توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«حرب الآخرين» في لبنان!

  مصر اليوم -

«حرب الآخرين» في لبنان

بقلم:حنا صالح

برعب وخوف يتابع المواطن اللبناني فيديوهات إسرائيلية مصورة عن تفجير بلدات الحافة الأمامية الضاربة جذورها في عمق التاريخ وتسويتها بالأرض. كفركلا، ميس الجبل، راميا، محيبيب، بليدا، حنين، عيتا الشعب، العديسة وعيترون وسواها. ويبرز الخوف من تداعيات التهجير الجماعي القسري، وأبعاد انكشاف الاستراتيجية الإسرائيلية الهادفة إلى جنوب من دون أهله، ليكون أرضاً محروقة وحزاماً أمنياً، فيستعيد المواطن من الذاكرة صور غزة. وتطرح الأسئلة عما يميز لبنان، الذي اختطف قراره «حزب الله» ومحوره، عن غزة التي أسرتها «حماس» وحاصرتها من الداخل وقيدتها، فيزداد القلق على الوجود مع اتساع هدر دماء اللبنانيين، ليستعيد المواطن أسوأ الكوابيس في بلد أُرغم عنوة على تعايش مدمرٍ مع «حروب الآخرين» على أرضه!

في 28 الحالي، بعد يومين على الضربة الإسرائيلية لإيران أطل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليعلن: «هذه الحرب كحرب الاستقلال... والنصر الحاسم خطة واضحة ننفذها». تزامن ذلك مع بدء الجيش الإسرائيلي إزالة الجدار الحدودي في إعلان مفاده أن لا جدوى عسكرية بعدُ من إطلاق المقاومين الصواريخ المضادة للدروع بعد تدمير البلدات الحدودية بعمق 3 كلم، فيما تعنف الحرب الإسرائيلية - الإيرانية التي تستبيح لبنان، تهلك أهله، وتقتلع شعبه لتهجر قسراً أكثر من ربع السكان، وتدمر عمرانه. ومع زنار المجازر الجماعية من صور إلى البقاع الشمالي، مروراً بالضاحية، بدا أن هذه الحرب لن تتوقف قريباً، قبل تكريس وقائع جديدة على الأرض، لتتجاوز هدف إعادة المستوطنين الذين أُرغموا على النزوح عن المستوطنات الشمالية، وهي تكرار للحرب على جبهة غزة، بعدما أسقط نتنياهو قضية استعادة الأسرى.

رأت القيادة الصهيونية في ارتكاب «حماس» نكبة «7 أكتوبر (تشرين الأول)» وتسبب «حزب الله» في كارثة «8 أكتوبر»، وما آل إليه «الطوفان» و«المشاغلة»، فرصة تاريخية تتيح لها الذهاب بعيداً في مخطط تحقيق انتصار حاسم على الجبهتين. بإسقاط دور الوكلاء ووضع النظام الإيراني أمام خيارين: مواجهة لا يريدها أو التراجع. ناورت تل أبيب ولم ترفض المفاوضات لكنها اعتمدت النفاق فجوّفت مقترحات وقف النار، وأسقطت مشاريع التسوية، بعدما فككت «حماس»، وقتلت قادتها، ودمرت الضلع الفلسطيني في المشروع الإيراني.

وأي تبصر في النهج الإسرائيلي على الجبهة الشمالية، يبرز السقوط الذريع لمشروع «وحدة الساحات»، ويظهر أن إسرائيل في خرقها كل السقوف كانت تستدرج «المقاومة الإسلامية» إلى الهزيمة. برز ذلك منذ ضربة «النداء القاتل» يوم 17 سبتمبر (أيلول) الماضي إلى اغتيال نصر الله يوم الـ27 منه، وبعده خليفته صفي الدين، إلى تدمير الهيكل القيادي العسكري لـ«حزب الله» وأجزاء كبيرة من ترسانته وأنفاقه ومنصاته في القرى والبلدات الحدودية، ما عطل رهان طهران على ذراعها المتقدمة والحزام الناري الذي أنشأته للدفاع عنها، وبدد الاستثمارات التي وُظِّفت لضرب استقرار المنطقة وتقويض دولها وأولها لبنان. ومع الاجتياح الإسرائيلي الجوي الذي وضع نصف لبنان في قلب النار، وربط حياة المواطنين بتعليمات الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي متى يخلون بلداتهم وأحياءهم وبيوتهم لتدمر، بدا الشعب اللبناني متروكاً لمصيره. وفيما يتابع المواطن برعب المخطط الإسرائيلي الذي يستهدف من جهة تشتيت كتلة ديموغرافية رئيسية من المواطنين اللبنانيين، من ضمنهم أنصار «الحزب» و«بيئته»، ومن الجهة الأخرى تدمير ممنهج لمناطق واسعة... بدأت تل أبيب تكشف عن جوانب من رؤيتها لـ«اليوم التالي» للحرب، فيعلن نتنياهو: «سأعرض السلام على دول أخرى في المنطقة لكنه سيكون سلاماً مقابل السلام، سلامٌ مبني على القوة»!

إذن «سلام مبني على القوة» يستند إلى تهديد الذراع الطويلة لإسرائيل بعد نجاحات تكتيكية لافتة في جبهتي الشمال والجنوب وفرض تحييد الجبهة السورية، لتعتقد إسرائيل أن بوسعها تحويل ذلك إلى نصر استراتيجي يُمكِّن تل أبيب من تحديد حدود الأدوار والمواقع، وربما يعيد رسم خرائط. لقد بدت إسرائيل منتشية بعد تكريس تفوقها، ونجاح استهداف مشروع الصواريخ الباليستية وتدمير الرادارات وأسلحة الدفاع، كما السيطرة الجوية المطلقة على ما كان الممر الإيراني من طهران إلى لبنان والمتوسط عبر العراق وسوريا.

أظهرت تجارب سنة 1967 على قيام دولة إسرائيل أن السلام لا يبنى إلا على العدل واحترام الحقوق. ولن تبدل ذلك نتائج هذه الحرب التي شتتت الشعب الفلسطيني وجعلت قيام دولته حلماً بعيد المنال. ووضعت لبنان الدولة المخطوفة المستباحة على فوهة كارثة يصعب تقدير أبعادها؛ لسببين: الأول، أن إسرائيل التي فرضت تهجيراً جماعياً طويل الأمد راهنت على تداعياته الديموغرافية، خصوصاً أن طهران لن تتأخر عن محاولة إحياء بنية عسكرية لـ«حزب الله» في مناطق النزوح، ما سيفتح الباب أمام احتمال صداماتٍ أهلية. والثاني، انعدام المسؤولية الوطنية لدى بقايا السلطة والطبقة السياسية برفضهم أي محاولة لإعادة تكوين السلطة بما يوقف الهزيمة عند الحدود التي بلغتها. خطير انتظار نتائج الحرب لتعويم التسلط ولو على الركام، لتبدو هذه القوى في موقع التضحية بالبلد كرمى إنقاذ بندقية لا نظامية جلبت الفواجع وخطر تجدد الاحتلال.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حرب الآخرين» في لبنان «حرب الآخرين» في لبنان



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon