توقيت القاهرة المحلي 05:48:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«لو كنت أعلم»!

  مصر اليوم -

«لو كنت أعلم»

بقلم:حنا صالح

في الذاكرة اللبنانية، والذاكرة الجنوبية خصوصاً، أن 7 بلدات جنوبية تم اقتطاعها من لبنان، زمن الانتداب الفرنسي، باتت اليوم مستوطنات إسرائيلية.

هناك أكثر من مبرِّر لأن نتذكر هذه البلدات، مع بروز أخطار داهمة على الجغرافيا. قبل نحو أسبوع، وقف المرشح الجمهوري دونالد ترمب أمام خريطة شرق المتوسط آسفاً لصغر مساحة الكيان الإسرائيلي، ليعرب عن أمنيته بأن تتوسع الجغرافيا الإسرائيلية. للتذكير، سبق للرئيس ترمب أن أيد ضم هضبة الجولان السورية المحتلة إلى إسرائيل، وضم مدينة القدس، وأمر بنقل السفارة الأميركية إليها. تزامن ذلك مع تهديد أطلقه «مصدر عسكري إسرائيلي»، بأن «حدودنا مع لبنان ستتغير ولن تعود إلى ما كانت عليه قبل الحرب»!

تكرر، الأحد الماضي، الإفصاح عن هذا الخطر، وهذه المرة مع نتنياهو. بعد ساعات على مشهدية مواجهة بدت تحت السيطرة وضمن «تفاهمات» مسبقة، وتمثلت بإعلان إسرائيل عن ضربة استباقية جوية لمواقع «حزب الله»، وردِّ «الحزب» بإطلاق 340 صاروخ «كاتيوشا»، وهو الرد على اغتيال قائده العسكري، فؤاد شكر، الذي تأخر 25 يوماً؛ فقد تباهى نتنياهو بإحباط الخطط الهجومية لـ«الحزب»، وأنه على نصر الله والنظام الإيراني أن يعلما أن «هذه خطوة على طريق تغيير الوضع في الشمال»!

للتذكير أيضاً، فإنه في مستهل حرب التوحش على قطاع غزة، وضعت واشنطن مجموعة لاءات أمام القيادة الإسرائيلية، بينها رفض قضم أي مساحة من قطاع غزة. لكن حكومة التطرف الإسرائيلي عمدت إلى إقامة «حزام أمني» داخل القطاع بعمق يتراوح بين 2 و4 كلم وبمساحة إجمالية فاقت الـ15 في المائة من إجمالي مساحة القطاع التي لا تتجاوز الـ365 كلم مربع ويتكدس فيها نحو المليونين و300 ألف مواطن. والذريعة منع أي إمكانية مستقبلية لتكرار عملية «7 أكتوبر» من الجنوب.

هنا نفتح مزدوجين للتذكير بأن الوفود الأجنبية التي زارت بيروت تباعاً، وبالأخص الموفد الأميركي آموس هوكستين، ناقشت، مع ثنائي واجهة الممانعة، رئيسي البرلمان والحكومة نبيه بري ونجيب ميقاتي، وقف التصعيد من جانب «حزب الله» الذي أعلن حرب «المشاغلة» و«المساندة». وطالبت بفصل الجنوب عن غزة، وخطوات جدية لتطبيق القرار الدولي 1701 بانسحاب «الحزب» إلى شمال الليطاني، وفق مندرجات القرار الأممي، أو ليتراجع ما بين 8 و10 كلم، على أن يلي ذلك تسوية النقاط الحدودية الخلافية التي لم تُعالَج منذ ترسيم خط الانسحاب الإسرائيلي الأزرق. ساد التذاكي، والتزم الجانب الرسمي، الذي ارتضى دور ناقل الرسائل، ما كان يضعه على لسانه «حزب الله» من مواقف، تتراوح بين مطالبة إسرائيل بوقف الخروقات والتعديات والتزام القرار الذي يلتزم به لبنان (...) إلى استغراب طلب الانسحاب، لأن عناصر ميليشيا الحزب هم أبناء هذه القرى... ثم القول إنه ليس في جعبة الموفدين غير هدف استقرار شمال إسرائيل وعودة المستوطنين، وهو أمر كان سيسمح بعودة المهجرين اللبنانيين إلى بلداتهم.

كان يمكن تفادي كثير من النتائج الكارثية لو تحمَّل الممسك بالقرار الرسمي المسؤولية التي أُنيطت به دستورياً. ولمرة واحدة، تم تقديم المصلحة الوطنية على نهج تغطية المشروع الموكل لـ«حزب الله» تنفيذه، ومرجعيته إيران. ارتدت «المشاغلة» حملات عدوانية مبرمجة، استحدث عبرها العدو أكثر من غزة صغيرة في البلدات الحدودية، وفرض بالنار حزاماً أمنياً، وحرق البساتين والأحراج، وقضى على الثروة الحيوانية، ولوث التربة والمياه بالفوسفور لتنعدم إمكانية العيش والعمل. وبذلك أرغم «الحزب» على التراجع عن الحدود، وفي بعض المحاور جرى التراجع إلى شمال الليطاني!

لم يحرك هذا النهج التدميري المبرمج جفن مسؤول، ولم يتوقف أحد عند استغاثات أكثر من 100 ألف من المقتلَعين من أرضهم، وقد فقدوا جنى العمر وباتوا متروكين في العراء، إذ يشكل أي إثارة لما هو حاصل من دمار وخراب، وسقوط نحو 625 ضحية بينهم نحو الـ400 من كادرات «حزب الله» وقياداته الميدانية، توجيه إدانة مزدوجة لـ«الحزب» الذي أخذ لبنان إلى حربٍ مدمرة لم تحمِ سقفاً واحداً في غزة، ولم تصن حياة. ومن الجهة الأخرى إدانة لبقايا سلطة ارتضت لنفسها دور ناقل الرسائل وتكرار طروحات الدويلة!

مع استعادة إسرائيل المبادرة والردع، راحت تصطاد الكادرات والقيادات. بين يديها قدرة نارية هائلة واختراقات وقدرات تقنية متطورة تمكنها من إحصاء الأنفاس. وضعت هدفاً لحرب الجنوب: عدم السماح بـ«7 أكتوبر» من لبنان. لذا عند أي تسوية سيكون متعذراً العودة بالوضع إلى ما كان عليه قبل «الطوفان»! عند هذا الحد قد تبقى عشرات البلدات ركاماً، أرضاً من دون أهلها، مسيطراً عليها مباشرة أو بالنار، لضمان أمن شمال إسرائيل وسيلقى ذلك دعماً دولياً. وليس مفيداً الحديث هنا عن استمرار «المقاومة»، لأنه إذَّاك لن ينفع لبنان المعزول عن محيطه والبيدق في المشروع الإيراني، استعادة عبارة «لو كنت أعلم» الشهيرة التي أطلقها نصر الله خلال حرب يوليو (تموز) 2006، لأن القرى السبع قد تتضاعف! أما استيعاب المهجرين في مناطق أخرى فسيفتح باباً لمآسٍ خطيرة في بلدٍ شطره عمودياً صلف «حزب الله» واستهانته بمصالح اللبنانيين وحيواتهم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«لو كنت أعلم» «لو كنت أعلم»



GMT 18:32 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

فنّانو سوريا

GMT 18:31 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

المشهد اللبناني والاستحقاقات المتكاثرة

GMT 18:31 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 18:30 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

2024: البندول يتأرجح باتجاه جديد

GMT 18:29 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

جنوب لبنان... اتفاق غير آمن

GMT 18:27 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

رائحة في دمشق

GMT 18:26 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

«هشام وعز والعريان وليلى ونور وكزبرة ومنى ومنة وأسماء»

GMT 16:40 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

الوطن هو المواطن

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 14:35 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يعلن سلبية مسحة كورونا استعدادًا لمواجهة المقاصة

GMT 01:05 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الزمالك يقبل هدية الأهلي لتأمين الوصافة ويُطيح بحرس الحدود

GMT 15:44 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يبحث عن مدافعين لتدعيم صفوفه في الميركاتو الصيفي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الإثنين 12 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حفل عقد قران هنادى مهنا وأحمد خالد صالح

GMT 15:02 2020 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

خيتافي وفالنسيا يتقاسمان صدارة الدوري الإسباني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon