توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحدي مكافحة تمويل الإرهاب

  مصر اليوم -

تحدي مكافحة تمويل الإرهاب

بقلم - حنا صالح

قرعت زيارة مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب، إلى بيروت، ناقوس الخطر. والمباحثات التي أجراها السيد مارشال بيلنغسكي مع كبار المسؤولين السياسيين والمصرفيين، أكدت أن هذه الزيارة لا تندرج ضمن الزيارات الدورية التي يقوم بها مسؤولون أميركيون من هذا المستوى، بل إنها حملت إلى الجهات اللبنانية العليا، وبوضوح، الطرح الأميركي حول تعقب حركة أموال «حزب الله»؛ وهنا دقة الموضوع، لأن الحزب شريك أساسي في إدارة البلد؛ لا بل هو الجهة التي تمسك بأكثر مفاصل القرار اللبناني.

تدرك الجهات الرسمية اللبنانية أن قانون العقوبات الأميركي لعام 2015 الذي استهدف «حزب الله»، بعد تصنيفه أميركياً منظمة إرهابية، والتعديلات التي أُدخلت عليه عام 2017، تشكل الأساس الذي تنطلق منه واشنطن، متى شاءت، لاستهداف مصارف متهمة بالتعامل مع جهات؛ مؤسسات أو أفراد، تشكل غطاء أو واجهات لأنشطة «حزب الله» المالية، وهذه الأنشطة تصنفها أميركا في خانة «العمل الإجرامي». وتبعاً لهذا القانون، فإن سيف العقوبات الأميركية المالية، مسلط على الدول والمؤسسات المالية المتهمة بالاشتراك في عمليات تصنفها الإدارة الأميركية بأنها «مشبوهة».

تقول مصادر متطابقة اطلعت على أجواء الزيارة والمباحثات، إن الوفد الأميركي حمل معه وثائق ومعطيات مقلقة عن الاشتباه بدور لمصارف محددة في العمليات المالية لـ«حزب الله»، وما لفت الانتباه أكثر كان التسريب الصحافي الذي تم خلال الزيارة، ومفاده أن أربعة مصارف لبنانية، بينها اثنان من المصارف العشرة الكبرى، تتم عبرها أنشطة مالية للحزب، فبدا كأنه أُريد من الزيارة وضع كرة نار بين أيدي المسؤولين اللبنانيين، قبل الدخول في أي إجراءات عقابية. وما زالت ماثلة في الأذهان تجربة «البنك اللبناني - الكندي»، الذي اتُهم بغسل نحو 100 مليون دولار، ما أدى إلى بيعه فوراً وشطب الترخيص المعطى لمالكيه الذين، وفق قانون العقوبات إياه، منعوا من مزاولة أي عمل مالي في لبنان أو خارجه.

الموضوع بالغ الدقة والخطورة، لأنه يورط القطاع المصرفي، وهو مبدئياً بصفته قطاعاً مالياً يحظى بثقة عالمية... والسؤال هو: هل ما تقوم به هذه المصارف، إذا صحت التقارير، أمر عرضي، أم إنها على دراية به، وأن الأمر معروف من جانب المصرف المركزي، وإذا كان الأمر كذلك؛ فلماذا لم يتم تداركه قبل زيارة الوفد الأميركي؟ الأحاديث الرسمية القليلة التي جرى توزيعها على الإعلام بوصفها ملخصاً للموقف اللبناني، ركزت على ما يقوم به لبنان في مكافحة الإرهاب وتعقبه، وأن لبنان دفع ثمناً كبيراً بوصفه شريكاً في المعركة العالمية ضد الإرهاب، كما كانت هناك تأكيدات مفادها أن المصرف المركزي، وطبعاً المصارف، تلتزم بتطبيق موجبات قانون العقوبات... إلخ. لكن الأهم؛ أن الجانب اللبناني تم إبلاغه بأن الزيارة تندرج في سياق تشديد الرقابة الأميركية على حركة أموال «حزب الله»، وأن واشنطن تريد التثبت من مدى التزام لبنان بتطبيق العقوبات المالية، حيث إن القانون الأميركي يهدف لتجفيف منابع تمويل الحزب.

في هذا السياق، أبلغ الوفد الأميركي مضيفيه بأن الإدارة الأميركية، التي تنطلق من أن كل الأصول المالية للحزب في العالم لم تعد آمنة، كما أن الجهات المصرفية والبيوتات المالية المتهمة بتمويل أنشطة إرهابية في العالم لم تعد بمنأى عن الملاحقة الجدية، تتابع كذلك، وعن كثب، عمليات «حزب الله» المالية داخل لبنان. وبهذا المعنى، قالت الزيارة بالفم الملآن، إن هناك كثيراً من الأمور المكشوفة، والجهات التي جرى تداول أسمائها معنية باتخاذ خطوات سريعة لتطهير النظام المصرفي من أي عمليات تمويل متعلقة بـ«حزب الله»... ولا تنفع بعد اليوم عمليات الترقيع كما جرى قبل سنوات قليلة، بعد العبوة الشهيرة التي تم تفجيرها على الحائط الخلفي لبنك «بلوم»!
دون أدنى شك، لم تكن الزيارة روتينية؛ بل تندرج في سياق السياسة الأميركية الجديدة، التي حددتها إدارة الرئيس الأميركي ترمب، وأبرز عناوينها «مواجهة نفوذ حكام إيران».
وفي هذا السياق، جرت تدابير وتم فرض عقوبات طالت «فيلق القدس» وقياديين بارزين في النظام الإيراني، وصنفت الإدارة الأميركية «حزب الله» منظمةً إجرامية يتصل دورها بغسل الأموال، والاتجار بالمخدرات، وإقامة شبكات إرهابية في العالم.

ما يجري ليس بالأمر السهل على أهل السلطة في لبنان؛ حيث «حزب الله» يدير واقعياً «التسوية» بين «خصوم» الأمس، وهؤلاء كلهم بالعمق يبذلون كل الحرص على استمرار الوضع الراهن، وإن كانت أكثر الخلافات بينهم تتعلق بحجم الحصص في كعكة الحكم، وليس مصير البلد في منطقة تلفها الحرائق والمتغيرات الديموغرافية. لذا؛ من غير المتوقع الذهاب إلى إجراءات جدية وحقيقية لدرء الإعصار، رغم إدراكهم - كل السلطة - أن الرتوش التجميلية لن تكون كافية، ومع علم الجميع بأن أي هزة تصيب القطاع المصرفي صاحب الدور المحوري في اقتصاد البلد، لن يتمكن لبنان من تحمل تداعياتها، وهم إذا كانوا بالأمس القريب قد استخفّوا بالتحذيرات التي أطلقها الوزير عادل الجبير، فلم يعد جائزاً الآن دفن الرأس بالرمال. وبداية الدفاع عن المصالح الحقيقية للبنانيين، تتطلب رفع الصوت للتبرؤ من كثير من الممارسات، التي تبدأ بتحويل لبنان منصة تدخل وعدوان ضد كثير من البلدان العربية، إلى رصيف لترويج الكبتاغون وكل المخدرات في غير اتجاه.

نقلا عن الاهرام القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحدي مكافحة تمويل الإرهاب تحدي مكافحة تمويل الإرهاب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon