توقيت القاهرة المحلي 21:13:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

  مصر اليوم -

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة

بقلم:حنا صالح

قبل أسبوع من موعد 9 يناير (كانون الثاني) المحدَّد لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وإنهاء شغور مرّ عليه 26 شهراً، فإن الزمن لا يقبل اختيارات رمادية لرئاسة الجمهورية. أكثر من أي وقت سابق مطلوب للرئاسة شخص «لا يخجل حاضره ولا مستقبله من ماضيه»، من خارج منظومة الفساد، متحرِّر من الالتزامات المسبقة، صاحب موقف، مؤمن بالدستور، وقادر على الجمع تحت سقفه. إذّاك يمكن للعام الجديد أن يحمل وعوداً للبنانيين تطوي أزماناً اكتوى الناس إبانها بتسلط «منظومة النيترات» على حياتهم ومصيرهم، توّجها «حزب الله» بزج لبنان في حرب مدمرة، أنزلت بـ«الحزب» أقسى الخسائر البشرية، قيادة ونخباً وهيكلية، وأنهت قدراته العسكرية، ودفع وسيدفع كل البلد ثمنها المخيف.

بعد 36 يوماً على بدء «مرحلة وقف النار التجريبي»، رغم ما يرافقها من مخاطر نتيجة التعديات الإسرائيلية ومحاولات «حزب الله» الالتفاف على اتفاقٍ فرضه ميزان القوى العسكري، كان هو جهة التفاوض الفعلي عليه، وبات ملزماً للبنان، بعدما أقرته الحكومة التي يهيمن عليها. وبعد سقوط نظام الأسد الذي جثم 54 سنة على صدور السوريين... هناك فرصة للبنان لبدء مسيرة مغايرة، شرطها تقديم الاستجابة للقضايا الوطنية الملحَّة لبدء مرحلة انتقالية، منطلقها في لحظة حرجة إنهاء زمن الرئاسات الصورية، ليفتح الباب لبناء الدولة المرجع التي تحتضن الجميع، بديلاً عن رئاسات ضربت الأسس الحقيقية للنظام الديمقراطي.

كل حديث في هذا التوقيت عن شخصية «توافقية»، يوجه رسالة سلبية للمواطنين وللخارج، مفادها بأن القوى الطائفية رافضة رؤية حجم كارثة الداخل ومستلزمات الخروج منها، مصرَّة على حجب الحقيقة ومنع المحاسبة عن قوى نظام الرشوة، غير عابئة بالتحولات العاصفة، مع سقوط نظام البغي في دمشق، وتصدُّع الهلال الفارسي، والسقوط المدوّي للمشروع الإيراني. فتناور وتضع البلد على الحافة الأخطر لتغطية الإصرار على تكريس نزعة التحاصص الغنائمي للبلد، والذهاب إلى إعادة تكوين السلطة من متسلطين على الطوائف، فيستمر الوضع قابلاً لتبادل «الفيتوات» التي تعمِّق الانقسامات الطائفية، ليبقى في مكان ما رئيس ظلٍ، واحد أو أكثر، ويقبع لبنان في المستنقع.

هناك اليوم هزيمة للبلد، واتفاق فيه الكثير من الإذعان. تسبب بذلك «حزب الله» عندما قدَّم مصالح النظام الإيراني، وغامر بأمن اللبنانيين ولبنان، له شركاء بنسب متفاوتة هم كل أطراف المنظومة السياسية التي تعامت عن جريمة قرار الحرب والتداعيات الحتمية له. والأمر الخطير الآن يتمثل في أداء «حزب الله» وإصرار بقايا السلطة على تغطية ذلك. فتتتالى تصريحات تشير إلى نزعة إنكار وغربة عن الواقع. يهددون بالعودة إلى «المقاومة»، وكأنه لم يتغير أي شيء. يتهكم النائب حسن فضل الله على الدعوات بترك الأمر للدولة والقوى الشرعية والقرارات الدولية، ويهدد: «أمامكم فترة الـ60 يوماً... نحن نعرف هذا العدو ونعرف أنه ليس هناك ما يحمينا في مواجهته إلّا التصدي له، وإلّا سلاح المقاومة، والمعادلة الثلاثية»!

يضرب «حزب الله» عرض الحائط بحاجة لبنان إلى الاستقرار ولأمن مستدام، يجعل الحرب الأخيرة المدمرة آخر الحروب. يتشبث بالحفاظ على دوره الذي كان، كممسك بالقرار الذي عجّل وقوع الكارثة. لا يسلّم بانتهاء زمن «المقاومة الإسلامية»، وزمن «وحدة الساحات»، وعجز السلاح خارج الشرعية عن تأمين الحماية فتسبب بدمار العمران، وأعاد خطر تجدد الاحتلال بفرض حزام أمني جديد يمنع عودة عشرات ألوف الأسر المهجرة. وتشي الممارسات بتجاهل واقع أن مصير لبنان مرتبط بالامتحان العملي في تنفيذ موجبات «وقف الأعمال العدائية»، حيث تكمن المصلحة الوطنية للولوج إلى مرحلة استعادة سلام لبنان.

توازياً، تتواصل المواقف الحكومية المريبة. تتم مطالبة الشرعية الدولية بالحماية وردع إسرائيل ودعوتها إلى الانسحاب من مناطق تحتلها، وفي الوقت عينه تمتنع السلطة عن تطبيق التزامات محورها لبنان من دون سلاح لاشرعي تطبيقاً للقرار الدولي «1701». وكذلك البنود المعلنة لآلية تنفيذ الاتفاق التي وُضعت بعهدة دولية برئاسة أميركية. والأمر المقلق جداً أن الحكومة التي بصمت بالإجماع على اتفاق «حزب الله» وإسرائيل، هي لتاريخه ممتنعة عن اتخاذ قرار في مجلس الوزراء بتكليف الجيش تنفيذ الاتفاق بتسلم الأمن وجمع السلاح اللاشرعي بدءاً من الجنوب وإلى كل لبنان.

لقد أكَّدت سنوات الشغور المديد أن الرئاسة محورية لنهوض البلد واستعادة المؤسسات لدورها. واليوم، أكثر من أي وقت، فإن رئاسة متحررة مع شخص له صدقية لم تتلطخ يداه بالفساد، وتاريخه ناصع واضح، يمكن لها آنذاك حماية قيام حكومة كفاءات من خارج منظومة الفساد، قادرة على خوض مواجهة سياسية ودبلوماسية لحماية البلد وتحريره، متسلحة بثقة الداخل واحترام الخارج، وقادرة على وضع البلد على سكة التعافي من خلال إطلاق عجلة الإصلاح السياسي والاقتصادي لبناء الدولة المرتجاة.

بعد كارثة انهيار مبرمج، وإفقار عامّ، ونكبة حرب كان يمكن تجنبها، سيكون اللبنانيون بالمرصاد لمحاسبة نوابهم المدعوين للإجابة عن سؤال محوري: إلى أين سيأخذ البلد مَن انتخبتم للرئاسة؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة



GMT 12:55 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 12:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

«الداخلية» توضح دورها على طريق ديروط - أسيوط

GMT 12:50 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عراب كامب ديفيد.. الانقلاب على الإرث المر!

GMT 12:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محاكمة الساحرات

GMT 07:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 07:47 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 07:45 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الهجوم الإخواني على مصر هذه الأيام

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

مصر تتسلم مليار يورو تمويلا جديدا من الاتحاد الأوروبي

GMT 22:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 11:40 2024 الثلاثاء ,13 آب / أغسطس

نباتات ذات روائح مميزة يمكن زراعتها بالمنزل

GMT 08:12 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

السلطات السورية تفرج عن صحفي أردني بعد 5 أعوام من اعتقاله

GMT 17:48 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مفضلة لتنظيف غرفة النوم وتنظيمها

GMT 07:30 2015 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عادل لاعب "الاتحاد" يتعرض لإصابة في القدم

GMT 23:07 2016 الأحد ,14 آب / أغسطس

طريقة عمل الملبن بالمكسرات

GMT 23:13 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

مدينة الرقة السورية باتت خالية من داعش بشكل كامل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon