توقيت القاهرة المحلي 06:05:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحدي مكافحة تمويل الإرهاب

  مصر اليوم -

تحدي مكافحة تمويل الإرهاب

بقلم - حنا صالح

قرعت زيارة مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب، إلى بيروت، ناقوس الخطر. والمباحثات التي أجراها السيد مارشال بيلنغسكي مع كبار المسؤولين السياسيين والمصرفيين، أكدت أن هذه الزيارة لا تندرج ضمن الزيارات الدورية التي يقوم بها مسؤولون أميركيون من هذا المستوى، بل إنها حملت إلى الجهات اللبنانية العليا، وبوضوح، الطرح الأميركي حول تعقب حركة أموال «حزب الله»؛ وهنا دقة الموضوع، لأن الحزب شريك أساسي في إدارة البلد؛ لا بل هو الجهة التي تمسك بأكثر مفاصل القرار اللبناني.

تدرك الجهات الرسمية اللبنانية أن قانون العقوبات الأميركي لعام 2015 الذي استهدف «حزب الله»، بعد تصنيفه أميركياً منظمة إرهابية، والتعديلات التي أُدخلت عليه عام 2017، تشكل الأساس الذي تنطلق منه واشنطن، متى شاءت، لاستهداف مصارف متهمة بالتعامل مع جهات؛ مؤسسات أو أفراد، تشكل غطاء أو واجهات لأنشطة «حزب الله» المالية، وهذه الأنشطة تصنفها أميركا في خانة «العمل الإجرامي». وتبعاً لهذا القانون، فإن سيف العقوبات الأميركية المالية، مسلط على الدول والمؤسسات المالية المتهمة بالاشتراك في عمليات تصنفها الإدارة الأميركية بأنها «مشبوهة».

تقول مصادر متطابقة اطلعت على أجواء الزيارة والمباحثات، إن الوفد الأميركي حمل معه وثائق ومعطيات مقلقة عن الاشتباه بدور لمصارف محددة في العمليات المالية لـ«حزب الله»، وما لفت الانتباه أكثر كان التسريب الصحافي الذي تم خلال الزيارة، ومفاده أن أربعة مصارف لبنانية، بينها اثنان من المصارف العشرة الكبرى، تتم عبرها أنشطة مالية للحزب، فبدا كأنه أُريد من الزيارة وضع كرة نار بين أيدي المسؤولين اللبنانيين، قبل الدخول في أي إجراءات عقابية. وما زالت ماثلة في الأذهان تجربة «البنك اللبناني - الكندي»، الذي اتُهم بغسل نحو 100 مليون دولار، ما أدى إلى بيعه فوراً وشطب الترخيص المعطى لمالكيه الذين، وفق قانون العقوبات إياه، منعوا من مزاولة أي عمل مالي في لبنان أو خارجه.

الموضوع بالغ الدقة والخطورة، لأنه يورط القطاع المصرفي، وهو مبدئياً بصفته قطاعاً مالياً يحظى بثقة عالمية... والسؤال هو: هل ما تقوم به هذه المصارف، إذا صحت التقارير، أمر عرضي، أم إنها على دراية به، وأن الأمر معروف من جانب المصرف المركزي، وإذا كان الأمر كذلك؛ فلماذا لم يتم تداركه قبل زيارة الوفد الأميركي؟ الأحاديث الرسمية القليلة التي جرى توزيعها على الإعلام بوصفها ملخصاً للموقف اللبناني، ركزت على ما يقوم به لبنان في مكافحة الإرهاب وتعقبه، وأن لبنان دفع ثمناً كبيراً بوصفه شريكاً في المعركة العالمية ضد الإرهاب، كما كانت هناك تأكيدات مفادها أن المصرف المركزي، وطبعاً المصارف، تلتزم بتطبيق موجبات قانون العقوبات... إلخ. لكن الأهم؛ أن الجانب اللبناني تم إبلاغه بأن الزيارة تندرج في سياق تشديد الرقابة الأميركية على حركة أموال «حزب الله»، وأن واشنطن تريد التثبت من مدى التزام لبنان بتطبيق العقوبات المالية، حيث إن القانون الأميركي يهدف لتجفيف منابع تمويل الحزب.

في هذا السياق، أبلغ الوفد الأميركي مضيفيه بأن الإدارة الأميركية، التي تنطلق من أن كل الأصول المالية للحزب في العالم لم تعد آمنة، كما أن الجهات المصرفية والبيوتات المالية المتهمة بتمويل أنشطة إرهابية في العالم لم تعد بمنأى عن الملاحقة الجدية، تتابع كذلك، وعن كثب، عمليات «حزب الله» المالية داخل لبنان. وبهذا المعنى، قالت الزيارة بالفم الملآن، إن هناك كثيراً من الأمور المكشوفة، والجهات التي جرى تداول أسمائها معنية باتخاذ خطوات سريعة لتطهير النظام المصرفي من أي عمليات تمويل متعلقة بـ«حزب الله»... ولا تنفع بعد اليوم عمليات الترقيع كما جرى قبل سنوات قليلة، بعد العبوة الشهيرة التي تم تفجيرها على الحائط الخلفي لبنك «بلوم»!
دون أدنى شك، لم تكن الزيارة روتينية؛ بل تندرج في سياق السياسة الأميركية الجديدة، التي حددتها إدارة الرئيس الأميركي ترمب، وأبرز عناوينها «مواجهة نفوذ حكام إيران».
وفي هذا السياق، جرت تدابير وتم فرض عقوبات طالت «فيلق القدس» وقياديين بارزين في النظام الإيراني، وصنفت الإدارة الأميركية «حزب الله» منظمةً إجرامية يتصل دورها بغسل الأموال، والاتجار بالمخدرات، وإقامة شبكات إرهابية في العالم.

ما يجري ليس بالأمر السهل على أهل السلطة في لبنان؛ حيث «حزب الله» يدير واقعياً «التسوية» بين «خصوم» الأمس، وهؤلاء كلهم بالعمق يبذلون كل الحرص على استمرار الوضع الراهن، وإن كانت أكثر الخلافات بينهم تتعلق بحجم الحصص في كعكة الحكم، وليس مصير البلد في منطقة تلفها الحرائق والمتغيرات الديموغرافية. لذا؛ من غير المتوقع الذهاب إلى إجراءات جدية وحقيقية لدرء الإعصار، رغم إدراكهم - كل السلطة - أن الرتوش التجميلية لن تكون كافية، ومع علم الجميع بأن أي هزة تصيب القطاع المصرفي صاحب الدور المحوري في اقتصاد البلد، لن يتمكن لبنان من تحمل تداعياتها، وهم إذا كانوا بالأمس القريب قد استخفّوا بالتحذيرات التي أطلقها الوزير عادل الجبير، فلم يعد جائزاً الآن دفن الرأس بالرمال. وبداية الدفاع عن المصالح الحقيقية للبنانيين، تتطلب رفع الصوت للتبرؤ من كثير من الممارسات، التي تبدأ بتحويل لبنان منصة تدخل وعدوان ضد كثير من البلدان العربية، إلى رصيف لترويج الكبتاغون وكل المخدرات في غير اتجاه.

نقلا عن الاهرام القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحدي مكافحة تمويل الإرهاب تحدي مكافحة تمويل الإرهاب



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 05:30 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات
  مصر اليوم - لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات

GMT 17:24 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم
  مصر اليوم - دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم

GMT 04:39 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
  مصر اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد تزوير الانتخابات يدعمه إيلون ماسك

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد

GMT 09:11 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon