توقيت القاهرة المحلي 01:59:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«غرفة عمليات مشتركة» و«حرب استنزاف»... لأي نهاية؟

  مصر اليوم -

«غرفة عمليات مشتركة» و«حرب استنزاف» لأي نهاية

بقلم:حنا صالح

استهلَّ لبنان مئويته الثانية على قيام «لبنان الكبير» وهو في مواجهة مع تحدي التفكك والاندثار. دُفع قبل حرب أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إلى نفق خطير، نتيجة سيطرة مفروضة تحت ضغط السلاح الفئوي و«تسويات» حاكها «حزب الله» مع شركائه في نظام المحاصصة الغنائمي، غطت المنهَبة مقابل اختطاف الدولة. لمصلحة قوة طائفية – عسكرية لها مشروعها البديل، فبات البلد مع نهاية الشهر الثامن على حرب «المشاغلة»، التي حوّلت جنوبه إلى حزام من نار في أرضٍ محروقة، أشبه بالمحكوم بالإعدام ينتظر تنفيذ الحكم! قبل حرب أكتوبر كانت صور مدن وبلدات وشوارع قطاع غزة ومخيماتها تُبرز حيويةً ظاهرةً وعمراناً وازدهاراً نسبياً لافتاً للمراقبين رغم الحصار الإسرائيلي الجائر والتسلط الداخلي. فتحولت تحت وطأة حرب التوحش والإبادة الجماعية إلى ركام مدن مستباحة موبوءة لا أمن فيها ولا أمان وغير صالحة للعيش. ماذا عن الغد؟ ماذا عن اليوم التالي لحرب الاقتلاع والتدمير؟ هناك نهاية لكل حرب، والحرب التي بدأت يوم 7 أكتوبر ليست مغايرة، خصوصاً أنها لن تسفر عن انتصار واضح رغم أرجحية القوة الصهيونية.

يهدد بيني غانتس بإطاحة حكومة الحرب لأن رئيسها نتنياهو يرفض نقاش «اليوم التالي» على حرب غزة. واقعياً انتهت الحرب بمعنى المواجهات العسكرية الواسعة بعدما خلفت إبادة خطيرة، كشفت أمام أوساط واسعة في العالم حجم التوحش الإسرائيلي، ما بدّل الكثير من القناعات وإن لم تتحول بعد إلى سياسات رسمية. ولا يبدل في الصورة العامة كمين هنا وآخر هناك،

وحتى بضعة صواريخ تستهدف مستوطنات الغلاف وحتى تل أبيب. لا يناقش نتنياهو الأمر لأنه لم يفصح عن استراتيجية خروجٍ من هذه الحرب هذا من جهة، ومن الجهة الأخرى يريدها أن تطول إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، مما يؤجل حتماً الحساب الذي لن يتمكن من الفرار منه. يستفيد من كمين ما، ويراهن على رشقة كاتيوشا، لترويج مزاعم عن المضي في استئصال قدرات «حماس»، وتدَّعي آلة القتل الصهيونية أن حرق مخيم لاجئين في رفح وتفحيم الأطفال لأنه مخيم لـ«حماس» قبل أن تصفعها الوقائع فتتراجع في مناورة مفضوحة الأهداف. وهناك اليوم من قدم له «غرفة عمليات مشتركة» من رفح إلى الجنوب اللبناني واليمن، و«حرب استنزاف»، فتستمر التعبئة الداخلية لمواصلة المخطط التدميري الذي يضع الفلسطينيين أمام «ترانسفير» يحاكي أخطار عام 1948! فلماذا الأرق الذي قد يُحدثه البحث بـ«اليوم التالي»؟ وفي لبنان يتمسك «حزب الله» بربط مصير الجنوب بغزة، وعملياً مصير كل لبنان. ولا يقدم أي جواب بشأن «اليوم التالي» لبنانياً. وتتحدث أوساطه، بعد لقاء نصر الله مع عضو المجلس السياسي لـ«حماس» خليل الحية، عن «غرفة عمليات مشتركة من غزة ورفح إلى الجنوب واليمن»، والهدف «استنزاف العدو» وإلحاق خسائر به لم يتحسب لها. والخسائر حقيقية مع اعتراف العدو مؤخراً بإصابة 950 منزلاً، لكن الاستنزاف يرتدّ على لبنان كارثةً ونكبةً مع تدمير نحو ألفي منزل من أصل نحو 10 آلاف أُصيبت بأضرار لتتحول القرى إلى أرضٍ محروقة.

ويمكن القول مجازاً إن العشرات من بلدات الشريط الحدودي سيكون متعذراً إعادة إعمارها ولو توافرت الإمكانات، والأخطر أنها قد لا تكون صالحة للعيش لفترة غير قصيرة نتيجة التلوث بسموم القنابل الفسفورية والقنابل غير المنفجرة! يُغفلون عمداً كل إشارة إلى حقيقة الوضع في جنوب الليطاني لجهة الإيغال في طحن العمران وتدمير أساسيات الاقتصاد الزراعي في المنطقة، ويُغفلون الإشارة إلى التداعيات على المواطنين والجنوب والبلد. لكن في النهاية ما الذي سيتْبع حرب الاستنزاف هذه، حيث يملك العدو المبادرة والتفوق والاختراقات الأمنية والاستخبارية؟ يقول الشيخ نعيم قاسم: كلما طالت الحرب سنكون على استعداد لإعلان الانتصار (...) لأنه وفق محور الممانعة، هدف حرب الاستنزاف التقدم خطوة جديدة في مسار «نصر إلهي» جديد؟ «النصر الإلهي» بعد حرب عام 2006 تُرجم بقضم السلطة: احتلال بيروت واقتناص «الحزب» الثلاثية الشهيرة: «جيش وشعب ومقاومة»، و«الثلث المعطل» الذي منحه «حق» الفيتو على الدولة، مما مهَّد للتسوية الرئاسية عام 2016، وكونه الجهة التي قدمت في الترسيم البحري تنازلات عن الثروة والسيادة، رهانه على «مسار بِرّي – هوكشتين» لترتيبات تضمن أمن المستوطنين في شمال إسرائيل، كما هو حاصل بالنسبة إلى حقل غاز «كاريش»، وإنهاء الشغور الرئاسي، على قاعدة موازين قوى متغيرة لمصلحته... وبعبارة أخرى، رغم الدمار والدماء والنزوح الكبير، فإن «الانتصار» تَحقق على الداخل اللبناني، والثمن المطلوب قد يراعي شكلياً حقوق الطوائف وحصص متزعميها! لكنه سيفرض عملية جراحية بتركيبة النظام وتوزيع المناصب واستحداث بعضها، مما يعني أن عنوان «حزب الله» للمرحلة الجديدة هو «الاطمئنان» الذي يتأمن عندما يكون تحت قبضته القرار السياسي والأمني - الدفاعي والمالي، وتترسخ تالياً الهيمنة الإيرانية!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«غرفة عمليات مشتركة» و«حرب استنزاف» لأي نهاية «غرفة عمليات مشتركة» و«حرب استنزاف» لأي نهاية



GMT 10:04 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

الجزيرة وأماليا

GMT 10:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

أميركا بين نظرتين

GMT 10:00 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

العبودي... والعميل السرّي (حمَد)!

GMT 09:57 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

ما قبل الصناديق

GMT 09:55 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

الظهور المبللة

GMT 08:55 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

قل غير متزوجة ولا تقل «عانس»

GMT 08:51 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

لولا فُسحةُ الأمل

GMT 08:49 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

العقل والمصلحة فى تعميق مساحات الاتفاق

النجمات العرب يتألقن أثناء مشاركتهن في فعاليات مهرجان فينيسيا

القاهرة ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - إستخدام اللون الفيروزي في ديكور المنزل المودرن

GMT 10:54 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

فوائد القمح " النخالة" للأطفال في الوقاية من الربو

GMT 06:48 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تكشف خطورة السجائر الإلكترونية

GMT 11:53 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

عطر CH Men Privé"" الرجالي حكاية عن الجاذبية التي لا تٌقاوم

GMT 09:36 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

سيارة "بورش 911 كاريرا كوبية" تحت المجهر

GMT 04:46 2021 الأحد ,20 حزيران / يونيو

أفضل 5 مدربين في الدوري الإنجليزي هذا الموسم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon