توقيت القاهرة المحلي 06:56:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«حرب الآخرين» في لبنان!

  مصر اليوم -

«حرب الآخرين» في لبنان

بقلم:حنا صالح

برعب وخوف يتابع المواطن اللبناني فيديوهات إسرائيلية مصورة عن تفجير بلدات الحافة الأمامية الضاربة جذورها في عمق التاريخ وتسويتها بالأرض. كفركلا، ميس الجبل، راميا، محيبيب، بليدا، حنين، عيتا الشعب، العديسة وعيترون وسواها. ويبرز الخوف من تداعيات التهجير الجماعي القسري، وأبعاد انكشاف الاستراتيجية الإسرائيلية الهادفة إلى جنوب من دون أهله، ليكون أرضاً محروقة وحزاماً أمنياً، فيستعيد المواطن من الذاكرة صور غزة. وتطرح الأسئلة عما يميز لبنان، الذي اختطف قراره «حزب الله» ومحوره، عن غزة التي أسرتها «حماس» وحاصرتها من الداخل وقيدتها، فيزداد القلق على الوجود مع اتساع هدر دماء اللبنانيين، ليستعيد المواطن أسوأ الكوابيس في بلد أُرغم عنوة على تعايش مدمرٍ مع «حروب الآخرين» على أرضه!

في 28 الحالي، بعد يومين على الضربة الإسرائيلية لإيران أطل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليعلن: «هذه الحرب كحرب الاستقلال... والنصر الحاسم خطة واضحة ننفذها». تزامن ذلك مع بدء الجيش الإسرائيلي إزالة الجدار الحدودي في إعلان مفاده أن لا جدوى عسكرية بعدُ من إطلاق المقاومين الصواريخ المضادة للدروع بعد تدمير البلدات الحدودية بعمق 3 كلم، فيما تعنف الحرب الإسرائيلية - الإيرانية التي تستبيح لبنان، تهلك أهله، وتقتلع شعبه لتهجر قسراً أكثر من ربع السكان، وتدمر عمرانه. ومع زنار المجازر الجماعية من صور إلى البقاع الشمالي، مروراً بالضاحية، بدا أن هذه الحرب لن تتوقف قريباً، قبل تكريس وقائع جديدة على الأرض، لتتجاوز هدف إعادة المستوطنين الذين أُرغموا على النزوح عن المستوطنات الشمالية، وهي تكرار للحرب على جبهة غزة، بعدما أسقط نتنياهو قضية استعادة الأسرى.

رأت القيادة الصهيونية في ارتكاب «حماس» نكبة «7 أكتوبر (تشرين الأول)» وتسبب «حزب الله» في كارثة «8 أكتوبر»، وما آل إليه «الطوفان» و«المشاغلة»، فرصة تاريخية تتيح لها الذهاب بعيداً في مخطط تحقيق انتصار حاسم على الجبهتين. بإسقاط دور الوكلاء ووضع النظام الإيراني أمام خيارين: مواجهة لا يريدها أو التراجع. ناورت تل أبيب ولم ترفض المفاوضات لكنها اعتمدت النفاق فجوّفت مقترحات وقف النار، وأسقطت مشاريع التسوية، بعدما فككت «حماس»، وقتلت قادتها، ودمرت الضلع الفلسطيني في المشروع الإيراني.

وأي تبصر في النهج الإسرائيلي على الجبهة الشمالية، يبرز السقوط الذريع لمشروع «وحدة الساحات»، ويظهر أن إسرائيل في خرقها كل السقوف كانت تستدرج «المقاومة الإسلامية» إلى الهزيمة. برز ذلك منذ ضربة «النداء القاتل» يوم 17 سبتمبر (أيلول) الماضي إلى اغتيال نصر الله يوم الـ27 منه، وبعده خليفته صفي الدين، إلى تدمير الهيكل القيادي العسكري لـ«حزب الله» وأجزاء كبيرة من ترسانته وأنفاقه ومنصاته في القرى والبلدات الحدودية، ما عطل رهان طهران على ذراعها المتقدمة والحزام الناري الذي أنشأته للدفاع عنها، وبدد الاستثمارات التي وُظِّفت لضرب استقرار المنطقة وتقويض دولها وأولها لبنان. ومع الاجتياح الإسرائيلي الجوي الذي وضع نصف لبنان في قلب النار، وربط حياة المواطنين بتعليمات الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي متى يخلون بلداتهم وأحياءهم وبيوتهم لتدمر، بدا الشعب اللبناني متروكاً لمصيره. وفيما يتابع المواطن برعب المخطط الإسرائيلي الذي يستهدف من جهة تشتيت كتلة ديموغرافية رئيسية من المواطنين اللبنانيين، من ضمنهم أنصار «الحزب» و«بيئته»، ومن الجهة الأخرى تدمير ممنهج لمناطق واسعة... بدأت تل أبيب تكشف عن جوانب من رؤيتها لـ«اليوم التالي» للحرب، فيعلن نتنياهو: «سأعرض السلام على دول أخرى في المنطقة لكنه سيكون سلاماً مقابل السلام، سلامٌ مبني على القوة»!

إذن «سلام مبني على القوة» يستند إلى تهديد الذراع الطويلة لإسرائيل بعد نجاحات تكتيكية لافتة في جبهتي الشمال والجنوب وفرض تحييد الجبهة السورية، لتعتقد إسرائيل أن بوسعها تحويل ذلك إلى نصر استراتيجي يُمكِّن تل أبيب من تحديد حدود الأدوار والمواقع، وربما يعيد رسم خرائط. لقد بدت إسرائيل منتشية بعد تكريس تفوقها، ونجاح استهداف مشروع الصواريخ الباليستية وتدمير الرادارات وأسلحة الدفاع، كما السيطرة الجوية المطلقة على ما كان الممر الإيراني من طهران إلى لبنان والمتوسط عبر العراق وسوريا.

أظهرت تجارب سنة 1967 على قيام دولة إسرائيل أن السلام لا يبنى إلا على العدل واحترام الحقوق. ولن تبدل ذلك نتائج هذه الحرب التي شتتت الشعب الفلسطيني وجعلت قيام دولته حلماً بعيد المنال. ووضعت لبنان الدولة المخطوفة المستباحة على فوهة كارثة يصعب تقدير أبعادها؛ لسببين: الأول، أن إسرائيل التي فرضت تهجيراً جماعياً طويل الأمد راهنت على تداعياته الديموغرافية، خصوصاً أن طهران لن تتأخر عن محاولة إحياء بنية عسكرية لـ«حزب الله» في مناطق النزوح، ما سيفتح الباب أمام احتمال صداماتٍ أهلية. والثاني، انعدام المسؤولية الوطنية لدى بقايا السلطة والطبقة السياسية برفضهم أي محاولة لإعادة تكوين السلطة بما يوقف الهزيمة عند الحدود التي بلغتها. خطير انتظار نتائج الحرب لتعويم التسلط ولو على الركام، لتبدو هذه القوى في موقع التضحية بالبلد كرمى إنقاذ بندقية لا نظامية جلبت الفواجع وخطر تجدد الاحتلال.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حرب الآخرين» في لبنان «حرب الآخرين» في لبنان



GMT 18:32 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

فنّانو سوريا

GMT 18:31 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

المشهد اللبناني والاستحقاقات المتكاثرة

GMT 18:31 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 18:30 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

2024: البندول يتأرجح باتجاه جديد

GMT 18:29 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

جنوب لبنان... اتفاق غير آمن

GMT 18:27 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

رائحة في دمشق

GMT 18:26 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

«هشام وعز والعريان وليلى ونور وكزبرة ومنى ومنة وأسماء»

GMT 16:40 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

الوطن هو المواطن

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 14:35 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يعلن سلبية مسحة كورونا استعدادًا لمواجهة المقاصة

GMT 01:05 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الزمالك يقبل هدية الأهلي لتأمين الوصافة ويُطيح بحرس الحدود

GMT 15:44 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يبحث عن مدافعين لتدعيم صفوفه في الميركاتو الصيفي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الإثنين 12 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حفل عقد قران هنادى مهنا وأحمد خالد صالح

GMT 15:02 2020 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

خيتافي وفالنسيا يتقاسمان صدارة الدوري الإسباني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon