغاء القدرات العسكرية والمادية لـ«حزب الله»، دون أي التفات إلى حجم الدمار الذي يطول نصف لبنان. ومن البلدات الحدودية التي أُعيد احتلالها يعلن غالانت عن الانتقال إلى مرحلة تدمير «حزب الله»، بعد مرحلة قتل القادة واصطياد المسؤولين حتى مستوى الصف الرابع، كما تدمير الجزء الأكبر من الترسانة الصاروخية والقدرة العسكرية، والبدء بتدمير القدرات المالية، كمؤسسة «القرض الحسن» التي عبرها يتم تمويل «الاقتصاد الموازي» للدويلة، وعبرها تتم أكبر عمليات تبييض للأموال المتأتية من تجارة الممنوعات!بدا جلياً أن الهول الحربي المتصاعد على لبنان و«حزب الله»، ومن ثم إيران، صدم جهات أملت باختراقٍ دبلوماسي يفرمل التصحير الواسع جنوباً ويعطل انفلات القتل والتدمير دون أي رادعٍ. بدت أهداف العدو إسقاط المعادلات القديمة التي تتصل بالتسوية، وظهر للعيان أن مخطط مجرم الحرب نتنياهو يهدف إلى فرض وقائع جديدة، فأدار أذناً صماء لدعوات من خارج مجلس الأمن طالبت بوقف النار. وبدا أن الزمن الإسرائيلي ليس زمن التفاوض، فاختلطت العمليات الحربية مع تسارع العد العكسي للاستحقاق الرئاسي الأميركي، بحيث لا يستطيع من سيصل إلى البيت الأبيض في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) تجاوز الوقائع الجديدة.

في هذا التوقيت، تمت زيارة الموفد الأميركي آموس هوكستين، ولعلها الزيارة الأهم التي يقوم بها. لم تفشل الزيارة؛ لأنه ما من جهة جدية كان يساورها الاعتقاد بأن وقفاً للنار في جيب الموفد الرئاسي. بل تمثلت الأهمية بما تخللها من مكاشفة ومضبطة اتهام، تعري التخاذل الرسمي والتعامي عن المسؤولية، لرفضهم طيلة عام وقفاً للنار نتيجة ربط لبنان بغزة، وصولاً إلى العنوان المحوري بأن تكون هذه الحرب آخر نزاعٍ بين لبنان وإسرائيل، أي أن وقف الحرب المدمرة مرتبط بشرط وقفها بشكل دائم ونهائي.

هنا تقول جهات ثقة إن هوكستين حمل معه القرار الدولي 1701، منبهاً إلى أن ما أراده مجلس الأمن هو المساعدة في بسط سيادة الشرعية، محذراً من الانتقائية في التنفيذ، ومعيداً على مسمع مستقبليه تلاوة فقرات القرار، الذي كل ما يعلن بشأن التمسك به غير كافٍ، وأن لبنان لم يلتزم بتنفيذه في أي يوم، كما لم تلتزم به إسرائيل بعد انسحابها إثر الحرب الثانية على لبنان في عام 2006.

فمثلاً تمنع الفقرة 8 «وجود أي أسلحة أو سلطة في لبنان عدا ما يخص الدولة اللبنانية». كما تمنع الفقرة إياها «وجود قواتٍ أجنبية»، كما تمنع «مبيعات وإمداد الأسلحة إلا ما تأذن به الحكومة اللبنانية». ولفت إلى أن المادتين 11 و14 تؤكدان «تأمين كامل حدود لبنان لمنع دخول الأسلحة» بمساعدة «اليونيفيل». وشمل العرض المادة الـ15 التي تدعو البلدان الأخرى إلى «عدم بيع أو تزويد أي كيان أو فردٍ في لبنان بأسلحة وما يتصل بها من عتاد من كل الأنواع»، إلا ما تأذن به الحكومة... ليخلص إلى السؤال عن مدى الجدية في التزام التنفيذ وفق آليات تفعيله لتطبيقه بطريقة عادلة دقيقة وشفافة. هنا المعنى واضح بأن القرار الدولي 1701 لا تقتصر مفاعيله على منطقة عمليات القوات الدولية، ولا يتضمن سرديات عن «قواعد اشتباك»، ولا إشارة نبيه بري الذي قال يوماً إن الأسهل نقل الليطاني إلى الحدود من انسحاب ميليشيا «حزب الله» إلى شماله (...).

الوقت كالسيف، والمرحلة المليئة بالأخطار تفترض أولوية خلاص للبنان وحماية الأرواح. تعامَى ثنائي الواجهة، بري وميقاتي، عن المسؤولية، والحل يكون بالعودة للدستور واستعادة الدولة المخطوفة. إن الممر الإلزامي يكمن عبر تحمل البرلمان مسؤوليته السياسية والأخلاقية، فيبلور مساراً إنقاذياً ملزماً للحكومة، وينتخب الرئيس المعبر عن آمال اللبنانيين، ليكون ممكناً تشكيل حكومة كفاءات وطنية تقطع مع زمن المحاصصة الطائفية، لتستعيد ثقة الداخل واحترام الخارج، فتقود مرحلة فرض وقف إطلاق النار، وتسوية تمنع بقاء العدو على أرض لبنان، وتطلق زمن الإصلاح السياسي والاقتصادي وعودة النازحين ترسيخاً للاستقرار.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مضبطة اتهام في ظلِّ حرب إلغاء مضبطة اتهام في ظلِّ حرب إلغاء



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon